الشرعية: إجراءات الانقلابيين لاجتماع مجلس النواب باطلة وغير دستورية

قالت إنها تلقت تأكيدات غالبية الأعضاء بعدم الحضور السبت المقبل

عبد الملك المخلافي وزير الخارجية اليمني خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في العاصمة السعودية الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
عبد الملك المخلافي وزير الخارجية اليمني خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في العاصمة السعودية الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الشرعية: إجراءات الانقلابيين لاجتماع مجلس النواب باطلة وغير دستورية

عبد الملك المخلافي وزير الخارجية اليمني خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في العاصمة السعودية الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
عبد الملك المخلافي وزير الخارجية اليمني خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في العاصمة السعودية الرياض أمس («الشرق الأوسط»)

أعلنت الشرعية اليمنية أن دعوة الانقلابيين لانعقاد مجلس النواب يمثل خطوة أحادية وغير قانونية ولا شرعية لها، وتشكل مخالفة صريحة للدستور اليمني الذي لا يوجد فيه ما يسمح بإنشاء ما سمي بـ«مجلس سياسي» يتم إنشاؤه باتفاق جماعتين انقلابيتين، تمنحانه من دون سند أو حق، مسؤولية إدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتها عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وإداريًا.
وأعلن عبد الملك المخلافي وزير الخارجية اليمني، في مؤتمر صحافي أمس بالرياض عن البيان السياسي الذي صدر عقب اجتماع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومستشاري الرئيس في اجتماع استثنائي مساء أول من أمس، مؤكدا أن المادة 105 من الدستور تنص على أن «يمارس السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ضمن الحدود المنصوص عليها في الدستور».
وبحسب المخلافي، فإن إعلان المجلس السياسي يعد باطل دستوريًا، وكل ما سيترتب عليه باطل بحكم الدستور ابتداءً، كما أن هذا البطلان يستند أيضا إلى التزامات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 2216. وأضاف أن هذا المجلس يشكل تحديا سافرا للشعب اليمني وللمجتمع الدولي ومساعيه الجادة والدؤوبة من أجل السلام، معتبرًا أن الدعوة غير القانونية لمجلس النواب للانعقاد في العاصمة صنعاء الواقعة تحت القوة القاهرة للعصابات الانقلابية المدججة بالسلاح، تعد محاولة لشرعنة هذا الإجراء الانقلابي الجديد.
وحذر المخلافي من أن هذه الدعوة الانقلابية، إلى جانب انتهاكها للشرعية الدستورية، تشكل تهديدا للوحدة الوطنية وللسلم والأمن الاجتماعيين، وتسهم في تمزيق البلاد ومضاعفة أسباب الحرب التي أشعلها الانقلابيون، ويتحمل من دعا لهذا الاجتماع غير الشرعي ومن سيحضره المسؤولية الكاملة عن كل هذه الانتهاكات والجرائم.
وقال المخلافي: «نحن ندرك أن مجلس النواب الذي وجهت الدعوة لبعض أعضائه يوم السبت المقبل، مدد له واستمد شرعيته من المبادرة الخليجية التي تعد وثيقة دستورية تعلو على الدستور القائم، والتي جعلت المجلس في قراراته يقوم على أساس التوافق. ونظرا لعدم وجود التوافق وعدم الاستناد لأي مرجعية دستورية، فإن هذا الاجتماع يعد باطلاً، وهو جزء من العملية الانقلابية وكل من يشارك فيه سيعد طرفا في العملية الانقلابية».
وكشف وزير الخارجية أنهم تلقوا تأكيدا من غالبية أعضاء مجلس النواب بعدم حضور الاجتماع المزمع عقده السبت القادم، كاشفًا عن تشكيل لجان تدرس كيفية الرد على خطوة الانقلابيين، وأردف: «نتوقع أن تكون هناك انشقاقات واسعة بين التشكيلات المختلفة التي فرضها الانقلاب، كما ندعو كل أعضاء مجلس النواب إلى رفض هذه الإجراءات غير القانونية التي تحاول شرعنة الانقلاب وعدم المشاركة في هذه الجريمة، وتحمل مسؤوليتهم في الدفاع عن مجلسهم ووحدته والالتزام بالقسم الذي أقسموه، وعدم السماح بخطف هذه المؤسسة الدستورية وتوظيفها سياسيا لصالح انقلاب دموي، كما ندعو الكتل النيابية للتعبير عن مواقفها الرافضة لهذا الإجراء غير الشرعي».
