المعارضة تعتبر الروس هدفًا مشروعًا.. وحجاب يقطع زيارته لنيويورك

قيادي في الائتلاف: موسكو أبلغت أطرافًا دولية بنيتهم تفريغ حلب خلال أسبوعين

سكان محليون يتفقدون الدمار الذي لحق بحيهم (القاطرجي) شرق حلب الذي استهدفه الطيران الروسي والأسدي أمس (رويترز)
سكان محليون يتفقدون الدمار الذي لحق بحيهم (القاطرجي) شرق حلب الذي استهدفه الطيران الروسي والأسدي أمس (رويترز)
TT

المعارضة تعتبر الروس هدفًا مشروعًا.. وحجاب يقطع زيارته لنيويورك

سكان محليون يتفقدون الدمار الذي لحق بحيهم (القاطرجي) شرق حلب الذي استهدفه الطيران الروسي والأسدي أمس (رويترز)
سكان محليون يتفقدون الدمار الذي لحق بحيهم (القاطرجي) شرق حلب الذي استهدفه الطيران الروسي والأسدي أمس (رويترز)

أغلق القصف الجوي العنيف على أحياء حلب الشرقية، بعد سقوط الهدنة السورية الأسبوع الماضي، كل الطرق المؤدية إلى إيجاد حل سلمي، إذ قابلت المعارضة «الخيار العسكري» الذي ينتهجه النظام، بالتصعيد، وأعلنت أن العملية السياسية «غير مجدية ولا معنى لها ما لم يتوقف القتال على الفور ويتم السماح بوصول المساعدات برعاية الأمم المتحدة»، مؤكدة رفضها للطرف الروسي كطرف راع للعملية التفاوضية «كونه شريكا للنظام في جرائمه ضد شعبنا». بينما قطع د. رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات وأنس العبدة رئيس الائتلاف الوطني السوري والوفد المرافق، زيارتهم للولايات المتحدة، إثر التصعيد العسكري وحرب الإبادة التي تشنها روسيا على حلب، والذي أسفر عن استشهاد المئات، أغلبهم أطفال ونساء.
وتتجه الخيارات المتاحة في سوريا أمام الطرفين باتجاه «الخيار العسكري»، وهو ما يشير بوضوح إلى نعي العملية التفاوضية التي توقفت قبل أشهر قليلة بين الطرفين. وفيما تمضي روسيا والنظام بحملة قصف جوي متصاعد في حلب وريفها، فعلت المعارضة السياسية تواصلها مع الفصائل العسكرية المعتدلة المنضوية تحت «الجيش السوري الحرّ»، واجتمع الطرفان مساء السبت، حيث أصدرا قرارًا مشتركًا بإجراء مراجعة للعملية التفاوضية، وبحث سبل تفعيل العمل العسكري، بموازاة سحب المعارضة لممثليها من اجتماعات نيويورك.
وقال عضو الائتلاف الوطني السوري أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «مراجعة للعملية التفاوضية مع النظام وفي سياق الرعاية لها من الجانب الروسي والأميركي»، لافتًا إلى «أننا أمضينا 4 سنوات نخوض المفاوضات من طرف واحد، ما يعني أن هناك مشكلة تتعلق بعدم وجود شريك تفاوضي، ومشكلة الرعاية السياسية لها».
وقال رمضان إن الروس «شركاء بالجريمة والإبادة، ولا يمكن أن يكونوا طرفًا في الحل، وهناك طرف أميركي من الناحية الفعلية لا يقوم بما يجب أن يقوم به لوقف الجرائم، وبالتالي فإن هناك مشكلة تكمن في العملية التفاوضية بالذات». وأشار إلى أن النقطة الثانية «تتعلق بالعملية السياسية نفسها، فأسسها تقوم على التفاوض والحل السياسي، بينما هناك طرف (النظام) يمضي بالخيار العسكري، وفي المقابل يمنع الأميركيون تسليح المعارضة كما يمنعون إقامة المنطقة الآمنة لحماية المدنيين».
