تصدرت السعودية قائمة «الحليف الأول»، في استطلاع شمل شبانا عربا من 16 دولة، بشأن رؤيتهم لأهم حليف لبلدانهم، وذلك لثقلها السياسي. وجاءت الولايات المتحدة ضمن قائمة الخمس الأفضل، في حين تبوأت الإمارات مرتبة الصدارة كأفضل مكان للعيش فيها. وأشار المستطلعون إلى رغبتهم في أن تحذو بلدانهم حذو الإمارات كنموذج للنمو والتطور.
جاءت هذه النتائج في «استطلاع أصداء بيرسون - مارستيلر السنوي السادس لرأي الشباب العربي» الذي صدر أمس، وأجرته شركة الاستطلاعات العالمية «بين شوين آند بيرلاند» بمشاركة 3.500 من الشبان والشابات العرب الذين ينتمون للفئة العمرية بين 18 و24 عاما في 16 بلدا بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
واختار الشباب العربي جيرانهم من دول مجلس التعاون الخليجي على القوى الغربية العظمى، في وقت يتعاظم فيه الثقل السياسي للبلدان الخليجية، ووضعوا 4 من بلدان الخليج الست ضمن قائمة أكثر خمسة حلفاء لبلادهم، حيث يشير أكثر من ثلثهم إلى السعودية بصفتها الداعم الأكبر لبلدانهم، تليها الإمارات، ثم قطر، فالكويت، وتعد الولايات المتحدة الدولة الغربية الوحيدة التي تضمنتها قائمة الحلفاء الخمسة الأفضل لبلدانهم.
وقال الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إنه اطلع على نتائج الاستطلاع، وإن شباب الإمارات هم الأكثر تفاؤلا بالمستقبل. وأضاف «الإيجابية أصبحت جزءا من هويتنا». وزاد حاكم دبي «أسعدني في الاستطلاع أن الشباب العربي تزداد لديهم روح الأعمال، حيث عبر 67 في المائة عن أن جيلهم لديه فرصة أكبر من الجيل السابق في إطلاق مشاريع خاص، وأن الإمارات جاءت أولا في البلد الذي يفضلون العيش فيه. وعندما سئل الشباب العربي عن البلد الذي يتمنون أن تحذو بلادهم حذوه في النمو والتطور جاءت الإمارات أولا، ومن ثم الولايات المتحدة، ثم فرنسا». وتابع «لا أذكر هذه النتائج تفاخرا، بل ما زلنا في بداية الطريق، وأؤمن بأن الشباب العربي لديهم طاقات إيجابية عظيمة ويمكن أن يغيروا مستقبل المنطقة».
وأظهرت نتائج الاستطلاع، الذي أعلن عن نتائجه في مؤتمر صحافي عقد أمس في مدينة دبي الإماراتية، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الشباب العربي يميلون إلى تبني القيم والأفكار المعاصرة في الوقت الذي تسهم فيه التكنولوجيا الرقمية ووسائل الإعلام في إعادة صياغة سلوكياتهم، في حين أن آراء العائلة والأصدقاء والدين لا تزال مصادر التأثير الأكبر بالنسبة لهم.
وقال جوزيف غصوب، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة «ميناكوم»، الشركة الإقليمية الأم لشركة «أصداء بيرسون – مارستيلر»: «لطالما شكلت السعودية مركز ثقل أساسيا في المنطقة، مدعومة باحتياطيها الهائل من النفط، وقدرتها الإنتاجية الكبيرة، واقتصادها القوي الذي تقارب قيمته الإجمالية التريليون دولار أميركي، وتشير نتائج الاستطلاع إلى ثقة الشريحة السكانية الكبرى في المنطقة العربية في دور المملكة كلاعب سياسي إقليمي محوري. كما أسهم ثبات موقف المملكة تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية في إلهام الشباب العربي، وتعزيز ثقتهم بها لإدارة دفة الحوار ومجريات الأحداث».
من جهته، قال سونيل جون، الرئيس التنفيذي لشركة «أصداء بيرسون – مارستيلر» إن السعودية «تعزز مكانتها في رسم السياسة الخارجية للعالم العربي بعد أن حددت أهدافا جريئة وواضحة تتوقع من حلفائها الغربيين احترامها، وتبرز نتائج الاستطلاع التحول اللافت الذي طرأ على نظرة الشباب العربي للسياسة الخارجية، وتؤكد على تعاظم الثقل السياسي لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي».
وإضافة لأهميتها الكبرى كشريك إقليمي، تلقى سياسات النمو الداخلية في المملكة تأييد غالبية الشباب السعودي. وأظهر الاستطلاع أن الغالبية الساحقة من الشباب السعودي (70 في المائة) يشعرون بأن بلادهم تسير في الاتجاه الصحيح من حيث النمو مقارنة بنسبة 65 في المائة في استطلاع العام الماضي، لا سيما مع استثمار المملكة مليارات الدولارات لدفع عجلة نمو الاقتصاد السعودي، وبشكل خاص لتوفير فرص العمل والسكن للشباب. ومع الأخذ بعين الاعتبار أحداث الربيع العربي، يرى 76 في المائة من الشباب السعودي تقريبا أن بلادهم سارت في الاتجاه الصحيح خلال السنوات الخمس الماضية.
