{الشبح} زكريا أحمد.. مطرب جوال على مقاهي حي الحسين في القاهرة

يعتز بكونه يحمل اسم «شيخ الملحنين» وبغنائه أمام طلال مداح

زكريا حاملا عوده بانتظار الزبون المنشود
زكريا حاملا عوده بانتظار الزبون المنشود
TT

{الشبح} زكريا أحمد.. مطرب جوال على مقاهي حي الحسين في القاهرة

زكريا حاملا عوده بانتظار الزبون المنشود
زكريا حاملا عوده بانتظار الزبون المنشود

بعوده العتيق ووجهه الذي أنهكه الزمن وأنامله المكدودة، يتنقل بين طاولات مقاهي حي الحسين بالقاهرة، ربما يصادفه الحظ في زبون غاوي مغنى وطرب. ورغم ذلك لا تفارقه ابتسامته الودود التي تسند ما تبقى من أسنانه، وتعيد إليه دوما الثقة بنفسه وبفنه، راضيا بما قسم الله له في هذه الحياة. يلمع صوته على المقهى وهو يغني «الورد جميل جميل الورد» لشيخ الملحنين الراحل زكريا أحمد، مشيرا إلى أنه يحمل الاسم نفسه، وهو يعتز بذلك وسعيد بهذه المصادفة، ويقول: «أنا زكريا أحمد (74 سنة)، هذا هو اسمي الحقيقي، وأعمل هنا منذ 30 سنة، قبل أن أتقدم باستقالتي من مهنتي كرئيس قسم الحركة بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية عام 1980. فالمرتب لم يكن يتعدي الثمانين جنيها شهريا، وكان لا بد من البحث عن مصدر رزق آخر، اتجهت لدراسة الموسيقى بالمعهد القومي للموسيقى العربية بحي عابدين في القاهرة. في البداية، لم يكن الأمر يتعدى الهواية، لكني أثقلت هذه الهواية بالدراسة، ومنها اتجهت إلى حي الحسين للعمل كمغن وعواد للسياح الأجانب والعرب المترددين على المقاهي وأصبحت أحترف هذه المهنة، وأصبح لي جمهور يطلبني بالاسم الذي اشتهرت به وهو (الشبح)، نظرا لتطابق اسمي مع أستاذي شيخ الملحنين».
وتختلط في مقاهي حي الحسين رائحة النارجيلة بملامح الوجوه العربية والأجنبية التي تتناوب الجلوس على المقاهي العتيقة، وتستطيع أيضا أن تسمع بوضوح أصوات «الآلاتية» يعزفون أشهر الإلحان العربية والمصرية، بل يغنون البعض منها.
يقول زكريا راشفا بعض الشاي بالنعناع في تلذذ واضح: «لقد غنيت ودعيت إلى حفلات لكثير من القادة والزعماء العرب، كانوا يطلبونني بالاسم، وكانت تقام هذه الحفلات بكبرى الفنادق المطلة على نيل القاهرة، وبعضها كان خارج البلاد. الميزة الكبرى لهذه الحفلات أنها كانت تدر علي مالا جيدا جدا، لكن للأسف انقطعت هذه الحفلات إبان الثورة المصرية، كما شح السياح الأجانب والعرب الذين كانوا يعدون مصدر رزقنا الأساسي. فقبل الثورة، كان من الممكن أن يصل دخلي اليومي إلى أكثر من 600 جنيه، أما الآن فلا يتعدى 100 جنية، نظرا لعدم وجود سياح».
وأثر الاضطراب الأمني والأعمال الإرهابية في الكثير من القطاعات؛ كان أهمها قطاع السياحة، حيث تشير الإحصاءات وفقا لمسؤولين إلى انخفاض عدد الأفواج السياحية الوافدة للبلاد، وهو ما أثر سلبا في الكثير من التجار والمهن المعتمدة على السياحة بشكل كبير، وزاد أيضا من معدلات البطالة للكثير من العاملين بالقطاع الذين حرموا من مصدر رزقهم الأساسي.
وحول طقوسه اليومية بحي الحسين، يقول زكريا: «أنا آتي إلى هنا بصفة يومية من الساعة السابعة مساء وحتى ساعات الصباح الأولى، إذا كان الوضع جيدا فمن الممكن أن أقوم بثلاث أو أربع وصلات غنائية في الليلة، أما إذا كان الوضع غير جيد فمن الممكن أن أقوم بوصلة واحدة، وأحيانا لا أجد أي زبون (مستمع) فلا أقوم بأي وصلة».
ويستعيد ذكرياته مع هذه الأجواء قائلا: «الكثير من المطربين المشهورين جاءوا إلى هنا وسمعوني وأبدوا إعجابهم بي مثل الراحل طلال مداح، وعبد الله الرويشيد، اللذين أحبهما كثيرا، ويطلب مني دائما الغناء لهما، خاصة من السياح العرب الذين كثيرا ما يطلبون أيضا أغاني لمحمد عبده، وعبد الحليم حافظ وفيروز أصحاب زمن الفن الجميل. لكن ما يثير انتباهي أن طلب الأغاني القديمة لا يقتصر فقط على كبار السن، بل الشباب أيضا الذين كثيرا ما يطلبون أغاني لعبد الحليم حافظ وسيد مكاوي ويستمتعون بها كثيرا».
ويعد حي الحسين أحد أشهر أحياء القاهرة التاريخية، ويوجد به الكثير من المعالم الأثرية والإسلامية القديمة، من أبرزها شارع المعز لله الفاطمي، ومسجد الحسين ومنطقة خان الخليلي والجامع الأزهر. ويغلب على الحي طابع المعمار الإسلامي التاريخي، فهو سمة الكثير من المباني التي تحمل في طياتها شهادة على تاريخ يعود إلى أكثر من ثلاثة قرون.
ويقول زكريا: «أنا أعد (الحسين) هو بيتي الثاني، أقضي فيه تقريبا اليوم كله بخلاف ساعات النوم، كما أنه المكان الذي بدأت أغني فيه منذ أكثر من ثلاثين سنة، وهنا تستطيع أن تجد كل ما له علاقة بالفن والفنانين من كتاب وأدباء وشعراء وملحنين ومغنين، بعضهم يأتي إلى هنا بحثا عن الإلهام بين جدران الحي، والبعض الآخر يأتي للعمل، حتى إنه في بعض الليالي قد تشعر بأنك في أمسية ثقافية فنية بامتياز».
وينصت زكريا إلى أحد رواد المقاهي وهو يهمس في أذنه عن وجود زبون يريد «الطرب»، فيستأذن بابتسامة مستبشرة ويحمل عوده في لهفة للقاء أول زبون له في هذه الليلة التي أوشكت على الانتهاء، ويتمتم بالدعاء متمنيا ألا يكون الزبون الأخير.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».