النظام يهجر الدفعة الثانية من أبناء داريا المقيمين في معضمية الشام

خيّر المسلحين بين الترحيل إلى إدلب أو الاستسلام

مدنيون من داريا تم إخلاؤهم من معضمية الشام المجاورة حيث التجأوا إليها فترة المعارك بين النظام والمعارضة وستتم إعادة إسكانهم في بلدة الحجيلة (أ.ف.ب)
مدنيون من داريا تم إخلاؤهم من معضمية الشام المجاورة حيث التجأوا إليها فترة المعارك بين النظام والمعارضة وستتم إعادة إسكانهم في بلدة الحجيلة (أ.ف.ب)
TT

النظام يهجر الدفعة الثانية من أبناء داريا المقيمين في معضمية الشام

مدنيون من داريا تم إخلاؤهم من معضمية الشام المجاورة حيث التجأوا إليها فترة المعارك بين النظام والمعارضة وستتم إعادة إسكانهم في بلدة الحجيلة (أ.ف.ب)
مدنيون من داريا تم إخلاؤهم من معضمية الشام المجاورة حيث التجأوا إليها فترة المعارك بين النظام والمعارضة وستتم إعادة إسكانهم في بلدة الحجيلة (أ.ف.ب)

نفّذ النظام السوري أمس المرحلة الثانية من عملية تهجير أبناء مدينة داريا المتواجدين في معضمية الشام، حيث جرى نقل عشرات منهم إلى منطقة حرجلة الواقعة في ريف دمشق الجنوبي، ضمن اتفاق الإذعان الذي فرضه ممثلو بشار الأسد على أهالي داريا، تحت وطأة التهديد بالقتل والإبادة، وأفضى إلى إفراغ داريا من سكانها، لينسحب ذلك على أبناء المدينة اللاجئين إلى المعضمية.
وأفادت مصادر ميدانية بأن «عددًا من الباصات دخلت قبل ظهر أمس إلى المعضمية، ونقلت الدفعة الثانية من أهالي داريا إلى منطقة حرجلة برفقة الهلال الأحمر السوري». وأوضح الناشط الإعلامي المعارض في ريف دمشق ضياء الحسيني، أن «عدد الذين تم إجلاؤهم من المعضمية يقارب 150 شخصًا، نقلوا إلى حرجلة، لينضموا إلى 300 من أهل المدينة الذين سبق للنظام أن أبعدهم إلى نفس المنطقة في الثاني من الشهر الحالي». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن نحو 250 مدنيًا من مدنيي داريا لا يزالون في المعضمية ينتظرون نقلهم اليوم وغدًا ما لم تحُل دون ذلك معوقات لوجستية.
من جانبه، أشار رئيس بلدية المعضمية إلى أن «المرحلة الثانية من اتفاق داريا، تقضي بخروج أهالي داريا من المدنيين المتواجدين في المعضمية، باتجاه مركز الإيواء في حرجلة بريف دمشق». فيما قالت وكالة «سانا» الناطقة باسم النظام، إنه «تم نقل 146 شخصا من أهالي داريا المقيمين في المعضمية إلى مركز الإقامة المؤقتة في حرجلة، الذي تشرف عليه محافظة ريف دمشق التابعة للنظام».
ولا ينفصل هذا الإجراء عن استراتيجية النظام الرامية إلى إفراغ مناطق من سكانها والوصول إلى تغيير ديموغرافي، حيث قال الناشط الحسيني، إن «الإبعاد يأتي ضمن مخطط النظام القاضي بتهجير سكان المدن والبلدات الواقعة في ريف دمشق، وكانت رأس حربة الثورة، وتشكل تهديدًا لمعاقل النظام في العاصمة ومحيطها». وأبدى تخوفه لأن «معضمية الشام تحذو حذو داريا في التهجير الممنهج». وأضاف: «بدأ النظام ممارسة الضغط على وجهاء المعضمية، لإخراج مئات المسلحين داخل المدينة الذين ينتمون إلى (لواء فجر الشام) و(لواء فتح الشام)، التابعين للجيش السوري الحر».
وأفاد الناشط المعارض، بأن النظام «بدأ يشترط على فاعليات المعضمية، تسليم المقاتلين لأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة، والخروج بسلاحهم الخفيف إلى محافظة إدلب، أما المسلحون الذين لا يريدون الخروج، فهو يفرض عليهم تسليم أسلحتهم، وتسوية وضع من يرغب في تسوية وضعه، وأن يلتحق بالميليشيات المتعاونة مع النظام لحراسة المدينة من الخارج». فيما قال رئيس بلدية المعضمية، إن «تسوية أوضاع المسلحين هو برسم اللجنة الأمنية التي تعمل على هذا الموضوع». أما محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم، فأعلن أن «عدد المسلحين الموجودين في المعضمية نحو 300 مسلح سيتم تسوية أوضاعهم إذا رغبوا». ولفت إلى أن «التسويات مستمرة، وقريبا جدًا ستكون المعضمية آمنة»، مؤكدا أن «الاتفاق في المعضمية هو نفس الاتفاق الذي أجري مع داريا».
ولم يكن تشبيه محافظ ريف دمشق وضع المعضمية بوضع داريا، إلا ترجمة للقلق الذي ينتاب أهل المدينة، وشدد الناشط الحسيني على أن «الخوف يسيطر على أهالي المعضمية، من أن تكون مرحلة ما بعد ترحيل المقاتلين، هو تهجير السكان وإرغامهم على ترك ديارهم وبيوتهم، تحت وطأة تهديدهم بالقتل والإبادة كما حصل مع أهل داريا». ورأى أن «وضع المعضمية قد يكون أصعب لأن فيها ما يزيد عن 40 ألف مدني».
وتم يوم الجمعة الماضي نقل 303 أشخاص من أهالي مدينة داريا من المعضمية إلى مركز الإقامة المؤقتة في حرجلة، كما تم في 26 و27 من الشهر الماضي ترحيل نحو 1200 ما بين مدنيين ومسلحين من مدينة داريا، بعد حصار كامل من قوات النظام دام أربع سنوات. حيث تم نقل بعض المدنيين إلى حرجلة، فيما اختار المسلحون وعائلاتهم الإبعاد إلى محافظة إدلب شمال غربي البلاد.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».