بن دغر: الانقلابيون قطعوا الرواتب وأوقفوا ميزانيات المستشفيات في المحافظات المحررة

منسق الشؤون الإنسانية يؤكد أن الأمم المتحدة ستفتح مكتبًا بعدن

بن دغر أثناء لقائه منسق الشؤون الإنسانية في عدن الخميس الماضي («الشرق الأوسط»)
بن دغر أثناء لقائه منسق الشؤون الإنسانية في عدن الخميس الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

بن دغر: الانقلابيون قطعوا الرواتب وأوقفوا ميزانيات المستشفيات في المحافظات المحررة

بن دغر أثناء لقائه منسق الشؤون الإنسانية في عدن الخميس الماضي («الشرق الأوسط»)
بن دغر أثناء لقائه منسق الشؤون الإنسانية في عدن الخميس الماضي («الشرق الأوسط»)

أكد وزير الإدارة المحلية، رئيس لجنة الإغاثة العليا الحكومية، عبد الرقيب فتح سيف لـ«الشرق الأوسط»، في أعقاب لقاء الحكومة الشرعية بمنسق الشؤون الإنسانية التابعة لهيئة الأمم المتحدة أن «المنسقية ستفتح مكتبها في العاصمة المؤقتة للبلاد عدن».
وأكد الوزير فتح أنه سيكون هناك تنسيق بين لجنة الإغاثة الحكومية التي يرأسها والمنسقية الأممية من خلال مكتبها المزمع فتحه بعدن. وأوضح أن الحكومة اليمنية ممثلة بلجنة الإغاثة والمنسقية الدولية ستعدان خطة مشتركة للفترة المتبقية من العام الحالي، بالتنسيق مع مركز الملك سلمان للأعمال والإغاثة الإنسانية، لافتا إلى أن الخطة المشتركة سيتم تنفيذها من مدينة عدن وستغطي معظم المحافظات اليمنية الـ22 إغاثيا. ولفت الوزير فتح سيف إلى أن أحد أهداف التنسيق والتعاون هو تعزيز العلاقات بين الأطراف الثلاثة المعنية بالشأن الإغاثي الإنساني، والمتمثلة في المنسقية الدولية، ومركز الملك سلمان، ولجنة الإغاثة الحكومية.
وأشار الوزير إلى أن لقاء الحكومة برئيس المنسقية تطرق بشكل أساسي للأوضاع الإنسانية والاقتصادية في المحافظات المحررة، التي عانت خلال الفترة المنصرمة نقص تمثيل الأمم المتحدة بها، ما أثر في إيصال الإغاثة الإنسانية إلى السكان في تلك المحافظات.
وأعرب رئيس اللجنة العليا للإغاثة عن أمله في التعاون والتنسيق المشترك بين الأطراف العاملة كافة في الناحية الإنسانية، بما يؤدي إلى وصول المساعدات الإغاثية والعلاجية إلى جميع المحافظات اليمنية دون استثناء.
من جهته، قال جيمي مكاولدرك، المنسق للشؤون الإنسانية بمنظمة الأمم المتحدة، إن منظمة الأمم المتحدة ركزت في عملها في اليمن على الجانب الإغاثي بعيدا عن الخلافات والصراعات السياسية، مشيرا إلى أنها تسعى إلى وصول المساعدات الإغاثية إلى جميع المواطنين اليمنيين الذين هم بحاجة إلى الدواء والغذاء.
وأشار المنسق، خلال لقائه برئيس الحكومة اليمنية الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أول من أمس الخميس، إلى أن إطالة أمد الحرب أدى إلى ارتفاع معاناة اليمنيين وارتفاع نسبة الوفيات؛ بسبب الأمراض الخطيرة وسوء التغذية عند الأطفال، الذي يرجع أساسا إلى تأخر وصول الأدوية والحصار في بعض المدن. كما أعرب عن شكره للحكومة ورئيسها لحرصها على تحقيق السلام، وذلك من خلال توقيعها لاتفاق الكويت أملا في الوصول إلى حل سياسي يوقف الحرب والصراعات في اليمن.
إلى ذلك، أكد المنسق للشؤون الإنسانية أن الأمم المتحدة ستعزز مكتبها في العاصمة المؤقتة عدن خلال الأيام المقبلة، الذي ستوجد فيه لتتمكن من وصول المساعدات إلى جميع المحافظات، التي صعب الوصول إليها من صنعاء.
