الجبهات السورية تشتعل.. والقصف يطال مخيمًا للنازحين على الحدود التركية

صواريخ باليستية روسية تدمر مخازن أسلحة لـ«جيش الإسلام» في إدلب

خيمة تالفة للنازحين بعد غارات جوية أمس على مشارف بلدة الأتارب بريف حلب (رويترز)
خيمة تالفة للنازحين بعد غارات جوية أمس على مشارف بلدة الأتارب بريف حلب (رويترز)
TT

الجبهات السورية تشتعل.. والقصف يطال مخيمًا للنازحين على الحدود التركية

خيمة تالفة للنازحين بعد غارات جوية أمس على مشارف بلدة الأتارب بريف حلب (رويترز)
خيمة تالفة للنازحين بعد غارات جوية أمس على مشارف بلدة الأتارب بريف حلب (رويترز)

اشتعلت جبهات القتال في معظم المحافظات السورية بين فصائل المعارضة المسلحة من جهة، وقوات النظام والميليشيات الموالية لها من جهة ثانية، بدءا من الشمال مرورا بوسط البلاد والغوطتين الشرقية والغربية وصولا إلى الجنوب؛ وذلك بالتزامن مع المعارك المحتدمة في مدينة حلب وريفها.
وعلى الرغم من تصدّر معارك حلب واجهة الأحداث السورية، فعّلت المعارضة السورية عملياتها في محافظة حمص، حيث قصفت بقذائف الهاون قرية جبورين الخاضعة لسيطرة النظام، فيما دارت اشتباكات عنيفة بينها وبين قوات النظام في منطقة الهجانة بريف حمص الشمالي، وقد أدى قصف النظام لمنطقة الحولة في ريف حمص الشمالي إلى مقتل خمسة مدنيين، كما نفذت طائرات حربية غارات على محيط عنق الهوى وجب الجراح في الريف الشرقي لحمص الشرقي، إضافة إلى اشتباكات بين الطرفين في محيط مدينة تلبيسة، وسط قصف مدفعي متبادل. كما كانت جبهة ريف حمص الشرقي أيضا، مسرحا للاشتباكات في محيط حقل آرك، بين مسلحي تنظيم داعش وجيش النظام، وسط قصف الطائرات الحربية على مناطق الاشتباك.
ولم تكن جبهات الغوطتين الشرقية والغربية بمعزل عن المواجهات، حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «اشتباكات دارت بين (جيش الإسلام) ومسلحين في مدينة عربين بالغوطة الشرقية، فيما قصف النظام مدينة حرستا بالمدفعية الثقيلة، بالتزامن مع غارات للطيران الحربي استهدف أحياء المدينة»، مؤكدا في الوقت نفسه، أن الطيران «كثّف غاراته على المزارع القريبة من مخيم خان الشيح بالغوطة الغربية، واستتبع ذلك بقصف مدفعي على المزارع نفسها، في حين ألقى الطيران المروحي ثمانية براميل متفجرة على مدينة داريا بالغوطة الغربية».
أما الجبهة الجنوبية، فكانت على موعد مع تصعيد جديد؛ إذ نفذت طائرات حربية غارات على أحياء درعا البلد، ومنطقة غرز بريف درعا، بينما قصفت قوات النظام أحياء عدة داخل مدينة درعا من دون ورود أنباء عن خسائر بشرية. لكن على المقلب الآخر، دارت مواجهات بين «لواء شهداء اليرموك» المبايع لتنظيم داعش من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة «فتح الشام» من جهة أخرى، في محيط سد سحم الجولان بريف درعا الغربي. ومن درعا انتقلت المعارك إلى الريف الشرقي للسويداء، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، وتحديدا في محيط تل ضلفع وأبو حارات.
