الأكراد يستجيبون لطلب بالانسحاب من غرب الفرات.. وينفون تخلي أميركا عنهم

قيادي لـ «الشرق الأوسط»: الانسحاب تم في 15 أغسطس وسلمت المدينة لمجلسين محليين

مقاتلو الجيش السوري الحر يحتفلون بالسيطرة على مدينة جرابلس شمال سوريا بمساندة تركية (غيتي)
مقاتلو الجيش السوري الحر يحتفلون بالسيطرة على مدينة جرابلس شمال سوريا بمساندة تركية (غيتي)
TT

الأكراد يستجيبون لطلب بالانسحاب من غرب الفرات.. وينفون تخلي أميركا عنهم

مقاتلو الجيش السوري الحر يحتفلون بالسيطرة على مدينة جرابلس شمال سوريا بمساندة تركية (غيتي)
مقاتلو الجيش السوري الحر يحتفلون بالسيطرة على مدينة جرابلس شمال سوريا بمساندة تركية (غيتي)

استجاب أكراد سوريا، أمس، لطلب أميركي قضى بإخراجهم من المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات، باتجاه شرق النهر، حيث أخلوا ريفي منبج وجرابلس، وسط استعدادات لإطلاق المعركة الكبرى الآيلة لـ«تحرير الرقة»، بحسب ما ذكر متحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة «داعش».
وأعلنت وحدات حماية الشعب الكردية السورية، أمس، أن قواتها التي شاركت في عملية لاستعادة مدينة منبج من تنظيم داعش، عادت إلى قواعدها بعد انتهاء العملية بنجاح. وقال متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» في سوريا، إن «العنصر الأساسي» المكون لتحالف «قوات سوريا الديمقراطية» - الذي يشمل وحدات حماية الشعب - تحرك شرقا عبر نهر الفرات الذي عبره للمشاركة في استعادة منبج.
وكان جو بايدن نائب الرئيس الأميركي، قال أمس الأربعاء، إنه يجب على القوات الكردية السورية العودة إلى شرق الفرات بعد السيطرة على منبج التي تقع غرب النهر. وطالبت تركيا القوات الكردية بالانسحاب. وقالت أمس إن على المقاتلين الأكراد التراجع إلى شرق النهر خلال أسبوع.
وذكرت وحدات حماية الشعب في بيان لها: «إننا في القيادة العامة لوحدات حماية الشعب نعلن أن قواتنا أنهت مهامها بنجاح في حملة تحرير منبج، وعادت إلى قواعدها بعد أن سلمت القيادة العسكرية لمجلس منبج العسكري، وكذلك جميع نقاطها العسكرية، كما سلمت الإدارة المدنية للمجلس المدني في منبج في 15 أغسطس (آب) 2016 وببيان رسمي».
ولم يوضح بيان وحدات حماية الشعب أين تقع القواعد. ويقول المجلسان العسكري والمدني لمنبج إنهما يتشكلان من سكان من المدينة.
وبحسب قيادي في «قوات سوريا الديمقراطية»، فإن الانسحاب من المدينة «تم في 15 أغسطس عقب استعادة السيطرة على منبج، حيث تم تسليم المدينة لمجلس منبج العسكري والمجلس المحلي المدني فيها»، مشيرًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تلك القوات «حافظت على مواقعها في ريف منبج الجنوبي، حيث كانت تستكمل خطة طرد التنظيم المتشدد منها». وأكد القيادي أن قواته «انسحبت، أمس، من ريفي منبج وجرابلس وجرى تسليم المواقع للمجلسين العسكريين اللذين يمثلانهما».
وتعد وحدات حماية الشعب شريكًا حيويًا في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة على «داعش» في سوريا. ونقلت «رويترز» عن المتحدث باسم العملية التي تقودها الولايات المتحدة ما نشره على حسابه على «تويتر»، قوله: «قوات سوريا الديمقراطية تحركت شرقا عبر نهر الفرات للاستعداد لعملية تحرير الرقة في نهاية المطاف». وأضاف المتحدث أن بعض القوات بقيت في منبج لإنهاء عمليات التطهير وإزالة العبوات الناسفة بدائية الصنع.
وفيما حمل الانسحاب مؤشرات على «مقايضة ما» بين مواقع تواجدهم في ريف حلب الشرقي الواقع غرب نهر الفرات، مقابل التقدم باتجاه الرقة، نفى مسؤولون أكراد هذه الفرضية. وقال مستشار القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ناصر الحاج منصور: «مبدأ المقايضة من أساسه أنفيه.. فتحديد الهدف لم يتم، كما لم يتم بحث موضوع التقدم إلى الرقة من جانبنا حتى الآن».
