المعارك العسكرية تحتدم في حلب.. والنظام يستعين بـ 5 آلاف مقاتل بينهم إيرانيون

مصدر عسكري معارض لـ «الشرق الأوسط»: سنحمي المنشآت المدنية والمرافق الصحية

شاب على دراجته يجتاز إطارات محترقة في منطقة تسيطر عليها المعارضة بحلب أشعلت بهدف التشويش على قصف الطيران الروسي والأسدي.. أول من أمس (رويترز)
شاب على دراجته يجتاز إطارات محترقة في منطقة تسيطر عليها المعارضة بحلب أشعلت بهدف التشويش على قصف الطيران الروسي والأسدي.. أول من أمس (رويترز)
TT

المعارك العسكرية تحتدم في حلب.. والنظام يستعين بـ 5 آلاف مقاتل بينهم إيرانيون

شاب على دراجته يجتاز إطارات محترقة في منطقة تسيطر عليها المعارضة بحلب أشعلت بهدف التشويش على قصف الطيران الروسي والأسدي.. أول من أمس (رويترز)
شاب على دراجته يجتاز إطارات محترقة في منطقة تسيطر عليها المعارضة بحلب أشعلت بهدف التشويش على قصف الطيران الروسي والأسدي.. أول من أمس (رويترز)

