لجنة برلمانية بلجيكية تستجوب وزراء حول ملف تفجيرات بروكسل

انتشار عناصر الشرطة والجيش بأسلحتهم في الشوارع أصبح أمرًا معتادًا

عناصر من الجيش والشرطة في حالة تأهب أمس في محطة أنتويرب الرئيسية للقطارات بعد إنذار بوجود قنبلة (أ ب)
عناصر من الجيش والشرطة في حالة تأهب أمس في محطة أنتويرب الرئيسية للقطارات بعد إنذار بوجود قنبلة (أ ب)
TT

لجنة برلمانية بلجيكية تستجوب وزراء حول ملف تفجيرات بروكسل

عناصر من الجيش والشرطة في حالة تأهب أمس في محطة أنتويرب الرئيسية للقطارات بعد إنذار بوجود قنبلة (أ ب)
عناصر من الجيش والشرطة في حالة تأهب أمس في محطة أنتويرب الرئيسية للقطارات بعد إنذار بوجود قنبلة (أ ب)

تطورت الأمور، وتصاعد الجدل، بشكل كبير، في ملف مشاركة الخارجية البلجيكية في ممارسة الضغوط على الحكومة العراقية، خلال حملة انطلقت في العام 2010 لإطلاق سراح أسامة عطار بسبب ظروف إنسانية، ولكن بعد إطلاق سراحه في 2012 وخضوعه للتحقيق لفترة من الوقت في بلجيكا اختفى أسامة عن الأنظار وعاد اسمه من جديد إلى الأضواء عقب عمليات مداهمة عرفتها بروكسل قبل أسبوع بعد أن تسربت معلومات تفيد بأنه جاء من جديد إلى أوروبا وأنه يشكل خطرا كبيرا.
كما قالت مصادر إعلامية بلجيكية، إن عطار 32 عاما هو من أقنع أقاربه الأخوين البكراوي بالمشاركة في تفجيرات بروكسل في مارس (آذار) الماضي، والتي أودت بحياة 32 شخصا وإصابة 300 آخرين، ولكن عائلة عطار تنفي كل هذه الادعاءات وتصر على أن أسامة ليس له أي علاقة بالإرهاب.
من جانبه قال وزير الخارجية البلجيكي السابق ستيفن فاناكر «الحزب الديمقراطي المسيحي الفلاماني» إن طلب السلطات البلجيكية من العراق إطلاق سراح السجين أسامة عطار جرى في عام 2008 وكان الوزير وقتها هو كارل ديغوشت «من الحزب الليبرالي الفلاماني». بينما رفض الأخير توجيه اللوم إلى أي شخص وقال: إنه لا أحد كان يعرف وقتها كل المعلومات المتوفرة اليوم عن عطار يأتي ذلك فيما رفض وزير الخارجية الحالي ديديه رايندرس «من حركة الإصلاح الفرانكفونية» التعليق على الأمر وهو الذي يتولى المسؤولية منذ 2012 عندما جرى إطلاق سراح عطار من سجنه في العراق لأسباب إنسانية.
بينما يرى حزب التحالف الفلاماني اليميني، الأمر بصورة مغايرة، وحسب كوين ميتسو الخبير في شؤون الإرهاب داخل الحزب والذي يشارك في الائتلاف الحكومي الحالي، فإنه حان الوقت لمساءلة الأشخاص الذين تصرفوا بشكل غير مسؤول وحسب الإعلام المحلي في بروكسل الفرصة أصبحت كبيرة لمساءلة كلا من الوزير ديغوشت والوزير فاناكر أمام اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق حول ملابسات تفجيرات بروكسل في مارس الماضي ولم تستبعد المصادر نفسها مثول وزير الخارجية الحالي أمام اللجنة البرلمانية أيضا.