ودعت الحكومة الشرعية الأطراف الدولية الراعية للمبادرة الخليجية إلى اتخاذ موقف واضح وصريح إزاء هذه الإجراءات، باعتبارها إجراءات منفردة وغير قانونية ومهددة للسلام في اليمن، وتطيل أمد الحرب وتزيد المعاناة. كما دعت مجلس الأمن الدولي ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، إلى إدانة هذا العمل بكل قوة وتحميل جماعة الحوثي وصالح المسؤولية عن تقويض فرص السلام واستمرار الحرب.
وأشار عبد الملك المخلافي إلى أن الذهاب لأي جولة مشاورات جديدة لن يتم قبل تقديم الانقلابيين التزامات واضحة بالمرجعيات وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وعليه فإن الحكومة اليمنية ستدرس مواصلة المشاورات. وتابع: «لا نزال ندعم جهود المبعوث الأممي والجهود الدولية من أجل السلام، ولكن هذا لن يتم إلا بتوقف الانقلابيين عن ممارسة سلطة الدولة والاستعداد المسبق للالتزام بالقرارات والقوانين الدولية والمرجعيات الثلاث، والتوقيع على اتفاق سلام يقوم على أساس تنفيذ الانسحابات وتسليم السلاح وإنهاء كل ما يترتب على الانقلاب».
ولفت إلى أن الشرعية ستطلب من ولد الشيخ أن تفضي جوالاته المكوكية الحالية للوصول إلى مسودة اتفاق يقوم على أساس المرجعيات، قبل الذهاب إلى أي جولة مقبلة.
وفي سؤال عن بدء مرحلة الحسم العسكرية لتحرير بقية المناطق اليمنية، قال المخلافي إنه وقبل انتهاء جولة المشاورات كان الانقلابيون يصعدون عسكريًا في كل مكان، وبخاصة بعد الاتفاق الذي وقعوه والذي يعد بمثابة إعلان حرب، مشيرًا إلى أن قوات الحكومة مسؤولة عن الدفاع عن الشعب اليمني وتحرير المناطق التي يسيطر عليها الانقلاب ويعيث فيها فسادًا، وهناك خطة لدى الحكومة لاستعادة الدولة والعاصمة وإنهاء الانقلاب. وفي معرض تبريره للموافقة على تمديد المشاورات، أكد وزير الخارجية أن التمديد كان استجابة للمجتمع الدولي والأشقاء في الكويت، وأضاف: «نحن نسعى من أجل السلام والاستقرار، وقدمنا كل ما يثبت ذلك، ومنها استجابتنا لمدة إضافية كانت كافية لإثبات أن الانقلابيين غير مستعدين للسلام، وأعتقد أن الرسالة وصلت للمجتمع الدولي الذي يدرك أي فئة من الناس ابتلي بها اليمن».
وعن الوضع المالي والنقدي للبنك المركزي اليمني، أكد المخلافي أن الشرعية تسعى لعدم حدوث أي اهتزاز في الثقة بالمؤسسات أو الوضع المالي للبلاد، عبر التنسيق مع جميع الجهات ذات الصلة، وقال: «ندرس الآن السبل لعدم تمكين الانقلابيين من استمرار عبثهم بالمال العام الذي تم خلال الهدنة الاقتصادية التي كانت من أجل الشعب، وحاول الانقلابيون استثمارها لصالحهم من خلال صرف 100 مليون دولار شهريًا لصالح المجهود الحربي وقتل الشعب اليمني. وستشهد الفترة المقبلة إجراءات صارمة في هذا الجانب بعد التشاور مع الجهات المانحة والجهات الاقتصادية العالمية التي هناك حوار معها الآن حول هذه القضايا».
واستبعد عبد الملك المخلافي وجود أي تراجع في مواقف إسماعيل ولد الشيخ أحمد بشأن التسوية اليمنية، مذكرًا بأن المبعوث الأممي أشار في إحاطته لمجلس الأمن الأخيرة أن وفد الحكومة اليمنية وافق على المشروع الذي قدمه وأن الطرف الآخر هو المعرقل، واستطرد: «لكنه لا يزال حريصا على استمرار دوره حياديا، ويبذل جهدا لئلا يسعى الطرف الآخر لاتهام الأمم المتحدة بأنها حددت موقفا نهائيا في هذا الجانب. دور المصلح قد لا يرضينا، ولكنه في الوقت نفسه يؤكد استمرار التزامه بالمرجعيات ومساندة الشرعية وتنفيذ قرارات مجلس الأمن».
وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن أي ترتيبات لعودة الحكومة اليمنية إلى الأراضي المحررة، أشار المخلافي إلى أن هناك ترتيبات، إلا أنه رفض إعطاء موعد محدد لهذه العودة. وفي سؤال عما إذا كانت سوريا اعترفت بالسفير المعين من قبل الانقلابيين، نفى المخلافي ذلك، وأكد أنه تلقى اتصالاً من وزير الخارجية السوري يبلغه بعدم الاعتراف بهذا الشخص، ولم يستقبل من الخارجية السورية أو أي جهة رسمية أخرى، مبينًا أن القرار 2216 واضح، وهو تحت البند السابع في إلزام الدول بعدم التعامل مع الانقلابيين، واعتبار أي وقوف معهم مخالفة للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».