«زمزم».. بئر الماء الذي لا تنضب

ماؤها ينعش الحجاج المتعبين الذين يحرصون على أخذ عبوات منه إلى بلادهم

أثبتت الأبحاث في مجال المياه أن ماء زمزم قلوي وغني بالمعادن المفيدة للجسم ({الشرق الأوسط})  -  يحرص الحجاج على حمل عبوات معهم عند عودتهم إلى أوطانهم وتقديمها هدايا إلى ذويهم ({الشرق الأوسط})
أثبتت الأبحاث في مجال المياه أن ماء زمزم قلوي وغني بالمعادن المفيدة للجسم ({الشرق الأوسط}) - يحرص الحجاج على حمل عبوات معهم عند عودتهم إلى أوطانهم وتقديمها هدايا إلى ذويهم ({الشرق الأوسط})
TT

«زمزم».. بئر الماء الذي لا تنضب

أثبتت الأبحاث في مجال المياه أن ماء زمزم قلوي وغني بالمعادن المفيدة للجسم ({الشرق الأوسط})  -  يحرص الحجاج على حمل عبوات معهم عند عودتهم إلى أوطانهم وتقديمها هدايا إلى ذويهم ({الشرق الأوسط})
أثبتت الأبحاث في مجال المياه أن ماء زمزم قلوي وغني بالمعادن المفيدة للجسم ({الشرق الأوسط}) - يحرص الحجاج على حمل عبوات معهم عند عودتهم إلى أوطانهم وتقديمها هدايا إلى ذويهم ({الشرق الأوسط})