وحسب الإعلام البلجيكي ألقي القبض على عطار في 2005 على الحدود بين العراق وسوريا والبعض قال: إنه كان يحمل أدوية والبعض الآخر قال: إنه كان يقوم بتهريب السلاح للمقاتلين هناك بينما قال محاميه فينست لوكرين إن الأمر ليس له علاقة بتهريب الأسلحة وإنما لأنه لم يتم العثور على أوراق تثبت هويته لدى اعتقاله ودخل السجن لمدة عشر سنوات أمضى منها سبع سنوات ونصفا وأطلقت السلطات العراقية بعدها سراحه بعد تخفيف المدة وذلك في عام 2012 وأما فيما يتعلق بالقول: إنه كان مصابا بسرطان الكلى فقد تبين فيما بعد أنه كان مصابا بالتهابات في الكلى وعندما وصل إلى بلجيكا في سبتمبر (أيلول) 2012 اعتقلته السلطات وخضع للتحقيق ولم يجدوا شيئا ضده يستوجب بقاء احتجازه، ومنذ ذلك الوقت اختفى عطار وعادت شرطة مكافحة الإرهاب لتبحث عنه الأسبوع الماضي، في ظل وجود اشتباه في علاقته بتفجيرات مطار ومحطة قطارات في بروكسل مارس الماضي.
على الجانب الآخر لا تزال أسرته متمسكة بالقول: إنه بريء ولا علاقة له بالإرهاب بينما قالت الاستخبارات الفرنسية، إن عطار عاد مؤخرا إلى أوروبا ووصفته بأنه مسلح وخطير.
وأصبح أسامة عطار 32 سنة هو المطلوب الأمني الأول في بلجيكا في الوقت الحالي، فهو صديق شخصي لأبو بكر البغدادي زعيم «داعش» وكان معه في السجن بالعراق عام 2005، كما أنه نجح في إقناع أقاربه خالد وإبراهيم البكراوي بالمشاركة في تنفيذ تفجيرات بروكسل في مارس الماضي، وذلك بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام البلجيكية، وأضافت بأن شقيقته أسماء نجحت في العام 2010 في تدشين حملة شارك فيها شخصيات سياسية ومنها أعضاء من حزب الخضر وأيضا منظمة العفو الدولية، للضغط من أجل إطلاق سراح أسامة من سجون العراق، بدعوى أنه مريض بسرطان الكلى. ونجحت تلك الحملة في إطلاق سراحه بعد سبع سنوات من السجن الذي دخله عام 2003. ولكن سرعان ما اختفى أسامة عن الأنظار وعن رقابة السلطات المعنية.
وقالت عضو البرلمان من حزب الخضر الفرانكفوني فبي بلجيكا زووي جينوت: «بالفعل شاركت في حملة لإطلاق سراحه ولكن في العام 2010 لم يكن أحد يعلم ماذا سيفعل هذا الشخص في 2016، وأنا أتفهم أن رجل الشارع الآن يقول كان من الأفضل أن نتركه في السجن بالعراق، ولكن الدولة البلجيكية لم تكن تعلم في ذلك الوقت، أن عطار مهرب سلاح» وأشارت أيضا إلى الضغوط التي مارستها منظمة العفو الدولية في هذا الملف، ولكن عادت البرلمانية تقول: «ليس من الطبيعي أن نحكم على ما حدث في الماضي بناء على معلومات توفرت اليوم». وجرى في بروكسل الكشف عن مزيد من التفاصيل، المرتبطة بعمليات المداهمة، التي جرت قبل ما يزيد عن أسبوع، وشملت ثمانية منازل في العاصمة البلجيكية، في محاولة لاعتقال شخص يدعى أسامة عطار 32 سنة، وحسب الإعلام البلجيكي ينتمي أسامة بصلة قرابة لكل من إبراهيم وخالد البكراوي اللذين شاركا في تفجيرات بروكسل في مارس الماضي.
