«مملكة بوليوود».. متحف جديد في بومباي يروي مسيرة قرن للسينما الهندية

سيعرض تطورها عبر 101 عام من الأفلام والأزياء والصور

الأفلام الهندية على مدى قرن
الأفلام الهندية على مدى قرن
TT

«مملكة بوليوود».. متحف جديد في بومباي يروي مسيرة قرن للسينما الهندية

الأفلام الهندية على مدى قرن
الأفلام الهندية على مدى قرن

مع بلوغ السينما الهندية مئويتها الجديدة سيتم إنشاء أول متحف قومي للسينما الهندية في مدينة مومباي، وسيطلق عليه «مملكة بوليوود». وقام بتصميم المتحف المجلس القومي لعلوم المتاحف مع لجنة استشارية برئاسة منتج الأفلام المشهور شيام بنيغال. ويتوقع أن يفتح أبوابه للجمهور خلال أسابيع قليلة. وسيعرض تطور السينما الهندية والمعروفة ببوليوود عبر 101 عام في جناح خشبي صغير (بنغالو) على الطراز الفيكتوري الغوطي مع بلاط قديم وشمعدانات متلألئة ونوافذ زجاجية مبقعة من القرن التاسع عشر، منذ الأيام التي أنتجت الهند فيها أول أفلامها الصامتة الطويلة.
ويعتبر فيلم «راجا هاريشاندرا» الذي صور بالأبيض والأسود وعرض في مايو (أيار) 1913 في مومباي والتي كانت تعرف ببومباي آنذاك، هو ميلاد السينما الهندية. ويحكي الفيلم عن ملك هندوسي أسطوري. كان ذلك الفيلم الأول صامتا ولمدة 40 دقيقة وكان الدور النسائي فيه محدودا جدا ولعب الرجال معظم أدواره. وسيمثل المتحف نافذة لهواة الأفلام والمصنوعات اليدوية الأصلية والتسجيلات ومعدات إنتاج الأفلام والأزياء والصور والتذكارات المتنوعة التي استخدمها منتجو الأفلام الهندية على مدى قرن.
ولا يكف أمين المتحف والمؤرخ والمختص في الأفلام أمريت غاغار عن الحديث، ليس عن التذكارات المنثورة على تسع غرف من تراث غولشال محل فحسب، بل عن التاريخ الشيق للمتحف أيضا والذي يقع على مساحة خمسة هكتارات من الغابات في شكل حدائق صينية ويابانية.
ويوفر المتحف للمعجبين متعة الاقتراب من أبطال أفلامهم المحبوبين عبر «مسار الشهرة» على طريقة متحف هوليوود في لوس أنجليس. وبإمكان الزوار أن يصبحوا من شخصيات الأفلام عن طريق إدخال صورتهم في الأفلام في أسطوانات يأخذوها معهم. وإن أحببت الاستمتاع بالأطباق المفضلة لنجمك فعليك التوجه إلى قاعة الطعام التي تسع ما بين 600 و700 شخص، وسميت المطابخ بأسماء النجوم أمثال شهروخ وسلمان وكترينا ورانبير وبريانكا شوبرا وهريثيك أو راني. ويعرض المتحف من خلال الجوانب التقنية والاجتماعية تطور السينما الهندية عبر قرن. ومن خلال صالات عرضه التفاعلية يقدم المراحل الثلاث للسينما الهندية، من فترة السينما الصامتة ومرورا بالفترة الذهبية وحتى الفترة الحديثة، فترة الأستوديوهات. ويقدم المتحف مشهدا شاملا للسينما الهندية.
ويقول غانغار إن «تاريخ السينما هو أيضا تاريخ للإنسانية»، ويضيف «من المدهش والصعب جمع كل ذلك في متحف، الهند قارة وهناك أنواع متعددة من السينما، هناك سينما إقليمية وسينما عامة وفنية وهناك الكثير من الأصوات والتعابير». وتعتبر صناعة السينما الهندية هي الأكبر في العالم وتتنوع ما بين الإنتاج المحلي والعالمي. وفي عام 1931 كان إنتاج الأفلام متواضعا إذ أنتجت السينما الهندية 28 فيلما، وفي عام 1947 ارتفع العدد ليبلغ 280 فيلما. أما اليوم فتنتج بوليوود ما بين 1200 - 1500 فيلم سنويا وهو الإنتاج الأكبر في العالم. وبإمكان الزوار عن طريق لوحة تعمل باللمس مشاهدة مقاطع من الأفلام الصامتة القليلة المتبقية مثل فيلم «ضوء آسيا 1925» لبريم سانياس و«رمي النرد» 1929 لبرابانشا باش. وللأسف فقد الفيلم الهندي الناطق الأول «عالم آراء» وأندرا صابحة وبه 69 أغنية في حريق، ولكن هناك تسجيلا من «ذوب شاهون» (نهار، ليل) أول فيلم هندي يستخدم فيه أسلوب التشغيل الترجيعي. وهناك أيضا أسطوانات غراموفون لنجم الهند الأول كي إل سايغال وغيره من عظماء النجوم. وتبرعت أستوديوهات قديمة مشهورة مثل أستوديوهات محبوب وآر كي وبراساد بالمعدات للمتحف، وتبرع كذلك بعض هواة جمع التحف بمقتنياتهم في كرم.
وتعرض إدارة أفلام التي أنشئت عام 1941 لإنتاج أفلام قصيرة كاميرات قديمة من نوع «إيمو» و«ميتشيل» وأجهزة تسجيل وخلافه. لعل أهم قسم هو قسم النجوم «السينما قبل السينما» ففور دخولك المتحف ترى لوحات كتب عليها تعريف عن فن الدمى (باتاشيترا) والمصباح السحري (شامباريك خاروليكا) أول جهاز عرض ضوئي اشتهر في الهند في القرن التاسع عشر، إضافة إلى دمى متحركة قديمة. ويعرض القسم تاريخ الصور المتحركة.
وسيوفر المتحف مجالا لدراسة السينما الهندية ولذلك لن يركز على أفلام بوليوود فقط، بل سيشمل الأفلام القصيرة والتسجيلية إلخ.. ويقول سوريش مينون نائب مدير عام قسم الأفلام «تعكس الأفلام الثقافة وسيكون المتحف مختبرا للبحث للجيل الشاب لمعرفة أعمال الرواد مثل ساتياجيتي راي وأدور غوبالاكريشنان وغيرهم». وفور افتتاح المتحف سيفتح جواره أستوديو كبير كجزء من المرحلة الأولى. وسيستضيف الأستوديو عددا من الأنشطة المتعلقة بالأفلام وتشمل الندوات وورش العمل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».