وقال منصور لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نتحدث صراحة عن اتجاهنا لتحرير الرقة في هذا الوقت، المعركة مع (داعش) استراتيجية ومبدئية ووجودية، وهي معركة مستمرة، لكن الاتجاه إلى أي جبهة، هو قرار تكتيكي لم يتخذ بعد»، مشددًا على أن قيادة «سوريا الديمقراطية»، «ستناقش مع حلفائها هذه الأهداف، وخصوصًا التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب». وقال: «المنطق يقول إن الجهود ستتركز لتحرير الرقة، لكني بوصفي عسكريًا، أؤكد أن الهدف لم يُحدد بعد؛ لأنه لم يتم الاتفاق على الأهداف التكتيكية مع الحلفاء، وهو أمر خاضع للتباحث مع التحالف الدولي ضد (داعش)».
وأظهر الانسحاب من غرب الفرات، بضغط من تركيا التي توغلت دباباتها داخل الأراضي السورية إلى عمق يناهز 10 كيلومترات، تخليًا أميركيًا عن الأكراد الذين حظوا بدعم عسكري كبير من قبل الولايات المتحدة، وهو ما نفاه الأكراد ومسؤولون في «قوات سوريا الديمقراطية».
وأكد رئيس مركز الدراسات الكردية، نواف خليل لـ«الشرق الأوسط»، أن واشنطن «لم تتخلّ عن الأكراد»، مشيرًا إلى أن تصريح نائب الرئيس الأميركي جو بايدن حول الانسحاب من غرب الفرات «لم يكن مفاجئًا»، بالنظر إلى أن «القوة المقاتلة الأساسية غرب الفرات، تتشكل من أبناء المدن وليس من قوات سوريا الديمقراطية التي قدمت مؤازرة للمقاتلين المحليين الذين ينضمون إلى المجالس العسكرية المحلية، وبينها مجلس منبج العسكري ومجلس الباب العسكري ومجلس جرابلس العسكري». وأضاف: «لا أعتقد أن أميركا ستغير سياستها تجاه الأكراد، فهي لم تجد بديلاً عنهم في السابق لقتال (داعش)، حيث أثبت المقاتلون الأكراد أنهم الأجدر في قتال التنظيم المتطرف، مقارنة بفصائل عسكرية أخرى تلقت دعمًا من واشنطن».
ويلتقي ذلك مع رفض المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» العقيد طلال سلو، تصوير الدعم الأميركي للحملة العسكرية التي تقودها تركيا في شمال سوريا، على أنه تخلّ كامل من قبل الولايات المتحدة عن حلفائها الأكراد. ووصف سلو في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، دعم الولايات المتحدة للعمليات العسكرية التركية بأنه «نوع من المجاملة للحليف تركيا، ولن يكون هذا الدعم دائما». وشدد سلو على أن «الولايات المتحدة لم تتخلّ عنا.. والمستشارون والخبراء الأميركيون لا يزالون متواجدين في قواعد تمركز قوات سوريا الديمقراطية».



القوات الدولية في غزة... تحفظات فلسطينية تلوّح بتعقيدات أمام الوسطاء

فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
TT

القوات الدولية في غزة... تحفظات فلسطينية تلوّح بتعقيدات أمام الوسطاء

فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)

تواجه القوات الدولية المنتظر نشرها في قطاع غزة تحفظات من عدة فصائل فلسطينية، بينها حركة «حماس»، بشأن نزع السلاح، رغم كونه شرطاً أساسياً في اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه الحركة.

تلك التحفظات التي تأتي وسط خطوات لتنفيذ نشر تلك القوات، ووسط أحاديث عن ترتيبات مصرية - أميركية لاختيار العريش مركزاً للعمليات، تشي بأن هناك تعقيدات ستواجه الوسطاء فيما يتعلق بتلك القوات، خاصة صلاحياتها، مما يهدد اتفاق وقف إطلاق النار، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وعن موقف مصر إزاء تلك التحفظات، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إنها «تتحرك بشكل مكثف»، وإنها «في قلب التطورات العسكرية والأمنية ولن تبتعد عن المشهد، ولديها تنسيق مستمر مع الولايات المتحدة».

