رئيس حكومة «المجاهدين» السابق: نتفق مع كرزاي في رفض الاتفاقية الأمنية.. والوجود الإيراني واضح هنا

أحمد شاه زي قال لـ («الشرق الأوسط») إن طالبان لن تتفاوض قبل رحيل القوات الأجنبية

أحمد شاه أحمد زي
أحمد شاه أحمد زي
TT

رئيس حكومة «المجاهدين» السابق: نتفق مع كرزاي في رفض الاتفاقية الأمنية.. والوجود الإيراني واضح هنا

أحمد شاه أحمد زي
أحمد شاه أحمد زي

أحمد شاه أحمد زي رئيس الوزراء لأول حكومة أفغانية للمجاهدين في العاصمة كابل، حتى مجيء طالبان عام 1996، من قبيلة بشتونية كبيرة تسكن جنوب أفغانستان ينتمي إلى ولاية لوغار جنوب العاصمة الأفغانية كابل. ذهبت لأقابله بتوصية خاصة من قيادي بشتوني في الصباح الباكر، أمس، في «الجامعة الإسلامية»، وجزء منها تحول إلى ثانوية تحمل اسم «تكبير»، يملكهما زي ويشرف عليهما بوسط العاصمة كابل. كان يجلس زي مع مجموعة من المدرسين من خريجي جامعة الإمام محمد بن سعود يتحدثون العربية بطلاقة، وهو مهندس كهرباء خريج جامعة كولورادو بالولايات المتحدة عام 1975، انضم إلى صفوف المجاهدين الأفغان إبان الغزو السوفياتي لأفغانستان، وكان أحد قيادات حزب «الاتحاد الإسلامي» تحت رئاسة شيخ المجاهدين عبد رب الرسول سياف، وعمل مساعدا له في وقت لاحق، حتى تولى منصب أول رئيس وزراء في حكومة المجاهدين عندما كان البروفسور برهان الدين رباني رئيسا للدولة، وشغل منصب وزير الرفاه العام ووزير الإسكان، قبل أن يتولى رئاسة الحكومة. واليوم هو يصدر مجلتين شهريتين، إحداهما «تكبير»، والأخرى تدع مجلة «قيام»، والأخيرة تدعو لمقاومة «المحتل الأجنبي على أراضي الأفغان».
وبعد سقوط أول حكومة للمجاهدين الأفغان، مع قدوم طالبان إلى السلطة، انتقل إلى العاصمة البريطانية ما بين عامي 1996 و2001، حيث كان يعيش في حي فنشلي غرب لندن، وما زال يحن إلى أيام عاصمة الضباب ويقول: «لو خيروني، فإنني أريد أن أقضي بقية حياتي في نورث فنشلي، نعم، هناك يهود يقطنون الحي، ولكنهم أناس طيبون متسامحون مع الآخر, وهذا الذي فشلنا في تطبيقه في أفغانستان، أي نعيش مع الآخر ونتسامح فيما بيننا».
وتنقل المهندس أو «إنجنير» شاه زي، كما يلقب، بين العاصمة الباكستانية إسلام آباد ولندن حتى سقوط الحركة الأصولية، وعمل أستاذا في السعودية في جامعة الملك فيصل بالدمام، حيث تعلم هناك اللغة العربية من الطلبة والأساتذة، وأجادها.
وبعد هجمات سبتمبر (أيلول) 2001، أخذ أحمد زي زمام معارضة الوجود الأجنبي على أرض بلاده، وكثيرا ما انتقد ضعف حكومة كرزاي، إلا أنه أشاد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بإنجاز الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، في رفض توقيع الاتفاقية الأمنية، واليوم هو يشرف أيضا على «الجبهة الوطنية لمقاومة المحتل الأجنبي»، وهي جبهة يشارك فيها ممثلون عن حكمتيار زعيم «الحزب الإسلامي» الأفغاني، وقوى وطنية ونواب في البرلمان وعناصر معتدلة من طالبان، تعلن رفضها لبقاء أي قواعد أميركية على أراضي الأفغان، بعد انسحاب القوات الأميركية نهاية العام الحالي.
«الشرق الأوسط» التقت أحمد شاه زي في مكتبه بالجامعة الإسلامية بوسط العاصمة كابل صباح أمس. وجاء الحوار معه على النحو التالي:

* هل جبهتكم (الوطنية لمقاومة المحتل) لها تأثير مقبول في الشارع الأفغاني؟
- أستطيع أن أقر بأنه قبل اجتماعات اللويا جيرغا لمناقشة بنود الاتفاقية الأمنية، استطعنا جمع أكثر من 3500 ناشط ونائب برلماني، ومعنا ممثلون عن الحزب الإسلامي بقيادة حكمتيار، وكذلك الملا عبد السلام ضعيف سفير طالبان السابق لدى باكستان, وكان لنا تأثير قوي في تأييد موقف الرئيس كرزاي من رفض الاتفاقية، ولدينا مكتب في جلال آباد، ونسعى لأن يكون لدينا مكاتب الولايات الأخرى، لكن أيادينا مقيدة بسبب قلة الأموال.
* ما وجهة نظركم في الحديث الذي يتردد من المسؤولين الأميركيين عن المد الإيراني؟ وهل تقلق من الغزو الثقافي المقبل من طهران؟
- المد الإيراني واضح أمام العين في الشارع الأفغاني، وهذا أمر واقع للجميع, وهناك على الأقل خمس أو ست محطات تلفزيونية مثل «فردا» ويملكها محمد محقق الزعيم الشيعي، و«تمدن» ويملكها الشيخ آصف محسني مؤسس جامعة خاتم النبيين في كابل، ومحطة «نيجا» (ومعناها النظرة) ويملكها محمد كريم خليلي زعيم حزب الوحدة الشيعي، وهو نائب الرئيس كرزاي، وجميعها تتلقى إعانات مالية من طهران. وكذلك هناك أكثر من 400 محطة إذاعية، بعض منها تنشر أفكارا مذهبية، وهم يساعدون أيضا أهلهم، أي أهل المذهب الشيعي، وهو شيء طبيعي، وكذلك يساعدون الحكومة الأفغانية، كما أقر كرزاي بذلك، ونحن مهمتنا في الحياة التصدي للتشيع الذي يجتاح المدن الأفغانية.
ولكن اسمح لي بأن أسأل نفسي: لقد ساعدنا العرب في زمن الجهاد ضد الروس، ووقفوا معنا وقفة رجل واحد، ولكنهم تخلوا عنا اليوم، ولم ننسَ مساعدة الإخوة العرب في زمن الجهاد، ولكن بعد دخول الغربيين نسونا تماما، وقلت لهم في أكثر من مناسبة: ماذا حدث؟ لقد نسيتم الشعب الأفغاني الفقير، إنني أتساءل لماذا لا يأتون وينشئون دورا للأيتام، ويصلحون ويعمرون المساجد الأفغانية، التي دُمرت منذ زمن الروس. نحن نطلب من العرب أن يكونوا موجودين في ساحات التعليم والصحة وكفالة اليتيم، ونحن نعاني من الحروب منذ أكثر من 30 عاما. وحتى الآن لم تفعل القوات الأجنبية شيئا لصالحنا سوى القتل، يقتلوننا ويقتلون أيضا أنفسهم. ولا تصدق الأرقام الهائلة التي يدعون أنهم أنفقوها في الشارع الأفغاني، ولكن الحقيقة أن الحجم الأكبر من الأموال أنفق على المقاولين الذين جاءوا من الغرب، وكذلك على حاشية ورجال كرزاي، أي أن الأموال ضاعت بسبب الفساد الإداري.
* لمن أعطيت صوتك في الانتخابات الرئاسية؟
- لم أصوّت، ولم أشارك في الانتخابات، لأننا في بلد به حرب وعنف، وفي ظل الاحتلال لا يجوز التصويت، وعندما يخرج الأجانب من بلادنا فسيكون لنا رأي آخر، لا بد أن يكون هناك أولويات، ومنها إحلال السلم والأمن والأمان أولا، ثم نجري الانتخابات على أسس ديمقراطية حقيقية.
* ماذا عن المصالحة مع طالبان؟
- ذهبت إلى دبي، والتقيت مع آخرين ممثلين معتدلين عن حركة طالبان، بينهم الملا محمد طيب آغا ظو والملا عتصم آغا، وتكررت اللقاءات ثلاث مرات في دبي، من أجل وضع حد للعنف والتمرد في الشارع الأفغاني، وكل شيء بفضل الله يسير، ونحن متفقون معهم في ضرورة إجلاء المحتل تماما، ورفض أي قواعد عسكرية في المستقبل, وطالبان يشترطون خروج القوات الأجنبية من أراضي أفغانستان قبل البدء في أي محادثات وهو شرط - حسبما أعتقد - لن يحيدوا عنه، وعلى الجانب الآخر حكومة الرئيس كرزاي الضعيفة، لا تستطيع أن تطلب من الأميركيين الخروج من بلادنا نهائيا، أو مناقشة مثل هذا الأمر معهم.
* ماذا عن مشاريعك الخاصة اليوم؟
- أسست مركزا للبحوث الإسلامية, وأشرف على «ثانوية تكبير»، وهي مدرسة بالمصاريف، وذهبت إلى السعودية لأجد كفالة للدعاة بعد أن أسست كلية إسلامية لتخريج الدعاة، وكذلك مركز لترجمة الكتب العربية والإسلامية إلى الداري والبشتو، بدلا من انتظار الكتب التي تأتي من طهران وتغرق أسواقنا، وأشرف اليوم على دار للترجمة، وأصدر مجلتين، هما «قيام» و«تكبير».. ونسعى إلى الحصول على دعم لكفالة الدعاة.
* ما سبب الفساد الإداري الذي لا يتوقف الحديث عنه في أفغانستان؟
