سقوط 13 مدنيًا في حلب بقصف روسي.. والنظام يفشل في خرق محاور الكليات

تقرير حقوقي يرصد تفوق القوات الروسية على «داعش» في قتل المدنيين السوريين

سقوط  13 مدنيًا في حلب بقصف روسي.. والنظام يفشل في خرق محاور الكليات
TT

سقوط 13 مدنيًا في حلب بقصف روسي.. والنظام يفشل في خرق محاور الكليات

سقوط  13 مدنيًا في حلب بقصف روسي.. والنظام يفشل في خرق محاور الكليات

لم تشهد العمليات العسكرية أي تراجع في حلب، أمس، خصوصًا على الجبهات الجنوبية، التي كانت مسرحًا لاشتباكات عنيفة وعمليات كرّ وفرّ بين قوات النظام والميليشيات الموالية لها، وبين فصائل المعارضة التي تمكنت من صدّ هجمات قوات الأسد على كافة المحاور، وثبّتت سيطرتها على النقاط والمواقع التي حررتها، سواء في الكليات أو الراموسة أو مشروع الـ1070 شقة، فيما «لا يزال سلاح الجوّ ينتقي الأهداف المدنية للتعويض على إخفاقات الأرض»، حيث قتل أمس 13 مدنيًا في قصف الطيران الحربي الروسي للأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة وسط المدينة بالصواريخ الفراغية. هذا في الوقت، الذي فاقت فيها حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلتهم القوات الروسية حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلهم تنظيم داعش، بحسب التقرير الأخير للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ورصد ناشطون عشرات الغارات الجوية على أحياء حلب المحرّرة، حيث أعلن الناشط السوري المعارض عاهد السيّد لـ«الشرق الأوسط»، أن طيران النظام «قصف أحياء الصالحين والقاطرجي والعامرية، داخل المدينة، ما أدى إلى سقوط 13 شهيدًا من المدنيين وعشرات الجرحى، وخلّف دمارًا هائلاً في المباني». وقال: «إن القصف الجوي للنظام طال السوق الرئيسي في مدينة حور الواقعة في ريف حلب، كما طال بلدتي حريتان وحندرات».
أما في المواجهات على الأرض، فقد أحبطت المعارضة هجمات عدّة لقوات النظام على محاور جبهة حلب الجنوبية، وقال عاهد السيّد: «إن النظام حاول التقدم على محاور الكليات ومشروع الـ1070 شقة، والراموسة، واستطاع أن يتقدم إلى بعض النقاط، لكن الثوار شنّوا هجومًا معاكسًا وأجبروه على الانسحاب وكبدوه خسائر في الأرواح والآليات»، وأوضح الناشط المعارض أن «معارك طاحنة دارت على محور العامرية أيضًا، كما وقعت مواجهات على تلّة المحروقات وتلّة العامرية، واستطاع الثوار أن يقتلوا عددًا من عناصر النظام وميليشيات (حزب الله) اللبناني، الذين اضطروا إلى الانكفاء».
وطالما أن ما يجري على أرض حلب مرتبط بحسابات إقليمية ودولية، اعتبر القيادي في الجيش السوري الحرّ العميد أحمد رحّال أن معركة حلب ستبقى المعركة المصيرية، ليس للروس فقط، إنما لـ«أمين عام ما يسمى (حزب الله) حسن نصر الله و«قائد (فيلق القدس) في الحرس الثوري الإيراني» قاسم سليماني، «خصوصًا بعدما وجه الثوار ضربة كبيرة ومؤلمة لموسكو وكل حلفائها في المنطقة». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن حلب «ستبقى هدفًا عسكريًا وسياسيا»، معتبرًا أن «نقل القاذفات الروسية إلى مطار همدان الإيراني، هو للقول إن التوافق التركي الروسي لن يكون على حساب طهران».
وأمام انفتاح واقع حلب على كثير من الخيارات العسكرية والسياسية، رأى القيادي في الجيش الحرّ أن «روسيا أمام احتمالين، إما مراجعة سياستها بعدما خدعتها وعود بشار الأسد وقاسم سليماني بالقدرة على الحسم العسكري، وأغرقوها في مستنقع لن تخرج منه قريبًا، وإما الاستمرار بالخيار العسكري والتدميري على غرار غروزني»، مؤكدًا أن «الردّ على العنجهية الروسية سيكون بانضواء كل فصائل الثورة السورية تحت مظلّة (جيش الفتح) وعلى قاعدة (عليَّ وعلى أعدائي) والتحسب لحرب طويلة وطويلة جدًا».
ميدانيًا أيضًا، تكبدت قوات الأسد والميليشيات التي تساندها خسائر كبيرة خلال استعادة «جيش الفتح» المناطق التي خسرها، فجر أمس، بريف حلب الجنوبي. ونقلت شبكة «الدرر الشامية» الإخبارية المعارضة، عن مصدر عسكري معارض أن «فصائل جيش الفتح استعادت جميعَ النقاط على محور قرية القراصي في ريف حلب الجنوبي، كما كبدت قوات الأسد خسائر كبيرة في العتاد والأرواح حيث تم تدمير دبابة من طراز T72 وجرافة عسكرية ومدفع من عيار 23 ملم، بالإضافة إلى تدمير عربة محملة بالعناصر فضلاً عن مقتل مجموعتين جراء استهدافهم بصاروخ (تاو)، علما بأن قوات الأسد وميليشياته فشلت في تحقيق أي تقدُّم رغم الهجوم الذي شنته بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة وبتمهيد من الطيران الروسي».
وعلى الرغم من فارق السنتين ونصف السنة بين دخولهما إلى سوريا، فاقت حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلتهم القوات الروسية حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلهم تنظيم داعش، بحسب التقرير الأخير للشبكة السورية لحقوق الإنسان بعنوان «الساحة الحمراء في روسيا تصبغ بالدم السوري»، وبحسب 14 تقريرا آخرين عن الانتهاكات التي قامت بها القوات الروسية منذ تدخلها في 30 سبتمبر (أيلول) 2015.
ويتحدث التقرير عما لا يقل عن 2704 ضحايا بين المدنيين حتى نهاية يوليو (تموز) الماضي، بينهم 746 طفلاً، و514 امرأة، وشملت الأرقام 28 من الكوادر الطبية، بينهم 8 سيدات، بالإضافة إلى عشرة إعلاميين. وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان توثيقها الضحايا بالاسم والتاريخ والمكان وكيفية القتل، وغير ذلك من التفاصيل.
وقتل تنظيم داعش منذ إعلان تأسيسه في سوريا في 9 أبريل (نيسان) 2013 حتى نهاية يوليو الماضي، ما لا يقل عن 2686 مدنيا، بينهم 368 طفلا و323 امرأة.
ومن بين الضحايا 34 من الكوادر الطبية، بينهم 4 طبيبات، و11 ممرضة، ومن الإعلاميين 57 إعلاميا بينهم صحافيون ومصورون أجانب.
ووصف التقرير ما تقوم به روسيا في سوريا بـ«إرهاب الدولة المنظم المنهجي»، وهو بالإمكانيات المادية واللوجستية التي لديها تتفوق بمراحل على إرهاب الجماعات المتشددة، «التي ربما لو امتلكت الإمكانيات ذاتها لتفوقت على النظام الروسي والسوري»، بحسب التقرير. لكنه شدد على أنه يوثق الواقع الراهن الذي يؤكد أن النظام الروسي قد أرهب الشعب السوري وقتل من أبنائه أكثر من تنظيم داعش المتطرف.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.