آلاف الأتراك يودّعون نجم السينما طارق أكان

توفي بعد معارك طويلة مع السياسة والسرطان

طارق أكان يسارًا وكمال صونال يمينًا في فيلم فصل المشاغبين
طارق أكان يسارًا وكمال صونال يمينًا في فيلم فصل المشاغبين
TT

آلاف الأتراك يودّعون نجم السينما طارق أكان

طارق أكان يسارًا وكمال صونال يمينًا في فيلم فصل المشاغبين
طارق أكان يسارًا وكمال صونال يمينًا في فيلم فصل المشاغبين

ودع آلاف المثقفين والفنانين والسياسيين والمواطنين الأتراك النجم السينمائي الشهير طارق أكان أمس إلى مثواه الأخير.
ونقلت مراسم تشييع جنازة أكان، الذي توفي الجمعة عن 66 عامًا بعد معركة مع سرطان الرئة ومعارك في مجال السياسة قادته إلى السجن لفترة في ثمانينات القرن الماضي، على الهواء مباشرة في بث مفتوح عبر الكثير من القنوات في مقدمتها «سي إن إن تورك».
وحافظ أكان على محبة المعجبين بفنه وزملائه والوسط الثقافي والسياسي في تركيا حتى رحيله.
لعب طارق أكان دور البطولة في أكثر من 100 فيلم سينمائي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي تنوعت بين الرومانسي والكوميدي والدرامي، كان من أشهرها فيلم «يول» أو «الطريق» عام 1982، الذي تدور أحداثه حول مجموعة سجناء يقضون عطلة خارج السجن بعد الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1980، ويعطي الفيلم أيضًا لمحة عن حياة الأقلية الكردية ومشكلاتها في تركيا.
وحصل الفيلم على جائزة «السعفة الذهبية» في مهرجان كان السينمائي عام 1982، وحظي دور أكان بإشادة، لكن الفيلم حظر عرضه لسنوات عدة في تركيا.
واعتقل أكان، الذي ولد في إسطنبول عام 1949 لأسرة عسكرية، عقب الانقلاب العسكري في تركيا عام 1980 لعشرة أسابيع؛ بسبب تصريحات اعتبرتها السلطات ترويجًا ودعمًا لجماعات يسارية.
وتم تكريم أكان في مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 1985، عن دوره في فيلم «بهلوان» الذي جسد فيه شخصية مصارع.
وعاش طارق أكان صراعًا مع سرطان الرئة منذ 14 شهرًا، حيث كان يتلقى العلاج وامتنع عن الظهور بعد معرفته بمرضه، وأخفى أمر مرضه حتى عن المقربين منه.
وكان أكان حصل على المركز الأول في مسابقة مجلة «ساس» للتمثيل في عام 1970، وبدأ مسيرته الفنية من خلال فيلم «أمنية» عام 1971، تلاه فيلم «المجرم» في عام 1972.
وفي عام 1973 حصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان البرتقالة الذهبية للأفلام في تركيا. وفي العام نفسه قام ببطولة فيلم «أخي العزيز» الذي يعرف بأنه أفضل فيلم رومانسي بين الأفلام التركية القديمة.
حقق أكان نجاحات كبيرة في جميع الأفلام التي شارك فيها مع النجمة جولشان بوبيك أوغلو، كما حقق نجاحًا كبيرًا في الفيلم الرومانسي - الكوميدي «آه أين هو» مع الممثلة نفسها في عام 1975. وفي عام 1982 انتقل طارق أكان إلى العالمية من خلال فيلم «يول» أو «الطريق» من إخراج شريف جوران ويلماز جوناي، بعد تحقيق الفيلم لنجاح كبير، حيث أصبح الفيلم التركي الوحيد الذي نال جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1982، وترشّح أكان لجائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم. وطارق أكان هو الممثل التركي الوحيد الحائز على سبع جوائز من مهرجان البرتقالة الذهبية للأفلام في تركيا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».