الأسبرين.. دواء لحالات الطوارئ لا يفارق جيبك بعد اليوم

له دور مهم في الوقاية من عدد من الأمراض

الأسبرين.. دواء لحالات الطوارئ لا يفارق جيبك بعد اليوم
TT

الأسبرين.. دواء لحالات الطوارئ لا يفارق جيبك بعد اليوم

الأسبرين.. دواء لحالات الطوارئ لا يفارق جيبك بعد اليوم

قد لا يكون الأسبرين، هذا الدواء القديم، خيارك الأول لتخفيف الألم، ولكنه لا يزال يلعب دورًا هامًا في الوقاية من الأمراض، كما يعد أحد الإسعافات الأولية الهامة.
* فوائد الأسبرين
ندين بالشكر للأسبرين لكثير من الأسباب، ففضلاً عن توافره بكثرة وبسعر زهيد في متناول اليد، فإنه دواء يعمل على تخفيف الألم ومعالجة الحمى وخفض درجات الحرارة. كما تبين أيضًا أنه يقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وسرطان القولون. كما يمكنه أن يوقف النوبات القلبية والسكتات القلبية أثناء حدوثها. وفي الواقع، فإن كنت في الخمسين أو الستين من العمر، ربما عليك أن تفكر في أخذ جرعة منخفضة من الأسبرين بصورة يومية.
وبعد تقييم النتائج التي خلصت إليها العشرات من الدراسات، أوصت «فرقة الخدمات الوقائية الأميركية» («U.S. Preventive Services Task Force «USPSTF) في أبريل (نيسان) 2016، النساء والرجال، الذين تقع أعمارهم في الفئة العمرية من 50 حتى 69 عامًا، من الذين رصد لديهم خطر متوقع إصابتهم بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية بنسبة 10 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة، بأن يتناولوا جرعة يومية من الأسبرين بمقدار 81 ملليغرامًا.
وكانت التوصيات السابقة - التي تفرق بين النساء والرجال - قد حثت النساء اللاتي أعمارهن من 60 إلى 79 عامًا، واللاتي تزداد لديهن الفرصة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بتناول جرعة منخفضة من الأسبرين يوميًا. وتعكس هذه التوصيات طريقة جديدة لحساب مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية وزيادة خطر النزيف عند كبار السن.
* سبب فاعلية الأسبرين
توضح الدكتورة تانيا ليدلو، الأستاذة المساعدة في كلية الطب بجامعة هارفارد، كيف يعمل الأسبرين على درء الإصابة بالأمراض القلبية وأمراض الأوعية الدموية، مفترضة أن «الأسبرين يقلل من تفاعلات الصفائح الدموية، وهذا في اعتقادنا أحد الأسباب التي تجعل من تناول جرعة يومية منه تحميك». ويمنع الأسبرين الإنزيم «cyclooxygenase – 1) «COX - 1)، وهو إنزيم لازم لتصنيع الثرموبوكسان (thromboxane) (مادة كيميائية تشجع الصفائح الدموية لتتجمع معًا لتشكل جلطات الدم). وتحدث النوبات القلبية والسكتات الدماغية عادة نتيجة للجلطات التي تسد مجرى الدم في الشرايين الضيقة للقلب أو الدماغ.
وتشير د. ليدلو إلى أن الجرعات العالية من الأسبرين تمنع أيضًا الإنزيم «cyclooxygenase – 2) «COX - 2). وكلا الإنزيمين؛ ««COX - 1 و««COX – 2 يلعب دورًا محوريًا في إنتاج البروستاغلاندين (prostaglandins)، وهي مادة تشجع على حدوث الالتهابات، وتشكل عاملاً أساسيًا في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان القولون.
* محاذير الأسبرين
ما الأمور التي يجب مراعاتها قبل البدء في تناول حبة أسبرين واحدة يوميًا؟ ثمة أسباب عدة تمنعك من تناول حبة أسبرين يوميًا، وفيما يلي أهم 3 أسباب منها:
- إن كان خطر إصابتك بأمراض القلب والسكتة الدماغية منخفضًا. ويمكنك معرفة نسبة خطر إصابتك باستخدام وسيلة حسابية طورتها الكلية الأميركية لأمراض القلب، وجمعية القلب الأميركية، وهي متوافرة على الموقع الإلكتروني www.cvriskcalculator.com. وقد استخدمت فرقة الخدمات الوقائية الأميركية هذه الوسيلة من أجل تطوير هذه التوصية. وإن لم يكن خيار الأسبرين جيدًا بالنسبة لك، ستعرف ذلك من خلال تلك الوسيلة، وإن كان أيضًا عليك أن تراجع طبيبك للتحقق من النتائج.
- عليك مراجعة الطبيب أولاً إن كنت معرضًا للإصابة بالنزيف، أو إذا تسبب تناولك للأسبرين أو غيره من العقاقير المضادة للالتهابات غير الستيرويدية، مثل نابروكسين (naproxen) (أليف Aleve)، أو الإيبوبروفين (ibuprofen) (أدفيل Advil، موترين Motrin) في متاعب بالجهاز الهضمي، أو إن كنت تنزف لفترة طويلة بعد حدوث أي قطع أو جرح.
- إن كانت لديك حساسية من الأسبرين، أو كنت تعاني من أمراض الجهاز التنفسي الناتجة عن تناول الأسبرين المعروفة باسم «Aspirin - exacerbated respiratory disease (AERD)»، وهي حالة طبية مزمنة تشتمل على الإصابة المتكررة بأمراض الربو والجيوب الأنفية، والحساسية من الأسبرين ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية الأخرى. ويعاني نحو 10 في المائة من البالغين المصابين بمرض الربو، و40 في المائة من الأشخاص المصابين من الربو والجيوب الأنفية، من الحساسية للأسبرين ومضادات الالتهاب. والمشكلة أكثر شيوعًا بين السيدات عن الرجال. وتنصح الدكتورة ليدلو قائلة: «إن كنت تعاني من أعراض جانبية لأي من الأدوية المضادة للالتهاب الأخرى، فعليك مراجعة طبيبك قبل تناول الأسبرين لأي سبب من الأسباب».
* أسبرين الطوارئ
وخلاصة القول، عليك الاحتفاظ بعلبة أسبرين 325 ملليغرامًا للطوارئ، حتى إن كنت لا تتناول هذا الدواء، في حال عانيت أو عانى أي شخص في منزلك من أعراض الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتة الدماغية. اطلب الإسعاف أولاً، ثم امضغ قرصًا واحدًا من الأسبرين ذي الجرعة الصغيرة أو 4 أقراص من الأسبرين ذي الجرعة الصغيرة جيدًا قبل البلع، إذ يخفض الأسبرين الممضوغ جيدًا من مستويات الثرموبوكسان أسرع 3 مرات من ابتلاعك القرص كاملاً دون مضغ.
وعلى الرغم من أن الأسبرين قد يساعد على تفتيت الجلطات التي تعيق تدفق الدماء في أوعيتك الدموية، فستلزمك علاجات أخرى إضافية يوفرها لك مهنيون طبيون في غرف الطوارئ أو وأنت في الطريق إلى المستشفى، وفي هذا تكمن الأهمية القصوى في طلبك للإسعاف، لكي يحضر المهني الطبي عند باب منزلك في أقرب وقت ممكن.

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»، خدمات «تريبيون ميديا»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».