الأمن اليمني يلاحق إرهابيي أبين

مجهولون ينصبون كمينا مسلحا لجنود دورية أمنية بمدينة خنفر

الأمن اليمني يلاحق إرهابيي أبين
TT

الأمن اليمني يلاحق إرهابيي أبين

الأمن اليمني يلاحق إرهابيي أبين

أقدم مجهولون أمس الأحد على نصب كمين مسلح لقوة أمنية من الحزام الأمني على متن أطقم عسكرية كانت بمهمة عسكرية وفي طريقها إلى مدينة شقرة الساحلية قادمة لها من مديرية احور، وأسفر الهجوم عن سقوط عدد من الجنود جرحى، في ظل الاستتباب الأمني الذي تشهده أبين منذ تطهيرها من الجماعات الإرهابية في منتصف أغسطس (آب) الماضي.
وقالت مصادر في الحزام الأمني بمحافظة أبين لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين مجهولين نصبوا كمينا لقوة أمنية كانت في طريقها إلى شقرة، وحدثت اشتباكات حيث قام المسلحون عقب واقعة الكمين الغادر بإطلاق النار على الجنود أسفر عن سقوط عدد من الجرحى الذين تم نقلهم إلى عدد من مشافي محافظتي أبين وعدن دون ذكر أرقام أو تفاصيل أكثر عن الواقعة.
وتأتي تلك الواقعة في ظل تحسن الوضع الأمني بالمحافظة واستمرار الجهود الحثيثة للسلطات المحلية بدعم من التحالف العربي لاستعادة الحياة والأمن للمحافظة التي عانت الكثير من الجرائم والتسيب الأمني بسبب جماعات القتل والإجرام التي كانت تحكم سيطرتها على المحافظة حتى منتصف الشهر المنصرم.
إلى ذلك تواصل قوات الحزام الأمني في المحافظة الساحلية تنفيذ حملات دهم واعتقالات وتعقب للعناصر الإرهابية في عدد من مديريات أبين، حيث تمكنت قوة أمنية من ضبط مطلوبين في قضايا إرهابية عقب حملات دهم شهدتها عاصمة المحافظة زنجبار أمس وأول من أمس.
وقالت مصادر محلية مطلعة بمركز المحافظة زنجبار لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من العناصر المطلوبة على علاقة بالعناصر الإرهابية وقعت في قبضة قوات الحزام الأمني إثر حملات دهم شملت عددا من أحياء المدينة التي كانت تحت سيطرة الجماعات الإرهابية حتى تطهيرها من شرهم في منتصف الشهر الماضي.
وتشهد محافظة أبين استتبابا أمنيا غير مسبوق في ظل استمرار قوات الحزام الأمني بتشديد إجراءاتها الأمنية بعموم مديريات المحافظة التي تم تطهيرها من قبضة الجماعات الإرهابية بدعم وإسناد وإشراف مباشر من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات.
فيما يواصل عدد من قيادات السلطة المحلية بالمحافظة بقيادة الأمين العام للمجلس المحلي للمحافظة أمنة محسن بزياراتهم التفقدية الميدانية للمرافق الحكومية والمؤسسات الخدمية ومواكبة الدوام الرسمي بعد إجازة عيد الأضحى.
وشملت الزيارة التفقدية هيئة مستشفى الرازي العام بمدينة بجعار كبرى مديريات المحافظة ومن خلالها تم الاطلاع على سير العمل والدوام والاستماع لجملة هموم المستشفى من قبل قيادة وموظفي المشفى العام، كما شملت الزيارة مبنى إدارة مديرية خنفر، وكذا مقر مؤسسة كهرباء أبين والقيام بجولة في عدد من أقسام وإدارات المؤسسة والاستماع من قبل المهندس محمود مكيش نائب مدير عام المؤسسة لجملة المشاكل والاحتياجات التي تعاني منها المؤسسة.
وخلال زيارة قادة السلطة المحلية لمؤسسة الكهرباء بعاصمة المحافظة زنجبار تعرف المسؤولون على المواقع التي سيتم فيها تركيب المولدات الكهربائية المقدمة من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي وذلك قبيل ساعات من وصولها إلى مؤسسة كهرباء أبين، كما شملت الزيارة تفقد سنترال مديرية خنفر كبرى مديريات المحافظة الساحلية، كما تم زيارة مركز الأمومة والطفولة، ومقر اتحاد نساء اليمن أبين.
فيما تواصل قوات الحزام الأمني حملاتها العسكرية ضد الجماعات الإرهابية بعد أن تمكنت من تطهير ما نسبته 90 في المائة من مدن وأرياف المحافظة الساحلية، وسط إجراءات أمنية مشددة وحملات دهم واعتقالات للجيوب الإرهابية في احور وزنجبار وجعار ولودر وموديه والمحفد واحور وتمكنت من ضبط معامل لصناعة العبوات الناسفة والسيارات المفخخة وإحباط عمليات إرهابية واعتقال عدد من العناصر الإرهابية في المدينة.
وبقيت الجماعات الإرهابية تسيطر على محافظة أبين خصوصًا مديرتي زنجبار وجعار كبرى مديريات المدينة الساحلية منذ ما بعد حرب مارس (آذار) 2015 التي شنتها ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح ضد أبين والجنوب مستغلة بذلك الفراغ الأمني وأوضاع الحرب مع الميليشيات الانقلابية.
وتبعد محافظة الرئيس منصور هادي عن عدن ما يقارب 80 كلم، وتتصل من الشرق بمحافظة شبوة، ومن الغرب بمحافظتي عدن ولحج، ومن الشمال بمحافظتي شبوة والبيضاء، إلى جانب أجزاء من يافع العليا، أما من الجنوب فيحدها البحر العربي الذي تطل عليه شواطئها.
وكانت المدينة الساحلية قد تعرضت عقب سيطرة «أنصار الشريعة» في العام 2011 وإعلان زنجبار عاصمة المحافظة إمارة إسلامية لدمار هائل في البنية التحتية وموجة نزوح كبيرة جراء الحرب مع الجماعات الإرهابية حينها وما زالت آثارها وتداعياتها ماثلة حتى اللحظة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.