أعلنت غرفة عمليات فتح حلب، التابعة للجيش السوري الحر، عن انطلاق المرحلة الثالثة من معركة حلب، أو ما يعرف بـ«ملحمة حلب الكبرى».
وفور إعلان البدء، فجرت المعارضة نفقًا، تحت مبانٍ تتحصن بها قوات النظام في حي الراموسة، لتتبعها اشتباكات عنيفة، حققت خلالها المعارضة تقدمًا واسعًا، بعد كسر الخطوط الدفاعية لقوات النظام، وفق ما أعلنت عنه غرفة عمليات فتح حلب. وعلى الطرف الآخر، وبالتزامن مع المعارك في حي الراموسة، يخوض مقاتلو جيش الفتح (المؤلف من جبهة فتح الشام وأحرار الشام)، إلى جانب فصائل أخرى، معارك عنيفة على تخوم كلية المدفعية.
وبالسيطرة على كلية المدفعية وعلى أجزاء من حي الراموسة، يتمكن مقاتلو المعارضة من فتح طريق إمداد جديد إلى مدينة حلب، عوضًا عن طريق الكاستلو، شمال حلب، الذي قطعته قوات النظام في 7 يوليو (تموز).
وبات يفصل مقاتلي المعارضة عن فك الحصار عن مدينة حلب نحو 1500 متر، وبتحقيق المعارضة لهذا التقدم، لا تكون قد أمنت لها طريق إمداد جديدا وحسب، بل قطعت طريق الإمداد الرئيسي لقوات النظام تجاه أحياء حلب الغربية، الخاضعة لسيطرته. ومنذ دخول الجيش الحر مدينة حلب في يوليو 2012 تنقسم مدينة حلب بين أحياء شرقية خاضعة لسيطرة المعارضة، وأحياء غربية خاضعة لسيطرة النظام.
ومع تواصل العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية الغربية لحلب، لم تتوقف الغارات الروسية على جنوب غربي المدينة، أمس، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن «غارات الطيران الروسي أدت إلى إبطاء الهجوم المضاد الذي تشنه الفصائل، وسمح لقوات النظام باستعادة السيطرة على خمسة مواقع من أصل ثمانية كانت الفصائل المعارضة قد استولت عليها من دون أن تتمكن من تعزيز مواقعها».
هذه المعلومات نقضها المستشار الإعلامي للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد، الذي أكد أن «الطيران الروسي لم يؤخر تقدم الثوار في حلب، رغم قصفه الكثيف»، مؤكدا أن «العمليات العسكرية للثوار تسير وفق المخطط المرسوم، وباتت هناك ساعات تفصلنا عن كسر حصار حلب». وأعلن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «فصائل المعارضة أحرزت، أمس، مزيدا من التقدم»، وكشف عن «وجود جبهات أخرى ضمن المخطط لم تفتح، وهي ستفتح قريبا»، مؤكدا أن «قوات النظام تنهار أكثر من المتوقع».
وأدى تقدم المعارضة السريع والمفاجئ إلى طرح كثير من الأسئلة عما إذا كانت الفصائل المسلحة تلقت سلاحا متطورا قلب الموازين، لكن أبو زيد نفى تلقي المعارضة دعما تسليحيا ولوجيستيا جديدا.
وتابع المستشار الإعلامي للجيش الحر: «إن التقدم الذي أحرزه النظام بسيطرته على طريق الكاستيلو، حصل بفعل الصبيب الناري والغارات الجوية الروسية، لكنه لم يحصل التحام مباشر، وكل الانسحابات التي حصلت كانت تحت تأثير القصف الجوي وليس الاشتباكات، لكن ما حصل في هذه المعركة (جنوب حلب)، هو أننا التحمنا التحاما مباشرا مع العدو، وبالتالي فإن القصف الجوي الروسي لم يعد ذا أهمية أو فاعلية».
ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن مصدر عسكري تابع للنظام السوري، أن «نحو خمسة آلاف مقاتل موال للنظام، يشاركون في المعارك المحيطة بحلب، بينهم مقاتلون إيرانيون وعناصر من (حزب الله) الشيعي اللبناني». ووفق المعطيات الجديدة، فإن معركة حلب نسفت كل الحسابات السياسية، بحسب أسامة أبو زيد، الذي رأى أن النظام «كان يبذل جهدا كبيرا ويزج بكل قواته بدعم من (حزب الله) اللبناني، وكل الميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والإيرانية، لكي يذهب إلى طاولة جنيف وتكون حلب سقطت في يده، لكن ما يحصل الآن أفشل كل هذه الخطة»، مضيفا: «إن معركتنا ليست معركة كسر حصار حلب، بل معركة تحرير كل حلب، ومن سيكون بالموقف الضعيف هو النظام، وبالتالي أعتقد أن مفاوضات جنيف لن تحصل في الموعد الذي كان سيحدد قريبا».
أما الخبير الاستراتيجي اللبناني خطار بو دياب، فأوضح أنه «منذ ما قبل محاولة وقف إطلاق النار خلال شهر شباط (فبراير) الماضي، كان هناك إدراك أن معركة حلب ستكون إحدى المعارك الأساسية هذا العام»، مشيرا إلى أن «المحور السوري الإيراني كان لديه تركيز على إنهاء المعارضة في منطقة حلب الشرقية، في محاولة منه لدفن الحراك الشعبي في سوريا».
لكن إنجازات المعارضة لن تؤدي برأي أبو دياب، وهو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس الذي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى كسر النظام، ويشدد على أن «حلب ستبقى ورقة مهمة يستخدمها الطرفان على طاولة الحوار، وهذا يعني أن حرب سوريا التي تحولت إلى حروب لا يمكن أن تحل عسكريا»، مبديا أسفه لأن «القضية السورية باتت بيد القوى الخارجية وتحديدا الأميركي والروسي». أضاف: «هناك مصلحة روسية بالوصول إلى حل قبل نهاية ولاية أوباما، كما أن الإدارة الأميركية الحالية لا مصلحة لها في كسر المعارضة السورية في حلب»، مشيرا إلى «وجود مسعى دولي إلى الحفاظ على الوضع القائم؛ لأن هناك خوفا من تدهور الوضع بشكل كبير»، متحدثا عن «رسائل ورسائل مضادة من خلال تحركات أميركية روسية، والموقف الفرنسي البريطاني، تحذر إسقاط الخطوط الحمر في سوريا».
وفي إطار الحرب النفسية التي يواظب عليها النظام السوري، أفادت وكالة «سانا»، أن «عشرات العائلات خرجت اليوم (أمس) من الأحياء الشرقية عبر ممر الشيخ سعيد جنوب المدينة»، وذكرت أن «عددا من المسلحين سلموا أنفسهم وأسلحتهم إلى عناصر الجيش العربي السوري لتسوية أوضاعهم».
من جهته، قال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أسامة تلجو إن «الثوار سيمنحون العفو لكل من يسلم نفسه من قوات الأسد التي تقاتل في مدينة حلب، التي تشهد معارك طاحنة ضمن معركة (الملحمة الكبرى) لفك الحصار عن الأحياء المحاصرة وتحرير كل المدينة».
أضاف تلجو، وهو ممثل الحراك العسكري عن مدينة حلب في الائتلاف خلال تصريح له: «إن الفصائل العسكرية حريصة على سلامة جميع المدنيين الموجودين في حلب، وقاموا بإجلاء عدد من العائلات إلى مكان آمن بعد سيطرتهم على مشروع 1070 شقة»، لافتا إلى أن الفصائل العسكرية وبالتعاون مع المجلس المحلي لمحافظة حلب «سيعملون على حماية جميع المنشآت المدنية والمرافق الصحية، وإعادة وضعها تحت تصرف الحكومة السورية المؤقتة من أجل إعادة تفعيل خدماتها للسكان القاطنين في المدينة». وأشار عضو الهيئة السياسية إلى أن الفصائل العسكرية في حلب «تتخذ كل التدابير من أجل حماية المدنيين وتحييدهم عن المعارك، واستهداف معاقل قوات الأسد والميليشيات الأجنبية فقط».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.