وأضاف أن مشاورات اختيار العريش مركزاً مؤقتاً لإدارة غزة أو عمليات القوات الدولية تجري منذ فترة، «وتؤكد الوجود المصري في جميع الملفات ذات الصلة حرصاً على أمنها أو دعماً للقضية الفلسطينية، لكن من المبكر الحديث عن الحسم في هذا الصدد في ظل العقبات التي تواجه الاتفاق».

فلسطينيون يسيرون تحت المطر بالقرب من مبانٍ مدمرة بشرق مدينة غزة يوم الأحد (إ.ب.أ)

وبحسب نص مشروع القرار الأميركي الذي عُرض على مجلس الأمن، الاثنين، تُشكَّل «قوة استقرار دولية مؤقتة» تعمل مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثاً للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من قطاع غزة.

تحفظات فلسطينية وإسرائيلية

ورغم أن مشروع القرار، وعلى عكس المسودات السابقة، يُشير إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية، أصدرت فصائل وقوى فلسطينية، الأحد، مذكرة حذّرت فيها من خطورة مشروع القرار الأميركي الخاص بإنشاء قوة دولية في قطاع غزة، وقالت إنه «يشكّل محاولة لفرض وصاية دولية على القطاع».

وقالت فصائل وقوى فلسطينية، في بيان نشرته حركة «حماس»، إن الصيغة المقترحة لمشروع القرار الأميركي تمهد لهيمنة خارجية على القرار الوطني الفلسطيني، مشددة على «رفض أي بند في المقترح الأميركي يتعلق بنزع سلاح غزة أو المساس بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة».

فلسطينيون يلوذون بالخيام في مواصي خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

وأضافت أن أي نقاش في ملف السلاح «يجب أن يظل شأناً داخلياً مرتبطاً بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة»، لافتة إلى أنها «ترفض أي وصاية أو وجود عسكري أجنبي أو إقامة قواعد دولية داخل قطاع غزة».

هذا التحفظ استبق تصويت مجلس الأمن، الاثنين، على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خريطة الطريق الأميركية التي طرحها الرئيس دونالد ترمب بشأن غزة الشهر الماضي، بالتوازي مع مشروع قرار روسي مضاد يدعو الأمم المتحدة إلى تقديم اقتراحات بشأن إنشاء «قوة الاستقرار الدولية»، ويحذف الإشارة إلى «مجلس السلام» بقيادة ترمب.

وعن الجانب الإسرائيلي، تحدثت «هيئة البث»، الأحد، عن أن إسرائيل «تمارس ضغوطاً في اللحظات الأخيرة لتغيير صيغة الاقتراح الأميركي»، خوفاً من بنود منها تضمين التمهيد لمسار يقود إلى «تقرير المصير الفلسطيني»، وفقاً لما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة.

فلسطينية تحمل حطباً لإشعال النار للطهو في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفي ظل هذه التحفظات، وتصويت مجلس الأمن، يعتقد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأنين الفلسطيني والإسرائيلي الدكتور طارق فهمي، أن «الأمر يزداد تعقيداً أمام الوسطاء».

وأضاف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو صدر القرار الأممي بنشر القوات، فإن ذلك لن يحل الإشكالية في ظل تحفظ فلسطيني على نزع السلاح وعدم تشكيل لجنة إدارة غزة للآن، واحتمال مراوغة في تنفيذ الاستحقاقات من جانب إسرائيل قد تقودها للدعوة لانتخابات مبكرة لتجاوز أي التزام لا يوافق رغبتها».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع أن الفصائل لم يعد لديها خيار «وعليها أن تتحمل المسؤولية وألا تعقد جهود الوسطاء لإنجاح الاتفاق».

وفي رأيه، فإن حركة «حماس» وإسرائيل «لا تريدان بدء المرحلة الثانية فعلياً لأن الحركة ترفض نزع السلاح، ودولة الاحتلال تريد استمرار سيطرتها وبقاءها على تقسيم غزة».