يتوق الحجاج والمعتمرون إلى شرب ماء زمزم عند زيارة مكة المكرمة، وأخذ عبوات منه إلى بلادهم، نظرًا لارتباطه التاريخي بقصة هاجر التي كانت تبحث جاهدة عن الماء في وادٍ ليس فيه زرع، وتصعد جبلي الصفا والمروة، علها تجد ما تروي به عطش ابنها إسماعيل عليه السلام، فيرسل الله جبريل الذي كشط الأرض ليخرج النبع الذي ينعم جميع من يذهب إلى مكة بالشرب منه.
واكتسب الماء اسمه من عبارة «زُم زُم» التي تعني «توقف توقف» التي كررتها «هاجر» أثناء محاولتها احتواء ماء النبع بالرمل والحجارة، فيما تحولت المنطقة فيما بعد حول النبع إلى بئر، وأصبحت مكان استراحة للقوافل، وتحولت في النهاية إلى مدينة مكة، مسقط رأس النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وليقتدي المسلمون في سعيهم بين الصفا والمروة سبعة أشواط بهاجر في بحثها عن الماء.
* مياهها مليئة بالمعادن ومفيدة للجسم
وتقع بئر زمزم داخل فناء المسجد الحرام في مكة المكرمة على نحو 20 مترًا إلى الشرق من الكعبة المشرفة، ويصل عمقها لنحو 30.5 متر بقطر داخلي يتراوح من 1.08 إلى 2.66 متر، في حين تقع البئر من الناحية الهيدرولوجية في وادي إبراهيم الذي يمر عبر مدينة مكة المكرمة.
ومرت البئر بحفر الجزء الأعلى منه الذي يبلغ عمقه 13.5 متر في الطمي الرملي لوادي إبراهيم إلى جانب الجزء الأسفل أيضًا الذي يبلغ عمقه 17.0 متر في صخر القاعدة الأسفل «الديورايت»، وتقع في الوسط صخرة سميكة مجواة شديدة النفاذية طولها نصف المتر، في حين أن أغلب الأجزاء الطميية من البئر مبنية بالحجارة عدا الجزء الأعلى الذي يبلغ عمقه مترًا واحدًا محاطًا بالإسمنت المسلح، وبنيت الأجزاء الصخرية المجواة بالحجارة، حيث تعد هذه الأجزاء المدخل الرئيسي للماء إلى البئر.
وأثبتت الدراسات والأبحاث في مجال المياه أن ماء زمزم قلوي وغني بالمعادن المفيدة للجسم ويمده بقدر كبير من الطاقة، ويعادل الأس الهيدروجيني للجسم، ويزيل الفضلات الحمضية منه، كما أنه مضاد قوي للأكسدة ومزيل قوي للسموم، ويساعد على امتصاص العناصر الغذائية بكفاءة أفضل إلى داخل الجسم، ويساعد الجسم في تمثيل المعادن المؤينة بسهولة أكبر، بالإضافة إلى أنه يساعد على تنظيم الهضم وتحسينه بصفة عامة بإعادة التوازن للجسم، ويقلل من تأكسد الأعضاء الحيوية، وله معامل أكسدة واختزال سالب، لذلك يعد وسطًا معاديا للبكتيريا.
كما أثبتت أن الفرق بين ماء زمزم وماء الشرب الذي يضخ في المنازل هو نسبة أملاح الكالسيوم والمغنسيوم، فلقد كانت نسبتها أعلى في ماء زمزم، وهذا هو السبب في أنها تنعش الحجاج المتعبين، والأكثر أهمية من ذلك هو أن ماء زمزم يحتوي على فلوريدات مضادة للجراثيم بشكل عالي الفعالية.
من جانبه، قال مدير مركز دراسات وأبحاث زمزم، المهندس الجيولوجي المستشار سامر بن أحمد شومان: «لا يوجد مركز دراسات وأبحاث لزمزم إلا في هيئة المساحة الجيولوجية، ونأمل إعادة توظيف كل ما يتوافر من تقنية ومعرفة لمحاولة المحافظة على مصادر المياه المغذية لبئر زمزم، وتحقيق الاستدامة للتوفيق بين حجم الطلب والمخزون الطبيعي، فكلما زاد عدد الحجاج والمعتمرين والسكان زاد الطلب على ماء زمزم، ويسبب ضغطًا على الموارد الطبيعية والمحافظة على الاستدامة تتداخل مع المناشط الحضرية المختلفة بمكة التي تتعلق بالمشاريع الإنمائية سواء في القطاع العام أو الخاص».
وأضاف أن الطبقة الحاملة لمياه زمزم في البئر هي 12 مترًا، وتوجد تحتها طبقة من الصخور المتكسرة، وتأتي موارد المياه له من نقطة التقاء طبقة التربة الحاملة للمياه وطبقة الصخور الصلبة التي توجد في القاع، ويوجد في الوسط نصف متر تقريبا طبقة من الصخور المتشققة تعتبر من مداخل ماء زمزم، وتأتي على نقطة التقاء ثلاثة صدوع رئيسية، أحدها يأتي باتجاه جبل أبو قبيس والآخر باتجاه الشامية والثالث باتجاه الصفا.
* طعمه يتأثر بتغير الطقس
كما أشار شومان إلى أن البئر تعد علميًا خزانًا سطحيًا يتأثر بالعوامل الجوية والمناشط الحضرية، ويخضع أيضًا للقوانين الطبيعية التي وضعها المولى عز وجل في الكون، فهو يتأثر بمعدلات هطول الأمطار، حيث يهبط المخزون في مواسم الجفاف، ويرتفع المخزون في حالة حدوث سنوات مطيرة، ويؤثر ذلك حتى على طعم الماء.
وكشف أن بئر زمزم جفت عبر الزمن أكثر من مرة ودفنت كذلك، وحفر أبو طالب جد الرسول صلى الله عليه وسلم البئر من جديد، ولا تزال على حالها منذ ذلك الزمن، وهناك دراسات وأبحاث كثيرة تشير إلى أن وجود تركيز للأملاح والصوديوم في ماء زمزم تتواءم وأجواء مكة المكرمة الحارة التي يعوض خلالها ماء زمزم عند شربه التعرق الذي يسببه الجهد البدني الذي يقوم به الحجاج والمعتمرون.
ومرّت بئر زمزم خلال العصور الماضية بكثير من التطورات، واهتمت القيادة السعودية ببئر زمزم، إذ نفذت عام 1377هـ التوسعة الأولى في المطاف، وتم وضع تصميم فريد لبئر زمزم روعي فيه إزالة ما يضيق على الطائفين، وذلك بوضع بئر زمزم تحت الأرض، وأصبح سقف المبنى مساويًا لأرض المطاف، كما جعل للبئر جدار من الخرسانة مكسو بالرخام.
وتجري هيئة المساحة الجيولوجية ممثلة في مركز دراسات وأبحاث زمزم سلسلة من المشاريع الاستقصائية، للتعرف على مصادر الماء وتحديدها ومراقبتها وتزويد المعلومات الضرورية لإدارة ماء زمزم، والمحافظة على توفيره، لمواجهة الطلب المتزايد من قبل السكان والحجاج، وتوفير الحلول العلمية الضرورية لمراقبة وإدارة مستودعات المياه الجوفية التي تغذي بئر زمزم، وضمان نقاوة الماء وسلامة نظام التزويد.
* جزء لا يتجزأ من رحلة الحجاج
ويحرص ملايين الحجاج أثناء أدائهم النسك على شرب ماء زمزم أثناء رحلتهم الإيمانية، وحمل عبوات معهم مختلفة الأحجام عند عودتهم إلى أوطانهم وتقديمها هدايا إلى ذويهم والأصدقاء تيمنًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له».
ويقدم مكتب الزمازمة الموحد خدماته من سقيا زمزم للحجاج القادمين للسعودية في كل موقع يوجدون به منذ وصولهم إلى الأراضي المقدسة حتى مغادرتهم، وأنشأ المكتب مصنعًا جديدًا مؤخرًا لتعبئة ماء زمزم بمكة المكرمة على مساحة تقدر بأكثر من 10 آلاف متر مربع، ويتكون من خطي إنتاج وتعبئة لعبوات ماء زمزم سعة 20 لترًا بطاقة إنتاجية تقدر بـ«2000» عبوة في الساعة الواحدة لكل خط إنتاج ومنطقة تخزين وخدمات ومرافق.
كما يعد مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لسقيا زمزم بمنطقة كدي بمكة المكرمة، أحد المشروعات الضخمة لسقيا حجاج بيت الله الحرام، بطريقة منظمة وميسرة، ودشن في شهر رمضان عام 1431هـ.
ويعمل المشروع على مدار الساعة عبر عشرات نقاط التوزيع، حيث يمكن الحصول على عبوات ماء زمزم من دون أي عناء أو مشقة، حيث يضمن المشروع نقاء مياه زمزم، عبر تعبئته آليًا بأحدث الطرق العالمية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».