بلدية تركية تحول طائرة «إيرباص».. إلى مكتبة أطفال

لتشجيع الجيل الجديد على المطالعة واكتشاف تاريخ الملاحة الجوية

مكتبة الإيرباص من الداخل ({الشرق الأوسط})
مكتبة الإيرباص من الداخل ({الشرق الأوسط})
TT

بلدية تركية تحول طائرة «إيرباص».. إلى مكتبة أطفال

مكتبة الإيرباص من الداخل ({الشرق الأوسط})
مكتبة الإيرباص من الداخل ({الشرق الأوسط})

تسعى البلديات في أنحاء تركيا إلى جذب المواطنين لممارسة أنشطة ثقافية واجتماعية مفيدة، من خلال أفكار مبتكرة، منها إقامة مهرجانات الموسيقى والفلكلور، وحتى المسابقات الغريبة مثل المشاجرات بالمخدات، أو إقامة أسواق الملابس المستعملة بأسعار رخيصة وغيرها.
وأصبحت مهرجانات البقلاوة والمأكولات التركية الشعبية والمخللات طقسًا سنويًا في بعض البلديات، وامتدت إلى الموسيقى المتخصصة كموسيقى الجاز، وحتى مهرجانات آلة الكلارينيت التي تقام في الحدائق العامة.
ومن جانبها، قدمت بلدية تشانكيري في وسط تركيا كرائدة في مجال الاهتمام بالقراءة والتثقيف، فبعد أن قامت بتحويل قطار قديم إلى مكتبة للمطالعة والقراءة بدأت خطة مماثلة لتحويل طائرة ركاب من طراز «إيرباص A 300» إلى مكتبة عامة ستفتتح يوم السبت المقبل بعد أن خرجت الطائرة من الخدمة.
واشترت البلدية الطائرة بعد الإعلان عن انتهاء عمرها الافتراضي، بهدف تحويلها إلى مكتبة عامة للأطفال، وقامت بتفكيكها إلى 5 أجزاء لنقلها من مدينة إسطنبول عبر 5 شاحنات.
من جانبه، قال رئيس بلدية تشانكيري عرفان دينج إنه بعد استقدام الطائرة من إسطنبول إلى المدينة الواقعة في وسط تركيا، تم تجميع أجزائها مجددًا وتصميم مكتبة بداخلها ليتردد عليها ويمارسون هواية المطالعة فيها.
وأضاف دينج أن البلدية تهدف من هذه الخطوة إلى تشجيع الأطفال على القراءة والمطالعة، لافتًا إلى أن البلدية تعمل على تنويع أساليب جذب الأطفال والكبار أيضًا وتشجعهم على القراءة.
ولفت إلى أن بلدية تشانكيري قامت قبل عامين بتحويل قطار مكون من قاطرة وعربتين إلى مكتبة، ويعتزمون أيضًا تحويل سفينة قديمة إلى مكتبة من أجل تحفيز الأطفال والطلاب على المطالعة وزيارة عدد المكتبات العامة.
وقال دينج إن المكتبة التي سيتم افتتاحها داخل الطائرة ستقدم خدمات لقرابة 50 طالبًا في آنٍ واحد، كما سيتمكن أهالي الطلاب من الحضور إلى المكتبة ومراقبة ومتابعة الفعاليات التي يقوم بها أطفالهم.
وأضاف أن الطائرة لن تكون مجرد مكتبة فقط، لأننا سنقوم بتزويد زائريها بمعلومات عن تاريخ الملاحة الجوية في العالم وتركيا أيضًا، وسيكون بإمكان الطلاب التعرف على قمرة قيادة الطائرة وتلقي معلومات عنها والتقاط صور تذكارية وهم جالسون على مقعد القيادة.
وانتهت الفرق المشرفة على إعداد المكتبة من تصميمها الداخلي في الطائرة، كما قامت بوضع اللمسات الأخيرة على هيكلها الخارجي ليصبح جذابًا للأطفال. وأوضح دينج أن المشاريع التي تقوم البلدية بتنفيذها تهدف إلى رفع المستوى الثقافي والعلمي لدى الأطفال والشباب، قائلا إن تركيا بحاجة إلى جيل مثقف ومتعلم، فمن أراد توسيع ثقافته وزيادة معرفته عليه بالمطالعة والقراءة لأنهما سبيل المعرفة.
ولفت رئيس بلدية تشانكيري إلى أن البلدية قامت بإنشاء الكثير من المكتبات في المدارس المنتشرة في المدينة، قائلا إن فتح هذه المكتبات لخدمة الأطفال والشباب وتحبيبهم في القراءة يقدم خدمة كبيرة لهم، ويفتح أمامهم مجالات جديدة للتفكير والابتكار.
ومن المقرر أن تفتتح بلدية تشانكيري خلال أشهر قليلة مكتبة أخرى يتم إنشاؤها داخل سفينة قديمة حتى لا تكون متعة القراءة فيها قاصرة على وسائل النقل البري والجوي فقط، بل تمتد إلى عالم البحار أيضًا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».