وأضاف: «أمام هذا الواقع والتصعيد العسكري من قبل النظام والروس، تعيد المعارضة النظر بمواقفها وتعيد النظر بالعملية السياسية والعسكرية، وعليه اتخذ القرار بقطع زيارة وفد المعارضة السورية إلى نيويورك وعودة رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب ورئيس الائتلاف الوطني أنس العبدة مباشرة»، لافتًا إلى أن هناك «اجتماعات الآن ستتم بين القوى السياسية، وبين السياسية والعسكرية لاتخاذ الموقف السياسي وتقدير الموقف العسكري المناسب إزاء تلك التطورات».
وقال رمضان: «في السابق التزمنا بالهدنة ولم نقم بعمليات إلا للدفاع عن النفس، لكن لن يكون هناك مناطق آمنة للنظام ولا للروس، فالروس اليوم نعتبرهم قوة احتلال وباتوا هدفًا مشروعًا للمقاومة السورية بالنظر إلى حجم الجريمة واستخدام أسلحة محرمة دوليا تتسبب بقتل المدنيين».
ويحمل الموقف مؤشرات بالغة على تصعيد عسكري مرتقب في الميدان السوري، ما يعني نهاية حتمية لمباحثات الحل السلمي للأزمة السورية. وقال رمضان: «نعتبر رفض النظام علانية للهدنة، واستئناف الروس للقصف، هو إطلاق رصاصة الرحمة على المفاوضات». وأضاف رمضان: «الروس أبلغوا أطرافًا دولية وبينها الولايات المتحدة بأنهم سيقومون بتفريغ حلب من سكانها خلال أسبوعين، وهذا يعني أنهم اتخذوا قرارًا بالاتجاه إلى الحسم العسكري بطريقة دموية»، مشيرًا إلى أنه «أمام هكذا قرار، المعارضة لا تعول على عملية تفاوضية بلا جدوى، ولا عملية سياسية بلا حماية، ولا مجتمع دولي غير قادر على إدانة القاتل وحماية المدنيين»، مضيفًا: «على أميركا أن تعرف أن السوريين لن يسكتوا على المجازر التي ترتكب بالسوريين، وكل الخيارات الآن باتت مفتوحة أمامهم وبينها الخيار العسكري».
قطع د. رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات وأنس العبدة رئيس الائتلاف الوطني السوري والوفد المرافق، زيارتهم للولايات المتحدة، إثر التصعيد العسكري وحرب الإبادة التي تشنها روسيا على حلب، والذي أسفر عن استشهاد المئات، أغلبهم أطفال ونساء.
وكان المنسق العام استنكر أثناء لقاءات عقدها على هامش الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك العجز والشلل الدولي إزاء الانتهاكات والمجازر المروعة التي ترتكبها روسيا وإيران والنظام بحق المدنيين السوريين، مشيرًا إلى أنّه «لم يعد ممكنا الاستمرار في سياسة ترضية القتلة بحجة محاربة الإرهاب، لأنّ الركون لشروط القتلة ومهادنتهم يخالف الميثاق الذي قامت عليه الأمم المتحدة».
