الائتلاف يطالب المجتمع الدولي «بإيقاف جرائم الأسد».. بموازاة استمرار القصف الجوي والتشكيك بالهدنة

اليونيسيف تدعو لأن يقترن التعاطف مع 100 ألف طفل بحلب مع «أفعال»

أحد الأطفال الجرحى يرقد بمستشفى في مدينة القامشلي إثر قصف طائرة للنظام السوري أمس على المدينة (أ.ف.ب)
أحد الأطفال الجرحى يرقد بمستشفى في مدينة القامشلي إثر قصف طائرة للنظام السوري أمس على المدينة (أ.ف.ب)
TT

الائتلاف يطالب المجتمع الدولي «بإيقاف جرائم الأسد».. بموازاة استمرار القصف الجوي والتشكيك بالهدنة

أحد الأطفال الجرحى يرقد بمستشفى في مدينة القامشلي إثر قصف طائرة للنظام السوري أمس على المدينة (أ.ف.ب)
أحد الأطفال الجرحى يرقد بمستشفى في مدينة القامشلي إثر قصف طائرة للنظام السوري أمس على المدينة (أ.ف.ب)

أكدت منظمة «اليونيسيف» التابعة للأمم المتحدة أن 100 ألف طفل محاصر في أحياء مدينة حلب الشرقية، بشمال سوريا، يعانون الرعب اليومي، داعية إلى أن «يقترن التعاطف والغضب مع الفعل»، وذلك بموازاة القصف الجوي الذي نفذته قوات النظام، مستهدفة مناطق في حلب وريف محافظتها ومحافظة إدلب وحمص، وأسفر عن مقتل مدنيين، بحسب ما أفاد ناشطون سوريون.
استمرار القصف، دفع «الائتلاف الوطني السوري» لمطالبة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول المساندة للشعب السوري «بالعمل على وقف جرائم نظام الأسد وروسيا بحق المدنيين على الفور». وفي تصريح صادر عن مكتب الائتلاف الإعلامي، دعا الائتلاف إلى «وضع حد لنظام الأسد وروسيا ومنع أعمال القتل والتدمير والتهجير، بكل ما يترتب على ذلك من تقويض لفرص التسوية السياسية إلى نحو ينهي معاناة الشعب السوري».
وأشار الائتلاف إلى تعرض ريف محافظة حمص الشمالي إلى حملة إرهابية ممنهجة تشنها طائرات النظام وروسيا، وأسفر القصف الجمعة عن مقتل 13 مدنيًا على الأقل وجرح 30 آخرين، سقط معظمهم في مدينة الغنطو بريف حمص، فيما طالت الغارات مدن وبلدات الرستن وتلبيسة وتير معلة والزعفرانة وغيرها. وأكد الائتلاف أن هذه الهجمات الإجرامية المدانة ومثيلاتها: «لن تنجح في كسر إرادة السوريين بالرغم مما تسببت به من دمار وموت»، محذرًا من عواقب الاستمرار في السكوت عن جرائم النظام وروسيا بحق المدنيين.
ومن ناحية أخرى أفاد ناشطون أمس بمقتل امرأتين وإصابة أكثر من 20 مدنيا آخرين، في حصيلة أولية لاستهداف الطيران الحربي النظامي بغارة بالقنابل العنقودية، قرية عدوان الواقعة جنوب مدينة جسر الشغور الخاضعتين لسيطرة المعارضة بريف إدلب الغربي، بحسب ما ذكر «مكتب أخبار سوريا». كذلك أفيد عن مقتل سبعة مدنيين من عائلة واحدة، بينهم ثلاثة أطفال، جراء استهداف الطيران المروحي النظامي ببرميل متفجر حي حلب القديمة الخاضع لسيطرة المعارضة وسط مدينة حلب. وقال الناشط الإعلامي المعارض محمد الحلبي، إن الضحايا نازحون من مدينة الباب الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش بريف حلب الشرقي، وهم عائلة الناشط الإعلامي المعارض علي أبو الجود، الذي غادر الباب مع عائلته عام 2014 بعد ملاحقة التنظيم له، لافتا إلى أنه كان خارج المنزل وقت استهدافه. هذا، وأفاد معارضون سوريون بمقتل طفل يبلغ من العمر 11 عامًا إثر قصف جوي استهدف قرية قبتان الجبل بريف حلب الغربي.