تكثيف الجهود

يأتي ذلك وسط أحاديث عن عقد مصر والولايات المتحدة اجتماعاً مشتركاً، الاثنين، لمناقشة اختيار موقع في مدينة العريش بشمال سيناء لإدارة القوات الدولية التي ستنشر في قطاع غزة وفقاً لخطة وقف الحرب، وفقاً لتقارير صحافية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كشفت صحيفتا «هآرتس» الإسرائيلية و«الغارديان» البريطانية عن وثيقة أعدها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، تتضمن تصوراً لإدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، يقوم على إنشاء سلطة انتقالية ذات طابع دولي تمنح الفلسطينيين دوراً محدوداً في إدارة الشؤون اليومية، ويكون مقرها العريش المصرية.

وعن ذلك، قال مصدر مصري مطّلع لـ«الشرق الأوسط» وقتها إن «الأمر متروك للتفاوض» في ظل التدمير بالقطاع، لافتاً إلى أن «مصر مع أي موقف يُمكّن الفلسطينيين من حكم بلادهم دون تعدٍ عليهم أو تجاهل أو تجاوز لهم».

مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

والعريش مدينة مصرية استراتيجية متاخمة للحدود مع غزة، وبالقرب منها يقع معبر رفح. وبعد اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر، استخدمت في استقبال المواد الإنسانية والإغاثية من كل أنحاء العالم لتيسير إدخالها القطاع.

وقال فهمي: «ما يثار بشأن إنشاء مركز في العريش يؤكد أن القاهرة حريصة على المشاركة في كل الترتيبات الأمنية والعمل على ضمان نجاح اتفاق غزة، خاصة أن أي فشل للجهود الدولية يعني استمرار تقسيم غزة، وهذا أمر مرفوض تماماً من جانب القاهرة»، متوقعاً زيادة الجهود المصرية لإنهاء تلك التعقيدات قبل أن تتفاقم.

ويعتقد مطاوع أن القاهرة «ستستمر في أدوارها لدعم اتفاق غزة، وستكون حريصة على سد أي ذرائع يمكن أن تهدد صمود الاتفاق. لكن بالأساس يجب على طرفي الحرب الالتزام أولاً بما سبق الاتفاق عليه».


اجتماع وزاري مصري - تشادي يناقش دفع التعاون ومكافحة الإرهاب بالساحل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
TT

اجتماع وزاري مصري - تشادي يناقش دفع التعاون ومكافحة الإرهاب بالساحل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)

ناقش اجتماع وزاري مصري - تشادي سبل دفع التعاون بين البلدين، ومكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي، والتوافق على تدشين وتنفيذ عدد من المشروعات التنموية بينها «الربط الإقليمي الثلاثي مع ليبيا».

وشهدت القاهرة، مساء الأحد، اجتماعات مكثفة عقدتها «اللجنة المصرية - التشادية المشتركة»، التي ترأسها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل، بمشاركة عدد من المسؤولين والوزراء من البلدين، وفق بيان لوزارة الخارجية المصرية.

وأكد عبد العاطي في إفادة رسمية، عقب اجتماع الأحد، حرص بلاده الدائم على دعم الجهود التشادية، باعتبارها «شريكاً محورياً لمصر في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد، ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وإحلال التنمية محل الصراع».

اجتماع مصري - تشادي يناقش دفع التعاون ومواجهة الإرهاب بالساحل الأفريقي (الخارجية المصرية)

كما شدد وزير الخارجية في إفادته على «أهمية استغلال الفرص المتاحة لتعزيز وتوثيق التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والاستثمار والبنية التحتية والنقل والزراعة والتعليم والاتصالات والبترول والثروة المعدنية والإسكان، فضلاً عن فرص تعزيز التبادل التجاري من خلال زيادة الواردات المصرية من اللحوم التشادية، وزيادة الصادرات الدوائية المصرية إلى تشاد».

وخلال الاجتماعات، وقع الجانبان المصري والتشادي على عدد من مذكرات التفاهم حول المشاورات السياسية بين الطرفين، والتعاون بين المعهدين الدبلوماسيين، والتعاون بين وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة ووزارة المياه والطاقة التشادية، والتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والوكالة التشادية للاستثمار.