- حكومة كرزاي نُصّبت من قبل الأميركيين، وليس من قبل الشعب، والأميركيون يعرفون أين تذهب الرشى، وهم يغضون الطرف أيضا عن الفاسدين، وبعد أن جاءت القوات الأجنبية ذهب الأمن والأمان من هذا البلد، وإذا تحدثت عن تطبيق الشريعة في التلفزيون أو المنتديات العامة، قالوا لي: «أنت مجنون وعدو للديمقراطية»، وما يُطبق اليوم في بلادنا من نظام حكم هو أقرب إلى النظام العلماني الغربي.
* ما رأيك في الوضع الأمني الموجود حاليا بعد 14 عاما من رحيل طالبان؟
- الوضع الأمني متدهور، ربما يكون في العاصمة كابل أفضل حالا, وقد مرت الانتخابات على خير, على الرغم من بعض الحوادث وقتلى من الأجانب المدنيين هنا وهناك. وفي جنوب البلاد الوضع أكثر صعوبة، والأميركيون جاءوا بديمقراطية مزعومة للشارع الأفغاني، وتركوا الفاسدين الكبار يفعلون ما يحلو لهم، ولست راضيا أبدا عما يحدث في هذا البلد، وأغلب السكان غير راضين أيضا. لقد تحدثت أمام الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأجنبية السابق، وانتقدت أمام أكثر من 50 من قادة الناتو جهل قواته بثقافة الشعب الأفغاني وتقاليده من جهة تنفيذ المداهمات واعتقال النساء وقتل الأطفال، فمثلا من أجل اعتقال شاب أفغاني ضل الطريق المستقيم أو انضم إلى طالبان يقومون بقصف قرية بأكملها. وسألتهم لماذا تحاصرون القرية، ولا تذهبون إلى مشايخ القرية وأهل الحل والعقد فيها وتطلبون اعتقال هذه المتهم بالإرهاب، قبل مقتل 200 شخص من أهل القرية، وهم سيسلمونكم إياه بدلا من قصف القرية بأكملها؟! وضربت أمام الجنرل ماكريستال أمثلة بعدد من القرى التي جرت مداهمتها.
* أين ذهبت بعد أن سقطت حكومة المجاهدين التي كنت تترأسها عام 1996؟
- تنقلت في لندن، وعشت في منطقة نورث فينشلي حتى عام 1998, وذهبت إلى تركيا وإلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، حتى سقطت الحركة، وكنت وسيطا ما بين الأستاذ برهان الدين رباني وعبد رب الرسول سياف من جهة وطالبان من جهة أخرى، وكانت فتنة بين المسلمين أكلت الأخضر واليابس، لكن الوساطة فشلت في إنهاء الحرب بين التحالف الشمالي وطالبان، وكل طرف كان يدعي أنه يجاهد ولكنها كانت فتنة بين الأفغان.
* هل دول الجوار لها دور في حل المشكلة الأفغانية؟
- علاقة الحكومة في كابل للأسف سيئة مع باكستان على الرغم من طول الحدود التي تربطنا بهم، ووجود البشتون على جانبي الحدود، وعلى الطرف الآخر علاقة كرزاي مع الهند جيدة جدا وهذا خطأ استراتيجي، فهناك حدود نحو ألفي كيلومتر مع باكستان، وهم ساعدونا في زمن الجهاد، وكانوا يستضيفون نحو ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني، وباكستان منفذ حدودي مهم بالنسبة لنا، وزعماؤنا في كابل يتجاهلون مثل هذه الأمور، أما إيران فعلاقاتها مع الأميركيين سيئة، والوجود الأميركي هنا خطر على الإيرانيين، وهم يعرفون ذلك، وبالتالي فهم يساعدون طالبان بالعبوات الناسفة وأمور أخرى، وهو أمر معروف وواضح. وبالنسبة للإيرانيين فهم جيراننا، والوجود الأميركي في أفغانستان خطر أيضا على الإيرانيين، لأنهم أيضا على خط الحرب. ولدينا ستة جيران هم باكستان وإيران وأوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان والصين، يجب أن تكون علاقاتنا بهم جيدة، والأفغان في حاجة إلى أي مساعدة من الجيران.
* كيف ترون المستقبل بعد انسحاب القوات الأجنبية؟
- يمكن القول إن هذا الشعب المسلم لن يقبل إلا بتطبيق الشريعة، وما دام الأميركيون موجودين، فإن الحرب لن تتوقف، والحل ببساطة خروج القوات الأجنبية من بلادنا، فوجودهم سبب رئيس في الفساد الإداري، وهذا الوضع لن يستمر، وأستطيع القول والتأكيد أن أغلب أراضي أفغانستان تحت سيطرة طالبان، وعند مواجهة طالبان هم لا ينزلون من دباباتهم أو مدرعاتهم، هم يديرون العمليات العسكرية من داخل المدرعات عبر شاشات التلفزيون بالداخل، لأنهم يتخوفون من المواجهة المباشرة مع طالبان. والأميركيون لديهم القوة الجوية الساحقة، ومن دون طائراتهم لن يستطيعوا كسب الحرب. والأفغان لن يقبلوا إلا بالتخلص من النظام العلماني وإعادة تطبيق الشريعة.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.