وحرّك هذا الاستمرار بالقصف الجوي، منظمة «اليونيسيف» (صندوق الطفولة الدولي) التي تحدث مديرها التنفيذي أنتوني ليك عن وضع الأطفال في حلب، قائلاً: «أي إنسانٍ يقدر على رؤية معاناة عمران دقنيش المروعة، ذاك الطفل الصغير الذي انتُشل من المبنى المدمر في مدينة حلب في سوريا من دون أن يجتاحه الشعور بالتعاطف لأبعد الحدود؟ ألا يمكننا أن نشعر بالإحساس ذاته تجاه أكثر من 100 ألف طفل محاصرين في دوامة من الرعب تُسمى حلب؟ جميعهم يعانون من أشياء يجب ألا يعيشها أو حتى يشهدها أي طفل».
وقال ليك، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «إن التعاطف لا يكفي، والغضب لا يكفي. آن الأوان أن يقترن التعاطف والغضب مع الفعل»، مضيفًا: «الأطفال في سوريا في سن عمران لم يعرفوا شيئا سوى رعب هذه الحرب التي يشنها الكبار، لذا علينا جميعًا أن نطالب أولئك الكبار ذاتهم بوضع حدٍ لكابوس أطفال في حلب».
جدير بالإشارة أن القصف المستمر، يأتي غداة إعلان موسكو عن هدنة لمدة 48 ساعة الأسبوع المقبل. ولقد شككت مصادر في المعارضة السورية بفحوى الهدنة، قائلة لـ«الشرق الأوسط» بأن هذه الهدنة «لن تكون مختلفة عن سابقاتها، حيث تتذرع موسكو والنظام بوجود متشددين لاستكمال القصف»، قائلة إن هذه الهدنة «ستكون فرصة للنظام لالتقاط أنفاسه في حلب، بعد سلسلة النكسات التي تعرض لها، وتراجع على إثرها أمام تقدم قوات المعارضة».
في هذه الأثناء، في دليل على هشاشة الهدنة بل انعدامها، تجددت الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف آخر في محور سليمان الحلبي بمدينة حلب، بينما استهدفت الفصائل المقاتلة بصاروخين موجهين عناصر من قوات النظام بمحيط الكلية الجوية جنوب حلب، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من عناصر قوات النظام، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وأشار إلى أن الطيران الحربي استهدف أماكن في مناطق الراموسة والحكمة والراشدين والكليات العسكرية بجنوب وجنوب غربي حلب، وأماكن في منطقة ضهرة عبد ربه، بغرب حلب، بينما سمع دوي انفجار في ريف حلب الجنوبي الشرقي، يعتقد أنه ناجم عن انفجار في مستودع ذخيرة لقوات النظام في معامل الدفاع بمنطقة السفيرة.
وفي حين تحدث المرصد عن غارات جوية استهدفت مناطق في مدينة الباب الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، أعلن «المجلس العسكري لمدينة منبج وريفها» الذي يقاتل تحت لواء ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» عن انتهاء العمليات العسكرية في الريف الشمالي من مدينة منبج: «بعد أن أسفرت عملية التحرير عن النتائج العسكرية المطلوبة». وقال المجلس: «تكللت جهود قوات المجلس العسكري لمنبج وريفها مع قوات سوريا الديمقراطية ضد التنظيم الإرهابي بتأمين الخط الدفاعي الواقع في شمال نهر الساجور وذلك في الريف الشمالي من منبج تحسبا لأي عملية تسلل لعناصر داعش للمناطق المحررة، وعلى أثره عادت قوات سوريا الديمقراطية إلى جنوب خط الساجور بينما بقيت قوات المجلس العسكري في شمال خط نهر الساجور بعدما تمركزت في الخطوط الدفاعية شمال النهر».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.