ومن النتائج البارزة الأخرى للاستطلاع تنامي ثقة الشباب السعودي في قدرة حكومتهم على معالجة القضايا الرئيسة التي تهمهم، مثل مستويات المعيشة، والاستقرار الاقتصادي، والبطالة، كما أجمع 65 في المائة من الشباب السعودي المشارك في الاستطلاع على أن جيلهم يميل أكثر نحو إطلاق الشركات الخاصة بهم قياسا مع الأجيال السابقة، مما يؤكد على ارتفاع روح ريادة الأعمال لديهم.
وكشف الاستطلاع أن الشباب العربي يضع صعود جماعة الإخوان المسلمين للسلطة وانتشار الحركات الأصولية ضمن أبرز خمس عقبات تواجه منطقة الشرق الأوسط، حيث أجمع أكثر من نصف الشباب العربي (55 في المائة) على أن الصراعات الأهلية هي التي ستحدد قدرة المنطقة على تحقيق الازدهار مستقبلا، وتظهر نتائج هذا العام ارتفاعا ثابتا لهذه النسبة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، حيث ارتفعت من 41 في المائة في عام 2012 لتصل إلى 44 في المائة في عام 2013.
وبحسب الاستطلاع، تعد الصراعات الأهلية أبرز العقبات التي أشار إليها الشباب العربي بعد مسائل الافتقار إلى الديمقراطية، وخطر الإرهاب، والافتقار إلى القيادة القوية. وباستثناء الخليج، تشهد أغلب بلدان المنطقة حالة من الاضطراب السياسي؛ إذ يمتد تأثير أعمال العنف التي تشهدها سوريا ليطال البلدان المجاورة، كما تسعى مصر جاهدة لاحتواء الاضطرابات التي أصابت البلاد منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك في عام 2011. وتتساوى المخاوف بشأن الصراعات الأهلية بين أوساط الشباب العربي ضمن دول الخليج والدول العربية الأخرى، حيث وصلت نسبتها إلى 55 في المائة.
ووفقا للتقرير فإن هذه النسبة بلغت أشدها في تونس التي جاهدت لاحتواء هذه الصراعات وتشكيل حكومة جديدة في أعقاب الربيع العربي؛ وقد أشار 3 من أصل كل 5 مشاركين تونسيين في الاستطلاع (62 في المائة) إلى أن الصراعات الأهلية تشكل العقبة الأبرز في المنطقة، في حين انخفضت هذه النسبة إلى أدنى مستوياتها في قطر وليبيا لتبلغ 50 في المائة فقط.
وفي البلدان الـ16 التي شملها الاستطلاع، ترى نسبة كبيرة من الشباب العربي أن مسألة الافتقار إلى الديمقراطية تمثل ثاني أبرز العقبات التي تواجه المنطقة، حيث وصفها بذلك اثنان من أصل كل خمسة مشاركين تقريبا (38 في المائة) لتنخفض من 43 في المائة في عام 2013، و41 في المائة في عام 2012، وتشير نتائج السنوات القليلة الماضية إلى تحول كبير في أولويات الشباب العربي على هذا الصعيد.. ففي عام 2009، أشار نحو 100 في المائة منهم في 6 دول مختلفة إلى أن العيش في بلد ديمقراطي هو مسألة مهمة «جدا» أو «إلى حد ما»، وهو ما جعلها أولوية تتقدم على مسألتي الأجور العادلة والعيش في بلد آمن.
ومع تراجع أهمية «العيش في بلد ديمقراطي» لديهم، يزداد تركيز الشباب العربي على دور الحكومات في صنع الازدهار؛ حيث عد 30 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أن الافتقار إلى القيادة القوية يحتل المرتبة الثالثة بين العوامل الأبرز التي تؤثر في قدرة المنطقة على تحقيق الازدهار، وقد ارتفعت هذه النسبة من 19 في المائة في عام 2013.
كما يشير الاستطلاع إلى تنامي المخاوف بشأن الإرهاب في أعقاب الاضطرابات السياسية التي تشهدها المنطقة، وحلت هذه المسألة في المرتبة الثالثة أيضا بعد أن اعتبرها 30 في المائة من الشباب العربي بين القضايا الأبرز التي تثير مخاوفهم، وقد ارتفعت هذه النسبة من 21 في المائة في عامي 2013 و2012. وكان الشباب العربي في ليبيا وعمان (21 في المائة و24 في المائة) أقل تخوفا إزاء مسألة الإرهاب، في حين بدا الشباب الفلسطيني بنسبة 35 في المائة والقطري بنسبة 34 في المائة والبحريني بنسبة 34 في المائة، الأشد تخوفا منها.
ويهدف الاستطلاع السنوي في نسخته السادسة لتقديم صورة واقعية عن مواقف ووجهات نظر الشباب العربي، بما يتيح تزويد مؤسسات القطاعين العام والخاص ببيانات وتحليلات ميدانية تساعدها في اتخاذ القرارات الصائبة ووضع السياسات السديدة. ويغطي الاستطلاع دول مجلس التعاون الخليجي الست، إضافة إلى الجزائر، ومصر، والعراق، والأردن، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وفلسطين، وتونس، واليمن؛ ولم يشمل الاستطلاع سوريا بسبب الصراعات الأهلية التي تشهدها البلاد.