«شراكة استراتيجية»

وترى مديرة «البرنامج الأفريقي» في مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، أماني الطويل، أن قرارات «اللجنة المشتركة» بين مصر وتشاد «تأخرت كثيراً»، وأن هذه خطوة «تحمل أهمية استراتيجية» على مستويات مختلفة.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تعميق الشراكة الاستراتيجية بين مصر وتشاد يساعد الأخيرة في مواجهة خطر الإرهاب على أراضيها، ويدعم جهود مكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي، كما سينعكس أيضاً على العلاقات المصرية الليبية».

وتعتقد الدكتورة أماني الطويل أن تعزيز التعاون المصري - التشادي «يأتي في لحظة دقيقة من الحرب السودانية التي تؤثر على تشاد بأشكال مختلفة، ويمكنها أن تلعب دوراً مهماً في وقف إطلاق النار والمراحل التالية، باعتبارها دولة جوار».

وأكدت أن الشراكة بين مصر وتشاد تدفع باقتصاد البلدين، وتنعكس على جودة الحياة بهما، «خاصة أن تشاد بحاجة إلى دفع اقتصادها والاستفادة من ثرواتها الطبيعية»، مشيرة إلى أن «الطريق البري الذي يربط مصر وتشاد عبر ليبيا سيكون له تأثير بالغ الأهمية على حركة التجارة في أفريقيا، ويدعم خطط التنمية الأفريقية، كما أنه سيمكّن تشاد من تصدير منتجاتها الزراعية وثروتها الحيوانية، وسيفتح أسواقاً للمنتجات المصرية».

جانب من الاجتماع المصري - التشادي (الخارجية المصرية)

ويهدف مشروع الطريق البري الذي يربط بين مصر وليبيا وتشاد إلى تعزيز حركة التبادل التجاري والتكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث، وينقسم إلى ثلاثة قطاعات، ينطلق القطاع الأول من داخل مصر بطول 400 كيلومتر، والقطاع الثاني سيكون داخل الأراضي الليبية بطول 390 كيلومتراً، فيما سيكون القطاع الثالث داخل الحدود التشادية بطول 930 كيلومتراً، وفق وزارة النقل المصرية.

وأكد نائب رئيس الوزراء المصري ووزير النقل والصناعة كامل الوزير، في إفادة رسمية فبراير (شباط) الماضي، بدء تنفيذ المشروع في مرحلة القطاع الأول داخل الأراضي المصرية، من شرق العوينات، إلى جانب توقيع مذكرة تفاهم بين شركة «المقاولون العرب» المصرية والحكومتين الليبية والتشادية، للبدء في أعمال الدراسات المساحية والبيئية والتصميم المبدئي للطريق داخل ليبيا وتشاد.

وكانت شركة «المقاولون العرب» قد وقعت، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اتفاقاً مع الحكومة التشادية لوضع دراسات تنفيذ طريق الربط البري مع الدول الثلاث. وسبق ذلك اتفاق مماثل مع الحكومة الليبية في أغسطس (آب) العام الماضي.

التنسيق الأمني

وفي رأي عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» السفير رخا أحمد حسن، فإن العلاقة بين مصر وتشاد «استراتيجية وممتدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط»، «إن دعم استراتيجية العلاقة بين البلدين عبر أوجه الشراكة المختلفة يعزز التنسيق السياسي والأمني، خاصة ما يتعلق بالتعاون في مواجهة الإرهاب والجماعات المسلحة المنتشرة في شمال ووسط أفريقيا عبر التنسيق الأمني وتبادل المعلومات».

ومن بين الملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، حسب حسن، ما يتعلق بالأمن في ليبيا، كون تشاد من دول الجوار الليبي وتعد بوابة لعبور المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يحتم تعاوناً وتنسيقاً مع مصر.

وأكد أن «ثمة خصوصية للدور الذي يمكن أن تلعبه تشاد في الأزمة السودانية، باعتبارها دولة جوار، إذ إنه يوجد تداخل سكاني بين تشاد والقبائل والعشائر في دارفور، وهو ما يعني وجود ممر لدخول الأسلحة إلى السودان، مما يتطلب تنسيقاً أمنياً مع مصر لدعم تحركات وقف إطلاق النار في السودان».