وفي موازاة الجبهات المفتوحة، دوّت انفجارات في مستودعات الأسلحة التابعة لـ«جيش اﻹسلام» في شمال سوريا ليل الأربعاء. وبحسب تصريحات إسلام علوش، الناطق باسم «جيش اﻹسلام»، فقد أسفرت التحقيقات الأولية عن «ترجيح استهداف مستودعات الأسلحة في إدلب بصواريخ باليستية روسية، يعتقد أنها أطلقت من البحر، مسببة انفجارا بأحدها، واقتصرت الأضرار على الماديات فقط».
مدير «شبكة رصد» في ريف دمشق المقرّب من «جيش الإسلام» عمار الحسن، أكد أن «انفجار المستودعات حصل قرابة منتصف ليل أمس (الأول)، إذ لم يُعرف السبب بداية، لكن لاحقا تم العثور على فوارغ لصواريخ باليستية، غالبا ما تطلق من بوارج حربية من السواحل السورية».
وأشار الحسن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الأضرار اقتصرت على الماديات». وقال: «رجّح قادة في (جيش الإسلام) أن يكون قصف المستودعات، جاء ردا على مشاركة (جيش الإسلام) في معارك فك الحصار عن حلب بشكل قوي وفاعل». وأضاف: «سيكون لهذه العملية آثار سلبية، لأنه جرى تفجير كمية من الذخائر التي تستخدم في معارك حلب»، مشيرا إلى أن «هذا الانفجار هو الثاني الذي يحصل في غضون شهر»، واضعا ذلك في سياق «استهداف الروس لكل الفصائل التي تدافع عن الشعب السوري».
وبمعزل عن خطوط المواجهة، تعرض أمس مخيم التآخي للنازحين على الحدود السورية التركية، لقصف مجهول المصدر، وذلك للمرة الثالثة خلال أسبوع؛ ما أسفر عن مقتل طفل وامرأة. ونقلت «شبكة شام» المعارضة عن ناشطين قولهم «إن مخيم التآخي للنازحين في بلدة دلبيا على الحدود السورية التركية بريف مدينة سلقين بإدلب، تعرض لقصف مجهول المصدر بقذائف صاروخية صغيرة مجهزة ببطاريات وأشرطة كهربائية صغيرة لم يعرف نوعها»، مشيرين إلى أن «إحدى القذائف سقطت وسط خيمة تأوي نازحين من ريف حماة».
ورجح الناشطون أن يكون «مصدر القذائف طائرات استطلاع روسية تتعمد استهداف المخيمات، منها التآخي وقبله صامدون ومخيم الزوف بريفي مدينة سلقين وحارم». ودعت إدارة مخيم التآخي الفصائل الثورية العاملة في المنطقة، إلى «العمل على كشف الفاعلين ومحاسبتهم»، وسط حالة تخوف كبيرة بين العائلات القاطنة للمخيم، التي بدأت تشهد حركة نزوح من المنطقة، إلى مكان آخر بحثا عن الأمن وبعيدا عن القصف.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية «شنت طائرات حربية يعتقد أنها روسية ثماني غارات جوية على منطقة يقع فيها مخيمان للنازحين في معارة الأتارب في ريف حلب الغربي». وأضاف: «طالت ضربات عدة المخيمين؛ ما أسفر عن مقتل طفلين وإصابة نحو 30 آخرين بجروح»، فضلا عن وقوع أضرار و«احتراق نحو عشر خيم».
وأوضح عبد الرحمن، أن سكان المخيمين فروا إلى الحقول القريبة بعد أول ضربة جوية، مشيرا إلى أن أحد المخيمين يتضمن 32 خيمة والثاني 20 خيمة، ويسكنهما نازحون من ريف حماة وريف حلب. وأظهر شريط فيديو حصلت عليه خيمة احترقت بالكامل وأخرى سقطت وفيها بقايا طعام من خبز وزيتون.
وهذه ليست المرة الأولى التي يطال فيها القصف الجوي مخيمات للنازحين؛ إذ قتل 28 مدنيا على الأقل في بداية مايو (أيار) في قصف جوي استهدف مخيما للنازحين في محافظة إدلب (شمال غرب)، وسارعت موسكو ودمشق وقتها إلى نفي أي مسؤولية لهما عنه.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.