بدوره، ثمَّن رئيس الحكومة اليمنية الجهود الإنسانية والإغاثية التي قامت بها الأمم المتحدة في إيصال المساعدات الإغاثية للشعب اليمني، التي أسهمت في التخفيف من معاناتهم جراء الحرب وعمليات الحصار التي فرضتها ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية. وأضاف: «وافقنا على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، واتفاقية الكويت، وذلك حرصا منا على تحقيق السلام الدائم والعادل، الذي يتطلع إليه شعبنا، وحقنا لدماء اليمنيين وتخفيف معاناتهم».
كما لفت بن دغر إلى أن «استمرار الحرب يزيد من المعاناة والدمار والحصار وعدم وصول المساعدات الإغاثية إلى المواطنين. وهذا ما تقوم به الميليشيات الانقلابية التي رفضت الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي، كما رفضت التوقيع على اتفاقية الكويت، بل على العكس، استمروا في حصارهم وحربهم على الشعب اليمني، وقاموا بقطع الممرات الإنسانية لدخول المساعدات والأدوية إلى محافظة تعز الذين يفرضون عليها حصارا جائرا منذ أكثر من سنة وستة أشهر». وأكد أن الحوثيين يريدون أن يحكموا اليمن بقوة السلاح وهم أقلية الأقلية، مشددا على أن «من يريد أن يحكم اليمن، عليه الذهاب إلى صناديق الاقتراع». وأشار بن دغر إلى أن الميليشيات الانقلابية قامت بقطع رواتب الموظفين وإيقاف الميزانية التشغيلية للمستشفيات والكهرباء في المحافظات المحررة رغم أن جميع إيرادات الدولة تورد إلى البنك المركزي بصنعاء حرصا من الحكومة على تجنيب انهيار الاقتصاد.
وتطرق إلى أن الحكومة واجهت كثيرا من الصعوبات وأهمها تنظيم القاعدة في حضرموت التي كانت تهرب الأسلحة والنفط إلى الحوثيين في صنعاء وصعدة، وقامت الحكومة وبدعم من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات بتطهير حضرموت من هذه العناصر الإرهابية ومطاردتها. ودعا الأمم المتحدة إلى فتح مكتبها في العاصمة المؤقتة عدن أو في محافظتي المهرة أو سقطرى أو في جمهورية جيبوتي، لكي تتمكن من إيصال المساعدات الإغاثية إلى جميع المحافظات، بحيث إن تلك الأماكن أقرب بكثير لوصول المساعدات لتعز وباقي المحافظات المحررة التي يصعب وصول المساعدات لها، نظرا لسيطرة الميليشيا الانقلابية عليها.
وأعرب بن دغر عن شكره للأمم المتحدة، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وكل المنظمات الدولية التي أسهمت في دعم اليمن في المجال الإغاثي والإنساني، وعملت على تخفيف معاناة اليمنيين.
في سياق متصل، قال برنامج الأغذية العالمي إن أكثر من نصف السكان في اليمن (البالغ عددهم 25 مليونا) لا يستطيعون الحصول على الغذاء، وإن 19 من محافظات البلاد الـ22 تواجه نقصا حادا في الغذاء.
وحذر البرنامج في تقييم مشترك جديد أجرته الأمم المتحدة وشركاؤها من أن الوضع في المناطق المتضررة مرشح للتدهور في حال استمرار النزاع، وأدت الحرب المستمرة في البلاد إلى انزلاقها لمربع الدول الأكثر جوعا.
وأشار إلى أن عشرات الأطفال ممن شارفوا على الهلاك بسبب سوء التغذية الحاد يصلون يوميا إلى المستشفيات، للحصول على خدمات طبية تنقذ حياتَهم، لكنَّ المستشفيات هي الأخرى مرهقة وتعاني نقصا حادا في الأدوية والمحاليل الطبية.
من جانبه، ذكر المتحدث باسم اليونيسيف في اليمن محمد الأسعدي أن هناك أكثر من 1.5 مليون طفل يمني تحت سن الخامسة يعانون سوء التغذية العام على الأقل، 370 ألف طفل منهم يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم المميت.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.