وتشتبه السلطات بأن عطار لا يزال مختبئا في أحد الأماكن بالعاصمة البلجيكية وشملت المداهمات منازل في لاكن حيث تعيش والدته وشقيقته وأيضا في اندرلخت، وهما من الأحياء المعروفة بوجود أعداد كبيرة من الأجانب وخاصة من العرب والمسلمين، واعتقلت السلطات والدته وشقيقته وشخصا آخر يدعى وسيم، ثم عادت وأطلقت سراحهم، ولم تعثر الشرطة على أي أسلحة أو متفجرات. وبحسب الإعلام البلجيكي، فإن الأمر المثير للقلق أن أسامة لا يعتبر واحدا من أتباع «داعش» الطلقاء وإنما هو من رواد المقاتلين الأجانب، الذين سافروا إلى مناطق الصراعات، ففي عام 2003 سافر إلى العراق، وذلك بحجة أنه ينقل أدوية إلى هناك، ولكن اعترضته دورية تفتيش أميركية وعثرت في حقيبة سيارته على كمية من الأسلحة، وأرسلته إلى سجن «معسكر بوكا» المخصص للخطرين، وهناك التقى بأبو بكر البغدادي، زعيم «داعش».
وتضيف وسائل الإعلام، أن تأثير عطار قوي على الآخرين، ونجح في إقناع أقاربه خالد وإبراهيم البكراوي بتنفيذ تفجيرات بروكسل، كما تشتبه سلطات التحقيق الفرنسية في أن عطار قد وصل بالفعل إلى أوروبا، وربما يكون جاء بهدف تنفيذ هجمات إرهابية في الدول الأوروبية.
وفي منتصف الشهر الماضي، نشر تنظيم داعش، وصية خالد البكراوي الذي فجر نفسه خلال هجمات بروكسل في مارس الماضي، وقالت وسائل الإعلام البلجيكية، إن إحدى محطات التلفزة المحسوبة على تنظيم داعش، نشرت وصية البكراوي والتي تضمنت الإشارة إلى الأسباب التي دعت إلى مشاركته في تنفيذ هجمات بروكسل من خلال تفجير نفسه في محطة للقطارات الداخلية في مالبيك، القريبة من مقار مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وأشار البكراوي إلى أن أحد أبرز الأسباب هو الإبادة الجماعية التي يقوم بها الغرب في فلسطين والعراق والصين وقال البكراوي «الصليبيون اتحدوا مرة أخرى لقتل المسلمين» وتضمنت وصية البكراوي الإشارة إلى دول بعينها ومنها بلجيكا التي تقدم أسلحة من مصانعها. وقال في وصيته، إن هناك دولا مثل بلجيكا والسعودية تدافع عن نفسها بالقول، إنها تقدم فقط مساعدات لوجستية وأوضح في الوصية التي جاءت في خمس صفحات، أن الدم بالدم والدمار بالدمار، وانتهى وقت قتل المسلمين ثم الذهاب إلى النوم بضمير مرتاح.
وحسب ما ذكرت وسائل الإعلام المحلية في بروكسل فإن قناة الاتصال «الفرات» الخاصة بتنظيم داعش الإرهابي بثت ما ادعت أنها وصية خالد البكراوي، ويتحدث فيها عن مقته للأخلاق الغربية «الوثنية» ويعتقد أن الغرب ليس لديه احترام للمرأة. «عوضا عن الهجوم على بلاد المسلمين وتحرير النساء، كان الأجدر بكم تنظيف أرصفتكم (في إشارة إلى الدعارة) وأفلامكم الإباحية والإعلانات الإشهارية الخاصة بالشامبو». ووعد البكراوي في وصيته بانتقام لا يرحم ويدعو كافة المسلمين إلى القتال المسلح ووفقا له فإن إنقاذ المواطنين ليس ضروريا، لأنهم أيضا مسؤولون مثل الحكومات التي ساعدوها للوصول إلى السلطة.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