أفلام عربية تسابق لترشيحات أوسكار 2017

ستة منها جالت مهرجانات عربية وعالمية

من «لا تتنفس» - من فيلم «بركة يقابل بركة»
من «لا تتنفس» - من فيلم «بركة يقابل بركة»
TT

أفلام عربية تسابق لترشيحات أوسكار 2017

من «لا تتنفس» - من فيلم «بركة يقابل بركة»
من «لا تتنفس» - من فيلم «بركة يقابل بركة»

قبل الموعد النهائي لاستلام أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية في لوس أنجليس طلبات اشتراك الأفلام الأجنبية الآملة في دخول مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، وهو الموعد المحدد بتاريخ الثالث من الشهر المقبل، سارعت سبع دول عربية لإرسال أفلامها التي تريد لها أن تدخل هذا السباق.
وكما هو معلوم، فإن المسابقة حكرًا على الأفلام غير الناطقة باللغة الإنجليزية، وإن كانت بنسبة تزيد على 30 في المائة من الفيلم، وهذا متوفر في الأفلام العربية السبعة التي تدخل الترشيحات التمهيدية هذا العام. والشرط الثاني هو أن تكون الصناعة محلية بنسبة غالبة، وهذا مطبّق على كل فيلم يتم قبوله، ونذكر في العام الماضي قيام الأكاديمية برد فيلم صيني، كون كثير من منتجيه أميركيين وبريطانيين.
وهذا الشرط الثاني متوفر أيضًا بالنسبة لهذه الأفلام. وبما أنها جميعًا أرسلت في الوقت المناسب، وبلا تأخير، فإن المسألة بعد ذلك تكمن عند لجنة مشاهدة الأفلام الأجنبية التي عليها أن تشاهد لا الأفلام العربية وحدها، بل نحو 70 فيلما آخر من كل أطراف الدنيا.
* مواضيع معاشة
المرحلة الثانية هي اختيار الأفلام العالمية الخمسة التي ستدخل المسابقة رسميًا، والثالثة هي إعلان الفائز من بينها. والمشكلة هي أنه من غير المنصف أن يتم اختزال أكثر من 70 فيلم في العام إلى خمسة فقط، مما يحصر الاهتمام عادة بنسبة ضئيلة جدًا بالمقارنة مع ما تقدّم، خصوصًا أن هناك حرصًا من قِبل الدول على إرسال ما تعتبره أفضل ما لديها.
طبعًا، لا نتوقع أن يتم تغيير هذا الوضع، وإن تغير فليس هذه السنة. وما هو حاضر اليوم يتمثل في هذه الأفلام السبعة، وما تحمله من آمال بالنسبة لأصحابها، كما بالنسبة لدولها المعنية حاليًا بتنشيط هذا القطاع، أو النشطة فيه بالفعل منذ سنوات.
أما الأفلام، فهي:
- «اشتباك» لمحمد دياب (مصر).
- «بركة يقابل بركة» لمحمود صبّاغ (السعودية).
- «مسافة ميل بحذائي» لسعد خلاف (المغرب).
- «فيلم كتير كبير» لمير جان بوشعيا (لبنان).
- «زهرة حلب» لرضا الباهي (تونس).
- «البئر» للطفي بوشوشي (الجزائر).
- «الكلاسيكو» لحلقوت مصطفى (العراق).
ستة من هذه الأفلام جالت مهرجانات عربية وعالمية، وهي «اشتباك» الذي افتتح تظاهرة «نظرة ما» في مهرجان «كان»، و«بركة يقابل بركة» الذي نال نجاحًا ملحوظًا حينما عرض في برلين، ولاحقًا في تورنتو، و«مسافة ميل بحذائي» الذي خرج بالجائزة الأولى في المهرجان الوطني للفيلم في المغرب، و«البئر» الذي فاز بالجائزة الأولى في مهرجان مسقط، ثم «الكلاسيكو» الذي جال ربما أكثر من سواه، بداية بعروضه في مهرجان دبي السينمائي الأخير.
والفيلم السابع، «زهرة حلب»، ما زال طازجًا. فقد توقعنا مشاهدته في فينيسيا، لكنه لم يعرض فيها، وهو مرشح لأن يعرض في أي من المهرجانات العربية الثلاثة المقبلة، وهي قرطاج والقاهرة ودبي. وهو الوحيد أيضًا الذي يتداول الموضوع السوري الشائك، بعدما صوّر المخرج المخضرم رضا الباهي الفيلم في لبنان، قبيل نهاية العام الماضي ومطلع هذا العام.
وبالنسبة للفيلم اللبناني «كتير كبير»، فإنه العمل الروائي الطويل الأول لصاحبه مير جان بوشعيا، وفيه وصف دقيق لمجتمع ما زال يقبع في التفرقة من حيث لا يعترف. وكان أحد ثلاثة أفلام شاهدتها وزارة الثقافة اللبنانية لاختيار الفيلم الذي سيمثل لبنان. الفيلمان الآخران كان «الباريسية» لدانيال عربيد و«بالحلال» لأسد فولدكار. الأول أكثر انتماء إلى الإنتاج والتكوين الفرنسي منه إلى اللبناني، والثاني كوميديا جيّدة، لكن كان على اللجنة التي أنشأتها الوزارة أن تختار فيلمًا واحدًا على أي حال. سوف يكون من العبث الآن طرح تخمين في أي من هذه الأفلام، وقد شوهدت جميعًا باستثناء «زهرة حلب»، سيستطيع دخول الترشيحات الرسمية. «بركة يقابل بركة» عمل كوميدي جيّد، لا في طرحه موضوعه الاجتماعي المعاش فحسب، بل أيضًا تنفيذا، كذلك «اشتباك» الذي يتميّز عن باقي الأفلام المشاهدة بأنه أكثر سخونة، كونه يدور حول الفترة القريبة التي شهدت صراع القوى في الشارع المصري، بعدما عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
الفيلم الآخر الذي يتعامل مع مواضيع اجتماعية آنية هو «الكلاسيكو»، والذي يدور حول شقيقين قزمين يقومان بمغامرة الخروج من القطاع الكردي في العراق إلى بغداد، ومنها التسلل إلى أوروبا، للوصول إلى فرنسا. واختيار ممثلين قزمين، بالإضافة إلى ما يمرّان به من أحداث عاصفة في كل حين، سيعزز احتمال دخول الفيلم تلك الترشيحات الأخيرة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».