أربيل تستضيف نجوم السينما العربية والعالمية في مايو المقبل

يسرا وليلى علوي وأميتاب باتشان وآرنولد شوارتزنيغر ضيوف المهرجان

أربيل تستضيف نجوم السينما العربية والعالمية في مايو المقبل
TT

أربيل تستضيف نجوم السينما العربية والعالمية في مايو المقبل

أربيل تستضيف نجوم السينما العربية والعالمية في مايو المقبل

تشهد أربيل في 5 مايو (أيار) المقبل من هذا العام أكبر مهرجان سينمائي دولي يقام على أرضها وللمرة الأولى ضمن أنشطة وفعاليات احتفاء أربيل بلقب عاصمة السياحة العربية لعام 2014 في إطار موسم جديد من الأنشطة المقامة بهذه المناسبة. وستشارك في هذا المهرجان العديد من الأفلام الكردية والعربية وحتى العالمية بحضور العديد من نجوم العالم من ممثلين ومخرجين من العديد من الدول العربية وهوليوود بالإضافة لعدد كبير من الفنانين من السينما الهندية (بوليوود). وأكد المتحدث الإعلامي باسم المهرجان بشتيوان عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن أكثر من 70 فيلما روائيا طويلا من جميع أنحاء العالم ستشارك في المهرجان، الذي يعد الأول من نوعه في إقليم كردستان والعراق بشكل عام.
وذكر عبد الله أن «المشاركة ستكون واسعة بحضور ألمع نجوم السينما العربية والهندية والتركية والإيرانية، بالإضافة لعدد كبير من الفنانين الكرد من كردستان العراق وتركيا وسوريا وإيران». وأضاف أن «فعاليات الافتتاح وتقديم العروض ستجري في قاعات صالة (إمباير سينما) التي تتكون من 14 صالة متطورة حسب المواصفات العالمية».
وبين عبد الله أن العديد من نجوم الفن العربي مثل «يسرا وإلهام شاهين وليلى علوي وسمية الخشاب وحسين فهمي، ونجوم آخرين من هوليوود منهم جان كلود فاندام، وآرنولد شوارتزنيغر، والنجم الهندي أميتاب باتشان، ومواطنه دارا مندر، وأبطال المسلسل الإيراني (يوسف الصديق)، والفنانة السورية منى واصف، ومواطنها أيمن زيدان، سيكونون ضمن الحضور».
أما من نجوم الفن التركي، فسيكون الأربيليون على موعد مع النجوم: بيرين سات الشهيرة باسم (فاطمة)، ومريم أوزرلو بطلة مسلسل «حريم السلطان» (حيث سيعرض هذا المسلسل في قالب سينمائي أثناء العروض)، بالإضافة لنجوم آخرين مدعوين لم يؤكدوا حتى الآن حضورهم المهرجان من عدمه.
وأوضح المتحدث الإعلامي للمهرجان أن لجنة التحكيم بالمهرجان مكونة من فنانين سينمائيين من كردستان العراق وفرنسا ومصر وتركيا وإيران.
وقال عبد الله: «سيقام المهرجان برعاية حكومة إقليم كردستان، وتحديدا اللجنة العليا المشرفة على فعاليات العاصمة السياحية العربية في أربيل وبمبادرة وتنسيق مع شركات (تيكو) و(مؤسسة الفنان شفان برور) وشركة (7) للإنتاج السينمائي، بالإضافة لوجود شركات أخرى راعية للمهرجان مثل شركة (كورك) للاتصالات».
وتابع عبد الله أن الحفلة الختامية للمهرجان «ستكون في قاعة «مطم تارين» في أربيل بحضور فرق موسيقية كردية وهندية وعربية، وأكد عبد الله أن إقليم كردستان العراق سيشارك في هذا المهرجان بعدة أفلام سينمائية من إنتاج دائرة السينما في أربيل.
وسيجري خلال أيام المهرجان عرض الفيلم الكردي «بائعة التبن» أو «كجەكەی كافروش» باللغة الكردية، الذي أثار جدلا كبيرا من حيث صحة الأحداث التاريخية والوقائع التي يعرضها الفيلم. وبين المتحدث الإعلامي أن «العديد من الأفلام الجديدة من السينما الهندية (بوليوود) والسينما الإيرانية ستشارك أيضا في المهرجان، بالإضافة إلى مفاجآت لن يعلن عنها في الوقت الحالي».
وستكون الجائزة الرسمية للمهرجان عبارة عن تمثال على شكل حصان مطلي بالذهب، بالإضافة لجوائز مالية أخرى ستمنح للأفلام المشاركة في المهرجان.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)