عرض أول لفيلم «زيزو» للمخرج فريد بوغدير في تونس

اعتراض الجهة الفرنسية المنتجة للفيلم على العنوان

المخرج فريد بوغدير ({الشرق الأوسط})
المخرج فريد بوغدير ({الشرق الأوسط})
TT

عرض أول لفيلم «زيزو» للمخرج فريد بوغدير في تونس

المخرج فريد بوغدير ({الشرق الأوسط})
المخرج فريد بوغدير ({الشرق الأوسط})

كشف المخرج التونسي فريد بوغدير عن اعتراض الجهة الفرنسية المنتجة لفيلم «زيزو» على عنوان فيلمه الجديد الذي قدمه في عرض أول يوم الأربعاء الماضي بمقر المعهد الفرنسي بتونس. وقال بوغدير إثر العرض أن الفرنسيين قالوا له «ثمة زيزو وحيد في فرنسا وهو اللاعب الدولي السابق للمنتخب الفرنسي زين الدين زيدان»، غير أنه تمسك بنفس العنوان معللا هذا الموقف بأن في كل مجتمع زيزو «أحدهم تميز في مجال الرياضة والثاني تميز في علاقاته الاجتماعية المتعددة، على حد قوله».
وفي تقديمه للفيلم الجديد الذي يحمل رسميا اسم «زيزو» باللغة العربية، رغم الاعتراضات الفرنسية، قال بوغدير إنه فيلم كوميدي وهو ثالث أفلامه الروائية الطويلة بعد «عصفور سطح» (1990) و«صيف حلق الوادي» (1996)، وأشار إلى أن هناك خيطا رابطا بين أفلامه الثلاثة وهو أن طفل التسعينات كبر قليلا ولكنه ظل على هامش المجتمع فقد قضى طفولته فوق سطوح المنازل في المدينة العتيقة، وعندما كبر ظل فوق السطوح لإصلاح أطباق اللاقط الهوائي.
ويروي فيلم «زيزو» أو «عطر الربيع» كعنوان باللغة الفرنسية، قصة شاب تونسي حاصل على شهادة جامعية ولكنه عاطل عن العمل، يترك قريته البعيدة تحت الضرورة ويستقر في العاصمة التونسية بحثا عن عمل.
ولحاجته إلى أي عمل يضمن قوته، فقد قبل بالانخراط في تركيب الهوائيات الفضائية فوق أسطح المنازل التونسية، وهي مهنة تعلمها أيام الصبا.
ويقوم بالأدوار الرئيسية في هذا الفيلم زياد العيادي ووجيهة الجندوبي وجمال ساسي وعيسى حراث والشاذلي العرفاوي وفاطمة سعيدان وعبد المنعم شويات وإكرام عزوز إلى جانب عدد مهم من الممثلين الشبان، وكل الأدوار أسندت إلى ممثلين تونسيين.
وبطل الفيلم يسمى زياد أو كما يلقبه أصدقاؤه «زيزو» شاب صادق وبسيط جعله عمله الجديد يتنقل بين جميع الأوساط الاجتماعية الغنية منها والفقيرة، بين الحداثيين المنفتحين والمحافظين المتزمتين، بين الموالين للنظام السابق والمعارضين له.
ومن خلال تنقلاته المختلفة يكتشف ذات يوم أن فتاة شابة قد حبسها موالون للنظام السابق في أحد المنازل في سيدي بوسعيد بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، فيحاول بكل الطرق إنقاذها من براثن العصابات الموالية للسلطة.
وعندما تنطلق الشرارة الأولى للثورات الربيع العربي، يصبح «زيزو» بطلا رغم أنفه ليتجاوز بحماقاته وسذاجته جميع التغيّرات والهزّات الاجتماعية والنفسية.
وبشأن هذا الفيلم قالت الناقدة التونسية علياء بن نحيلة أنه بمثابة «قراءة إبداعية خاصة للثورة التونسية قبل أن تحيد عن مسارها الصحيح». وأضافت أن «زيزو» بطل من أبطال الثورة صدفة كما هو الشأن الكثير من التونسيين فهو «يجد نفسه في قلب الأحداث صدفة وفي ذلك موقف من المخرج تجاه عدد كبير ممن يتبنون الثورة ويعتبرون أنفسهم من آبائها ورموزها في حين أن أغلبهم وصل أما بعد حماقة أو إثر سذاجة» على حد تعبيرها.
الفيلم الجديد للمخرج التونسي فريد بوغدير حمل رؤية ساخرة وسلسة لتونس المعاصرة واتبع مسار شاب معاصر ساذج بطريقة ساخرة ومضحكة وبأسلوب يكشف المستويات الاجتماعية المختلفة والتفاوت الطبقي والهيمنة السياسية.
وطوال ردهات الفيلم يعيش المتفرج يوميات المجتمع بكافة تفاصيلها وهو ينبئ بطريقة أو أخرى بوجود غضب اجتماعي دفين وظلم مستور تكشفه العلاقات المتوترة بين مختلف طبقات المجتمع الواحد.
وكان العرض العالمي الأول لفيلم «زيزو» وهو إنتاج تونسي فرنسي مشترك، تم في إطار فعاليات مهرجان واشنطن الدولي خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، وقد لاقى استحسان الصحافة الأميركية. وسيعرض في قاعات السينما في العاصمة التونسية وسوسة وبنزرت بداية من 25 سبتمبر (أيلول) الحالي وكذلك في قاعات صفاقس ونابل خلال الأيام المقبلة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».