السعودية: صيادو الشرقية يتأهبون لموسم صيد الربيان

1700 مركب تبدأ الاثنين المقبل رحلات الصيد حتى نهاية شهر يناير المقبل

السعودية: صيادو الشرقية يتأهبون لموسم صيد الربيان
TT

السعودية: صيادو الشرقية يتأهبون لموسم صيد الربيان

السعودية: صيادو الشرقية يتأهبون لموسم صيد الربيان

تستعد أكثر من 1700 مركب صيد سعودي لبدء موسم صيد الربيان في مياه الخليج، الرحلة التي ينتظرها السكان المحليون بفارغ الصبر، كونها تمثل جانبا مهمًا من التراث المحلي، إلى جانب أنها تطلق موسمًا اقتصاديا واعدا.
ويصل الإنتاج المحلي من الربيان سنويًا لما يقارب 10 آلاف طن يتم استهلاك أكثر من نصفها محليًا، في حين تتجه الشركات لتصديره للخارج.
وتبعًا للبرنامج الذي حددته وزارة البيئة والمياه والزراعة، فإن موسم صيد الربيان على الساحل الشرقي للمملكة، يبدأ يوم الاثنين المقبل غرة شهر أغسطس (آب) ويستمر حتى نهاية شهر يناير (كانون الثاني) 2017.
ويمثل موسم صيد الربيان شرقي السعودية، فرصة لعشرات الصيادين الذين يجدون في هذا الموسم فرصة لتحقيق مكاسب واعدة، خاصة أن الربيان يمثل مصدرًا غذائيًا معتدًا به، كما يمثل دخلاً رئيسيًا جراء عائدات التصدير المرتفعة التي تجد طريقها نحو الأسواق الخليجية والعالمية.
ويتأهب الصيادون في المنطقة الشرقية لانطلاق هذا الموسم، بآمال عريضة أن يصبح هذا الموسم الطويل وفيرًا ومنتجًا، ويقول رضا الفردان كبير الصيادين في فرضة القطيف بأن الصيادين يطمحون للعمل سويًا مع الجهات الحكومية لتذليل الصعوبات التي تعيق عملهم.
ويصل إنتاج الربيان من مياه الخليج لنحو 10 آلاف طن سنويًا.
وكشفت تقديرات سعودية رسمية عن تزايد وتيرة الاستثمار في قطاع الثروة السمكية، مع توقع أن يصل إنتاج الربيان خلال العام الجاري 2016 إلى نحو 29 ألف طن، في حين تبلغ القدرة الإنتاجية المستدامة للاستزراع المائي في السعودية 8.6 مليون طن سنويا، وذلك بحسب معلومات حديثة حصلت عليها «الشرق الأوسط» من البرنامج الوطني لتنمية الثروة السمكية التابع لوزارة الزراعة.
وقال الفردان، من بين تلك الصعوبات تحديد مواعيد إبحار المراكب الكبيرة، وقال: «هناك مساعٍ لتمديد عدد أيام الإبحار لتصبح 10 أيام بدلاً من 7، مما يتيح فرصة أكبر للصيادين».
ويضيف الفردان لـ«الشرق الأوسط»: «إن تقليص عدد الأيام يعني أن هناك احتمالات مرتفعة بشأن تراجع نسبة المراكب التي تسعى للحصول على رخصة صيد الربيان بنسبة 40 في المائة لأن تكلفة الديزل عالية والأيام المسموح فيها بالإبحار غير كافية للتواجد في مناطق يكثر فيها الربيان حيث يتطلب الوصول لبعضها يوما كاملا، وبالتالي تتقلص أيام الصيد فعليًا إلى 3 أيام وهي غير كافية أبدا».
وبين أن عدد مراكب الصيد التي تزيد عن 1700 مركب صيد كبير وصغير في المنطقة كانت تبحر قبل تقليص المدة لمدة 7 أيام للصيد وهذا التصريح معمول به من قبل حرس الحدود بوصفها الجهة المسؤولة. ويشتكي الصيادون من ارتفاع أسعار الوقود.
ويقول الفردان: «كان سعر الديزل أقل مما هو عليه الآن، وبعد رفعه كنا نتوقع من حرس الحدود زيادة أيام التصريح إلى 10 أيام بدلاً من 7 أيام لتوفير فرق سعر ارتفاع الديزل والتغلب على زيادة الأسعار إلا أننا تفاجأنا بحدوث عكس ما كنا نتمناه بتقليل عدد أيام التصريح للإبحار إلى 5 أيام مما يعرضنا إلى خسائر مادية كبيرة تعيق استمرارنا في هذه الحرفة، وهذا سيؤثر على كمية الإنتاج والسعر في السوق والجميع سيتضرر جراء ذلك». وشدد على أن تقليص مدة الإبحار، وعدم حماية الصيادين من الخسارة، شأنه أن يأتي بنتائج سلبية على حرفة الصيد، وعلى الناتج القومي للثروة السمكية.
وأوضح أن الصيادين معرضون لخسائر مادية طائلة قد تكون مؤكدة نتيجة التزام معظم الصيادين بقروض ومبالغ كبيرة لصالح صندوق التنمية الزراعي يجب دفعها على شكل أقساط وفي أوقاتها المحددة حتى لا يتم إيقاف قوارب الصيد بسبب العجز في السداد وهذا يهدد مصدر أساسي من حيث المهنة وكمية المنتجات البحرية.
ويصل عدد القوارب الكبيرة أو ما تعرف بـ(اللنجات) في المنطقة الشرقية إلى نحو 600 قارب فيما يتجاوز عدد القوارب الصغيرة (الزوارق) 1300 قارب.
وتختلف قدرات الصيد وحجم الكميات والوصول إلى الأعماق للحصول على أفضل الأحجام من هذا المنتج المفضل في السفرة الخليجية حيث إن القوارب الكبيرة تصل إلى أعماق أكبر مما يجعلها تجوب شاطئ الخليج وتبقى فيه لأيام تصل إلى أسبوع وتعود إلى مراسيها محملة بكميات كبيرة من الصيد على العكس من الزوارق الصغيرة التي تبحر في المياه الضحلة والمتوسطة، مما يؤثر على نوعية وجودة المنتج.
ويتركز الصيد في الأسبوع الأول في المناطق القريبة، بداية من خليج تاروت والدمام والقطيف والجبيل وحتى الخفجي. ويرى مختصون في صيد الربيان أن كل موسم يشهد في العادة تراجعا في نسبة الصيد قياسا بالموسم الذي يسبقه نتيجة للكثير من العوامل من بينها الردم وفقدان نسب أكبر من الشعب النباتية والمنجروف مما يقلل حجم البيض لتكاثر هذا المنتج البحري. وأصيب الصيادون بصدمة كبيرة في الموسم الماضي نتيجة التراجع الكبير في الصيد والذي تجاوز 30 في المائة على الأقل قياسا بالموسم الذي سبقه وهذا ما جعل الأسعار ترتفع بنسب متفاوتة حيث انخفض العرض.
ويسعى البرنامج الوطني لتنمية الثروة السمكية التابع لوزارة الزراعة لرفع متوسط نصيب الفرد السعودي من نحو 12 كيلوغراما في السنة من المنتجات البحرية إلى نحو 19 كيلوغراما للفرد خلال السنة الواحدة، إلى جانب المساهمة مع القطاعات الزراعية الأخرى في تحقيق الأمن الغذائي، وتحقيق التنمية المستدامة من خلال الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية، وتعويض النقص في إنتاج المصايد الطبيعية، بالإضافة إلى توفير الغذاء الصحي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».