بيروت تستضيف «مهرجان السينما البرازيلية» للمرة الأولى

يضم أفلاما اجتماعية وأخرى تروي العلاقة الوطيدة بين البلدين

بيروت تستضيف «مهرجان السينما البرازيلية» للمرة الأولى
TT

بيروت تستضيف «مهرجان السينما البرازيلية» للمرة الأولى

بيروت تستضيف «مهرجان السينما البرازيلية» للمرة الأولى

تستضيف بيروت الدورة الأولى لـ«مهرجان السينما البرازيلية»، الذي يبدأ يوم غد ويستمر حتى 3 سبتمبر (أيلول) المقبل، تحت رعاية السفارة البرازيلية. وهذا الحدث الذي يقام لأول مرة في لبنان، ويشارك في تنظيمه كلّ من «المركز الثقافي البرازيلي في بيروت» وسينما «متروبوليس - امبير» في منطقة الأشرفية، سيعرض أفلاما طويلة وقصيرة، بينها ما يحكي عن العلاقة الوطيدة بين البلدين، وهي أفلام وقعها مخرجون لبنانيون.
ويفتتح المهرجان بفيلم «نايز - ذا هارت أوف مادنس»، الذي تلعب فيه البطولة النجمة البرازيلية غلوريا بيريس، المقتبس عن قصة حياة نايز دي سيلفيرا، وهي ممرضة عملت في مستشفى للأمراض النفسية في البرازيل، فأحدثت انقلابًا فيه من خلال أسلوب تعاملها مع المرضى، رافضة استخدام وسائل العلاج العنيفة. وكان هذا الفيلم قد حاز على جائزتي «أفضل فيلم» و«أفضل ممثلة» في مهرجان طوكيو السينمائي، كما حاز على جائزة الجمهور كأفضل فيلم في مهرجان ريو 2015.
وفي الأول من سبتمبر، يعرض ضمن المهرجان فيلم «أورفانز أوف الدورادو»، المقتبس عن قصة كتبها البرازيلي اللبناني الأصل ميلتون حاطوم، ويروي قصة حبّ وهوس لرجل يفقد ميراثه وعقله من أجل منطقة الأمازون.
أما الفيلم البرازيلي «كازا غراندي»، الذي سيعرض في ثالث أيام المهرجان (الجمعة 2 سبتمبر)، فيتناول قصة مراهق يحاول الهروب من والديه اللذين يهتمان به بشكل مفرط، مما أوصلهما إلى حدّ فقدان ثروتهما. ويحكي فيلم «دونت كول مي سان»، الذي يختتم به المهرجان، الحائز على جائزة في مهرجان برلين السينمائي عام 2016، قصة شاب يكتشف بعد خضوعه لاختبار الحمض النووي أن المرأة التي ربّته، والتي يناديها «أمّي»، هي ليست والدته الحقيقية، وأنه عليه الانتقال للعيش مع والدته البيولوجية. فيبدأ في البحث عن هويّته الأصليّة، لا سيما أنه يحصل على اسم ومنزل جديدين، فتنقلب حياته رأسًا على عقب. ويتضمن المهرجان، إضافة إلى الأفلام الطويلة، فيلمين قصيرين من إخراج لبنانيين: يحكي الأول «Apelo»، من إخراج بشارة مزنّر (المدير الإبداعي في شركة ليو برنيت)، قصة رجل لبناني يزور البرازيل لأول مرة، فتقع معه أحداث تقلب حياته إثر مروره ليلا في شوارع كوباكابانا، باحثا عن صرّاف آلى لسحب بعض النقود. وهذا الفيلم الذي صُوّر في البرازيل، يرتكز على قصة حقيقية عاشها المخرج نفسه، وقد قامت المغنية البرازيلية ماريا كروزا بأداء الأغنية الخاصة به.
أما الفيلم الثاني «لبنان يربح كأس العالم»، وهو من إخراج طوني الخوري وأنطوني لابيه، فهو عبارة عن وثائقي قصير تدور أحداثه عشيّة كأس العالم لكرة القدم في عام 2014، عندما يتوحّد لبنانيان ينتميان إلى حزبين مختلفين، سبق وعايشا الحرب الأهلية، في دعم فريقهما المفضّل في هذه البطولة، ألا وهو الفريق البرازيلي.
وتقول هانيا مروة، مديرة «مهرجانات متروبوليس» المشاركة في تنظيم المهرجان السينمائي البرازيلي في دورته الأولى في لبنان: «هذا المهرجان هو بمثابة لغة حوار جديدة نفتحها بيننا وبين الشعب البرازيلي، فالجميع يعلم أن إحدى أكبر جالياتنا اللبنانية موجودة في ذلك البلد. ومن هذا المنطلق، رغبنا في أن نتشارك معهم في إنتاجاتهم السينمائية التي تشبه إلى حدّ كبير إنتاجاتنا، سواء لجهة إمكانياتها البسيطة، أو في أسلوبها الإبداعي.
وتضيف مروة: «كما يهمّنا أن يتعرّف اللبناني إلى الفنّ السينمائي البرازيلي الذي يشهد في الفترة الأخيرة تطورًا ملحوظًا، مما جعله أكثر انتشارا في العالم أجمع»، متابعة: «نتمنى أن يثبّت هذا المهرجان العلاقة الوطيدة والتاريخية بين البلدين، بحيث يفتح لنا الباب أيضًا لتبادل خبراتنا السينمائية مع البرازيليين، ونتمكّن بدورنا من عرض أفلامنا اللبنانية هناك قريبًا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».