ولفت إلى أن «اتفاقات الشراكة مع مصر، وتنفيذ الطريق البري الذي يربط بين البلدين عبر ليبيا، سيعزز فرص التنمية في تشاد، ويفتح آفاقاً لتصدير سلعها؛ فهي دولة مغلقة ليس لديها موانٍ، ويجب أن تمر بضائعها عبر دولة ثالثة، حيث يُعتبر السودان بوابة رئيسية للسلع التشادية، لكن الحرب أثرت على ذلك».


إحباط مخطط حوثي لاغتيال قيادات أمنية وعسكرية في عدن ومأرب

حوثيون يستعرضون قوتهم في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
حوثيون يستعرضون قوتهم في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إحباط مخطط حوثي لاغتيال قيادات أمنية وعسكرية في عدن ومأرب

حوثيون يستعرضون قوتهم في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
حوثيون يستعرضون قوتهم في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

في خضمّ تصاعد الصراع بين الأجنحة الأمنية داخل الجماعة الحوثية على خلفية الاختراق الإسرائيلي، أعلنت السلطات الأمنية اليمنية عن إحباط مخططين «إرهابيين» في كلٍّ من عدن ومأرب، كانا يستهدفان قيادات أمنية وعسكرية بارزة في المدينتين الخاضعتين لسيطرة الحكومة الشرعية.

وكشفت التحقيقات عن أن العناصر المتورطة تلقّت تدريبات مكثفة على زراعة المتفجرات وتشغيل المسيّرات في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين شمال البلاد.

وقالت شرطة محافظة عدن، التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة، إنها أحبطت «مؤامرة إرهابية واسعة النطاق» كانت تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة. وأوضحت أنها ألقت القبض على عناصر تنتمي إلى خلايا «منظمة» جرى تجنيدها وتدريبها في مناطق سيطرة الحوثيين لتنفيذ عمليات استهداف موجّهة ضد قيادات أمنية وعسكرية.

خلايا حوثية مدربة على استخدام الأسلحة الآلية وقذائف الـ«آر بي جي» (إعلام حكومي)

وحسب بيان الشرطة، أظهرت التحقيقات «تفاصيل دقيقة» لعملية استقطاب ممنهجة شملت نقل شبان من عدن إلى معسكرات سرية في منطقة الحوبان شرق تعز، حيث تلقوا دورات قتالية مكثفة استمرت لأسابيع. وشملت التدريبات استخدام الأسلحة الآلية وقذائف الـ«آر بي جي»، وصناعة العبوات الناسفة وزرعها، والتدريب على الطيران المسيّر وتقنيات المراقبة الجوية.

وأفاد المقبوض عليهم في اعترافاتهم بأن تلك الدورات لم تقتصر على التدريب العسكري، بل شملت أيضاً تعبئة فكرية «متطرفة»، تضمنت خطاباً تحريضياً يستهدف قوات الجيش والأمن في عدن. كما تم أخذ العناصر في زيارات «جهادية» إلى معقل الحوثيين في صعدة ومناطق أخرى ضمن برنامج يهدف إلى تعزيز الولاء للجماعة وتهيئتهم لتنفيذ مهام نوعية داخل المناطق المحررة.

تفجير واغتيالات

وأوضحت الشرطة في عدن أن التحقيقات كشفت عن مخطط واسع لاستهداف قيادات أمنية وعسكرية، عبر تشكيل خلايا قادرة على تنفيذ عمليات تفجير واغتيالات، ورصد تحركات مسؤولين أمنيين بارزين، خصوصاً في مديريّة دار سعد، والحزام الأمني والقوات البرية.

كما أظهرت الأدلة أن قائمة الاستهداف شملت المقدم مصلح الذرحاني، قائد شرطة دار سعد، والعميد جلال الربيعي، أركان قوات الحزام الأمني وقائد حزام عدن، والنقيب كمال الحالمي، قائد وحدة حماية الأراضي، والعميد أوسان العنشلي، أركان حرب القوات البرية، والعقيد إسماعيل طماح، مسؤول استخبارات الحزام الأمني، والملازم آدم داؤود، ضابط التحقيق في شرطة دار سعد.