وقال: «آن الأوان أن يرمم المجتمع الدولي والأمم المتحدة الثقة المفقودة مع الإنسان السوري، والذي أمسى على قناعة تامة، بأن جنسية الفرد، هي المعيار الذي يحدد قدسية الإنسان في القانون الدولي».
وأمام التصعيد العسكري في الميدان، أكد الائتلاف الوطني السوري والجيش السوري الحر بحضور 35 فصيلاً من داخل وخارج سوريا، في إسطنبول، أمس، رفض العملية التفاوضية وفق الأسس الراهنة ووصفاها بأنها «لم تعد مجدية ولا معنى لها»، كما أعلنت الأطراف المجتمعة: «عدم قبول الطرف الروسي كطرف راع للعملية التفاوضية، كونه شريكا للنظام في جرائمه ضد شعبنا».
وصدر بيان عن الاجتماع يدين «محاولة تدمير حلب»، داعيًا الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى محاكمة النظام السوري لاستخدامه السلاح المحرّم دوليًا، وإجراء تحقيق مفصّل عن حادثة قصف قافلة المساعدات الإنسانية.
وطالب الاجتماع، بـ«محاكمة النظام السوري الذي يستخدم في هجومه على حلب السلاح الكيماوي والقنابل العنقودية بكثافة لم يُرَ لها مثيل من قبل، للتعجيل بتنفيذ استراتيجية التغيير الديموغرافي». واعتبرت الأطراف، أن «أي اتفاق دولي لوقف إطلاق النار والعمليات العدائية يجب أن يشمل وقف جميع عمليات القصف والقتل والتهجير القسري، بأي وسيلة كانت، وفك الحصار ودخول المساعدات دون قيود، وبإشراف الأمم المتحدة، وإبطال جميع الاتفاقيات التي تم انتزاعها من أهالي المناطق المحاصرة تحت سياسة (الجوع أو الركوع) والتي تهدف إلى تهجيرهم القسري». كما أعلنت «دعوة ممثلي الائتلاف الوطني وفصائل الثورة العسكرية في الهيئة العليا للمفاوضات للتشاور وبحث الخيارات المتاحة».
من جهته، قال عبد الإله فهد نائب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «سنعقد اجتماعًا في إسطنبول يومي 2 و3 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لتقييم الهجوم المكثف الذي تتعرض له حلب حاليًا وتقرير خطوات جادة بشأنه»، مشددًا على أي اتفاق جديد بشأن وقف إطلاق النار لا بد أن يشمل جميع عمليات القصف والقتل والتهجير القسري.
وأضاف: «من الواضح تمامًا أن الحرب التي تتعرض لها حلب هي حرب تدمير كاملة بكل معنى الكلمة، وتترافق مع اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، ومن تجربتنا وجدنا أن أي اجتماع دولي يسبقه ويتخلله حدث إجرامي همجي وقصف جوي وبري مكثف ينفذه النظام السوري تحت مظلة وقيادة معاونيه وحلفائه، في تحدٍ صارخ للمجتمع الدولي ولا مبالاة وعدم اكتراث لكل القرارات والمواثيق والاتفاقات الدولية».
ولفت إلى أن حلب تتعرض يوميًا لأكثر من مائة غارة يوميًا، يستخدم فيها النظام البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية الجديدة والسلاح الكيماوي المحرم دوليًا، الأمر الذي جعل الاستراتيجية التي يعمل بها هي توسيع دائرة التدمير بشكل كبير جدًا، أمام أعين المجتمع الدولي.



سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
TT

سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)

أعد فلسطينيون في شمال قطاع غزة مخيمات للأسر النازحة، الخميس، قبل عودتهم المتوقعة بعد يومين إلى مناطق كانت فيها منازلهم وفقاً للجدول الزمني لاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وفي منطقة مفتوحة محيطة ببنايات تم تفجيرها، بدأت مجموعة من الرجال في نصب خيام بيضاء في صفوف لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال يوم السبت عندما تفرج حركة «حماس» عن المجموعة الثانية من الرهائن مقابل إطلاق سراح العشرات من الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

ومن المتوقع أن يعود مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة إلى منازل تحولت أطلالاً بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية التي استمرت 15 شهراً وحولت أغلب القطاع أنقاضاً وقتلت أكثر من 47 ألفاً من سكانه.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، عادت القوات الإسرائيلية برياً إلى مناطق في الشمال في عملية كبرى ضد عناصر «حماس» ركزت على مخيم جباليا للاجئين قرب مدينة غزة وبيت حانون وبيت لاهيا، وأخلت مناطق كاملة من سكانها وهدمت أغلب البنايات.

تساءل وائل جندية وهو يجهز خيمة لأبنائه الذين سيعودون من منطقة المواصي الساحلية التي لجأوا إليها في الجنوب كيف ستكفيهم مساحات تلك الخيام «هاي الخيمة اللي بنحلم فيها؟ هتكفي 8 أنفار 10 أنفار. هذا لولادنا من الجنوب... هاي مساحة هادي؟»

وتابع قائلاً لـ«رويترز»: «المفروض مساحة أكبر من هيك... طب يوم السبت هييجوا من الجنوب هيغمروا غزة كلها. وين هيروحوا؟ هذا المخيم كام نفر بده ياخد؟ ميه متين؟ طب والباقي. مليون ونص إحنا جايين من الجنوب».

الخيام الجديدة تحيطها الأبنية المدمَّرة جراء الحرب (رويترز)

وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة بعد أن اقتحم مسلحون من حركة «حماس» الحدود في السابع من أكتوبر 2023. وتقول إحصاءات إسرائيلية إن ذلك الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ونشرت «حماس» بياناً، الخميس، تقول إن عودة الأسر النازحة ستبدأ بعد استكمال التبادل يوم السبت وبمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية من الطريق الساحلية إلى الشمال، ومن المتوقع تسليم أربعة رهائن على الأقل لإسرائيل يوم السبت.

وجاء في بيان «حماس»: «من المقرر في اليوم السابع للاتفاق (25 يناير/كانون الثاني 2025) وبعد انتهاء عملية تبادل الأسرى يومها، وإتمام الاحتلال انسحابه من محور شارع الرشيد (البحر)... سيُسمح للنازحين داخلياً المشاة بالعودة شمال دون حمل السلاح ودون تفتيش عبر شارع الرشيد، مع حرية التنقل بين جنوب قطاع غزة وشماله».

وأضاف البيان: «سيتم السماح للمركبات (على اختلاف أنواعها) بالعودة شمال محور نتساريم بعد فحص المركبات».

العودة سيراً على الأقدام

قالت «حماس» إنها ستسمح للناس بالعودة سيراً على الأقدام على طول الطريق الساحلية؛ وهو ما يعني المشي لكيلومترات عدة حتى المنطقة الرسمية في الشمال من حيث يمكنهم محاولة استقلال مركبات سيتم تفتيشها عند نقاط التفتيش.

وشددت الحركة على عدم حمل العائدين أسلحة.

وذكر سامي أبو زهري القيادي الكبير في «حماس» أن الحركة على اتصال بأطراف عربية ودولية عدة للمساعدة في عملية العودة والإغاثة بطرق، من بينها توفير الخيام.

وأضاف أن «حماس» ستبدأ العمل فوراً على ترميم المنازل التي لم تدمر بالكامل.

وقال لـ«رويترز»: «سنقوم بتوظيف كل إمكاناتنا من أجل مساعدة أهلنا، البلديات لديها خطة معدّة لاستقبال العائلات العائدة إلى الشمال وتوفير خيام لهم».

وعاد كثيرون للعيش داخل منازلهم المدمرة في جباليا، أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية القديمة في قطاع غزة الذي كان محط تركيز الحملة الإسرائيلية في الأشهر الثلاثة الماضية، وأشعلوا نيراناً محدودة في محاولة لتدفئة أطفالهم.

وقال محمد بدر، وهو أب لعشرة أطفال: «بيقولك هدنة ووقف إطلاق النار وإدخال مساعدات، هاي إلنا تالت يوم مروحين، الماي (المياه) مش لاقيين نشربها، ولا (أغطية) لاقين نتغطى فيه إحنا وأطفالنا، طول الليل نتناوب على أي اشي، على النار، والنار يا ريت عندنا حطب، بنولع بلاستيك، قتلنا خلى معانا أمراض».

وقالت زوجته إنها لا تستطيع أن تصدق حجم الدمار.

وأضافت: «اتصدمت، ولا في دار واحد، كله ردم، مفيش ولا حاجة، الشوارع ما تعرفش تمرق (تسير) منها، كله فوق بعضه، أصلاً انت بتوه هايدي داري ولا مش داري؟ وريحة الجتت والشهداء في الشوارع».