«جيش الإسلام» يتقدم في الغوطة الشرقية استمرارًا لمعركة «ذات الرقاع 3»

المجلس المحلي في داريا يوثق قصف النظام المدينة بقنابل النابالم المحرمة دوليًا

«جيش الإسلام» يتقدم في الغوطة الشرقية استمرارًا لمعركة «ذات الرقاع 3»
TT

«جيش الإسلام» يتقدم في الغوطة الشرقية استمرارًا لمعركة «ذات الرقاع 3»

«جيش الإسلام» يتقدم في الغوطة الشرقية استمرارًا لمعركة «ذات الرقاع 3»

سجلت المعارضة المسلحة تقدمًا ميدانيًا جديدًا على جبهة الغوطة الشرقية، حيث تمكن «جيش الإسلام» من السيطرة على مواقع للنظام في الغوطة الشرقية، ضمن معركة «ذات الرقاع 3» التي أطلقها أول من أمس، وكبّده خسائر في الأرواح والمعدات، وغنم كميات من الأسلحة والذخيرة الخفيفة والمتوسطة، فيما وثّق المجلس المحلي لمدينة داريا في الغوطة الغربية لدمشق بالصور والأدلة، قصف طيران النظام للمدينة بالقنابل، التي تحتوي على مادة النابالم الحارقة المحرّم استخدامها دوليًا ضدّ المدنيين، ما أسفر عن سقوط ضحايا وحرائق.
وعلى قاعدة الاستفادة من نقاط ضعف العدو، والدفع بتعزيزات من القلمون إلى شمال سوريا، كشف الناشط الإعلامي المعارض في الغوطة الشرقية، ضياء الحسيني، أن «جيش الإسلام استفاد من انشغال النظام بمعركة حلب الكبرى، فأطلق ما تُسمّى معركة (ذات الرقاع 2) في منطقة القلمون الشرقي، حيث تسلل انغماسيون إلى داخل كتيبة المدفعية، على أوتوستراد دمشق بغداد، ما أدى إلى إرباك قوات النظام في هذه المنطقة». وقال: «إن الثوار غنموا أسلحة فردية وقذائف ثقيلة من داخل كتيبة المدفعية، فيما دمروا مستودعًا للذخيرة الخفيفة والمتوسطة داخل حاجز كسارات أبو الشامات وقتلوا عددا من عناصره».
وأوضح الحسيني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «(جيش الإسلام) لم يكتف بهذه المعركة، إنما أطلق عصر أمس (الأول) معركة (ذات الرقاع 3) في مزارع ومدارس حوش نصري، وحاول مقاتلوه قطع طرق إمداد النظام في هذه المناطق»، مؤكدًا أن «هذه العمليات تعتمد مبدأ الإغارة السريعة ومباغتة قوات النظام وقتل أكبر عدد من عناصرها وتوجيه ضربات موجعة لها، وبعد العملية إما أن تتمركز في النقاط التي تصل إليها إذا تمكنت من ذلك، وإما أن تنسحب من دون أن تتكبد خسائر».
التكتيك العسكري الجديد لـ«جيش الإسلام»، بحسب الناشط الحسيني، يعتمد حاليًا على «إرباك النظام والالتفاف على تحصيناته، وحرمانه من الاستقرار أو الاطمئنان إلى وجوده في المناطق والمواقع التي يسيطر عليها»، معتبرًا أن «هذا التوقيت ملائم جدًا لوحدة الفصائل الثورية في الغوطة الشرقية». ورأى أن «المرحلة تستدعي تدخل (جيش الفسطاط) و(فيلق الرحمن) إلى جانب (جيش الإسلام) لإشغال كل الجبهات، وإرباك النظام والميليشيات الداعمة له، لتحرير المناطق التي خسرتها المعارضة في الأشهر الأخيرة».
أما في الغوطة الغربية فلا يزال قصف النظام مدينة داريا بقنابل تحتوي مادة النابالم المحرمة دوليًا، حيث أفاد المجلس المحلي لمدينة داريا، بأن «عشرات الحرائق اندلعت في معامل الخشب والمحال التجارية والمنازل في داريا، نتيجة قصف قوات النظام المدينة بأسطوانات تحوي مادة النابالم الحارقة والمحرمة دوليًا». وقال: «إن قوات النظام ألقت مساء الجمعة الماضي قنابل تحتوي على مادة النابالم الحارقة، جرى توثيقها بالصور، إضافة إلى قصف المدينة بالبراميل المتفجرة».
ويأتي هذا القصف بالتوازي مع استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة، وقد أكد عضو مجلس الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، أن «النظام تعمّد قصف المناطق السكنية بقنابل النابالم وسط المدينة، ما أدى إلى وفاة طفل في العاشرة من عمره، وإصابة العشرات بحالات اختناق». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لجوء النظام إلى استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، سببه حاجته إلى إنجاز عسكري في داريا لا يزال عاجزًا عن تحقيقه حتى الآن رغم مرور أربع سنوات على حصاره المدينة»، مشيرًا إلى أن «بشار الأسد يعتقد أن الحسم في داريا، هو مفتاح الحسم في كل سوريا».
وعلى الرغم من الأهمية الاستراتيجية للجبهات الأخرى في ريف دمشق، يرى الداراني أن «رمزية داريا بالنسبة للنظام، أنها الرقعة الجغرافية الأقرب إلى العاصمة الخارجة عن سيطرته بعد حي جوبر، بالإضافة إلى أنها مشرفة على القصر الجمهوري ومطار المزّة العسكري والأوتوستراد الدولي»، مشددًا على «استحالة سيطرة النظام على داريا، لأن الثوار الذين يحمونها يعدون بالمئات، وهم أقوياء جدًا ومسلحون بما فيه الكفاية، ويستميتون في الدفاع عن أهلهم ومدينتهم».
وأكد المجلس المحلي في داريا أنها «المرة الثانية التي يستهدف فيها نظام بشار الأسد مدينة داريا بمادة النابالم الحارقة، حيث كان قد استهدفها في المرة الأولى بهذه المادة الحارقة يوم الثلاثاء الماضي في 11 أغسطس (آب) الجاري، حين ألقى طيران النظام المروحي أكثر من 30 أسطوانة تحمل مادة النابالم الحارقة، و22 برميلا متفجرا، وأكثر من 40 أسطوانة متفجرة وقذائف مدفعية، بالإضافة إلى ثمانية صواريخ (أرض أرض) جميعها استهدفت المدينة في يوم واحد».
إلى ذلك، أفاد ناشطون بأن «اشتباكات وقعت بين قوات النظام والثوار على أطراف داريا». وأشاروا إلى أن هذه الاشتباكات «أسفرت عن استشهاد أحد مقاتلي الثوار، وقتل 12 عنصرًا للنظام بينهم ضابطان، وتمكن الثوار من سحب جثتين من قتلى قوات الأسد». وأكد الناشطون أن «الثوار فرضوا سيطرتهم على قسم كبير من الكتل والأبنية الاستراتيجية التي تطل على مطار المزة العسكري بشكل مباشر، التي كان النظام قد سيطر عليها قبل نحو عامين».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.