خلية الحوثيين في مأرب خططت لاغتيال وزير الداخلية ورئيس الأركان (إعلام حكومي)

وحسب الشرطة، تبيّن أن أمجد خالد فرحان، قائد لواء النقل السابق المطلوب للحكومة الشرعية، يقف وراء جزء كبير من عملية التمويل والإشراف اللوجيستي على الخلايا، بعد انتقاله إلى مناطق سيطرة الحوثيين عقب قرار عزله.

وأكدت الشرطة أن فرحان كان يوفّر رواتب شهرية ثابتة لأفراد الخلية ويغطي كامل تكاليف تنقلاتهم وإقاماتهم، عادَّة أن ذلك «يؤكد وجود تمويل خارجي ضخم ومستمر يقف خلف المخطط».

كما تتهمه الشرطة بإصدار توجيهات لعناصر الخلية عقب انتهاء تدريبهم بالعودة إلى عدن وتسليم أنفسهم للسلطات عبر وساطات، وذلك جزءاً من «عملية تمويه مدروسة» تهدف لتسهيل حركتهم مستقبلاً عند بدء تنفيذ المهام الموكلة إليهم.

وأكدت شرطة عدن أنها مستمرة في تنفيذ عمليات «نوعية» لملاحقة كل من يحاول تهديد أمن المدينة، وأنها تعمل على تفكيك الشبكات المرتبطة بالحوثيين داخل مناطق سيطرة الحكومة.

خلية مأرب

في محافظة مأرب، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية عبر مركزها الإعلامي إحباط مخطط «خطير» أعدَّه ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، كان يستهدف قيادات أمنية وعسكرية، على رأسهم وزير الداخلية ورئيس هيئة الأركان العامة. وأكدت الأجهزة الأمنية أنها ألقت القبض على أفراد الخلية المتورطين وكشفت عن تفاصيل المخطط عقب التحقيق معهم.

وحسب البيان الأمني، فإن عناصر الخلية تلقّوا تدريبات على تصنيع العبوات الناسفة داخل مصنع سري للمتفجرات أنشأه الحوثيون في حي ذهبان شمال صنعاء، داخل تجمعات سكانية مدنية، في إطار سياسة تستخدم الأحياء السكنية غطاءً لأنشطة عسكرية حساسة.

الحوثيون أنشأوا مصانع للمتفجرات في وسط التجمعات السكانية بصنعاء (إعلام حكومي)

وأفادت التحقيقات بأن الخلية كانت تعمل بإشراف مباشر من القيادي الحوثي أبو إدريس المؤيد، ومن رئيس الأركان محمد الغماري قبل مقتله في غارة إسرائيلية. وأوضح أحد عناصر الخلية أنه كان مكلّفاً تصوير معدات وسيارات عسكرية وجمع معلومات حساسة عن شخصيات مدنية وعسكرية في مديرية الوادي بمأرب، إلى جانب رفع تقارير دورية حول التحركات والاجتماعات والتعزيزات.

وأكدت أجهزة الأمن اليمنية أن إحباط هذه العملية شكّل ضربة جديدة لقدرات الحوثيين على تنفيذ هجمات نوعية داخل المناطق المحررة، وأن العمليات الاستباقية ستستمر لمنع أي نشاط معادٍ يستهدف القيادات أو البنية الأمنية والعسكرية.

محاربة المخدرات

في سياق آخر يتعلق بجهود مكافحة الجريمة، أعلنت شرطة عدن تنفيذ عملية «نوعية» في مدينة كريتر، أسفرت عن ضبط شخصين متهمين بترويج وتعاطي مواد مخدرة.

وقال العقيد نبيل عامر، مدير الشرطة، إن العملية نُفذت بعد تحرٍّ دقيق ورصد متواصل؛ إذ تم ضبط المتهمين متلبسين وبحوزتهما كميات من الحشيش وحبوب «بلاك بارين» المخدرة. وأشار إلى أن أحدهما من سكان حي القطيع والآخر من مديرية المنصورة، مؤكداً أن كليهما من أصحاب السوابق في ترويج الحبوب والحشيش.

وأوضح مدير الشرطة أن هذه العملية تأتي ضمن خطة شاملة «لاستهداف العناصر التي تعبث بأمن المجتمع وتسعى لتدمير الشباب عبر المخدرات»، مؤكداً استكمال الإجراءات القانونية وإحالتهما لإدارة مكافحة المخدرات لاستكمال التحقيقات قبل عرضهما على القضاء.