المعارضة السورية ترفض استئناف المفاوضات.. والوضع الإنساني في أسوأ حالاته

الزعبي: الروس يضغطون على دي ميستورا قبل رحيل الإدارة الأميركية الحالية

المعارضة السورية ترفض استئناف المفاوضات.. والوضع الإنساني في أسوأ حالاته
TT

المعارضة السورية ترفض استئناف المفاوضات.. والوضع الإنساني في أسوأ حالاته

المعارضة السورية ترفض استئناف المفاوضات.. والوضع الإنساني في أسوأ حالاته

استبقت الهيئة العليا للمفاوضات، تسلمها دعوة رسمية من المبعوث الأممي لدى سوريا، ستيفان دي ميستورا لاستئناف جولة جديدة من المفاوضات قبل نهاية أغسطس (آب) برفضها حضور المفاوضات، مؤكدة أن شروط التفاوض لم تتحقق بعد، وأن الوضع الإنساني في سوريا في أسوأ حالاته، منوهة بأن إعلان دي ميستورا عن جولة جديدة، ما هو إلا ابتزاز روسي، للضغط على المبعوث، كاشفة عن دعوتها لاجتماع طارئ بالرياض لمواجهة المستجدات على الساحة حاليا.
وقال أسعد الزعبي رئيس الوفد السوري المفاوض في جنيف لـ«الشرق الأوسط» إن دي ميستورا دفع دفعا إلى الدعوة لاستئناف جولة جديدة من المفاوضات، بعد أن حملت تصريحات سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي الأخيرة، اتهاما مباشرا للمبعوث الأممي: «بأنه تقاعس عن الدور المطلوب منه».
وقال إن الروس يبتزون دي ميستورا، لتحقيق حل سياسي قبل انتهاء فترة الإدارة الأميركية الحالية، كما أن دي ميستورا، نفسه، يريد الاستفادة من وقت الإدارة الأميركية قبل أن تنتهي، لافتا إلى أن المبعوث الأممي مضطر لأن يحقق شيئا قبل انتهاء فترة عمله في الأمم المتحدة. غير أن ذلك يتم قبل تحقيق شروط التفاوض المعروفة، ويهدف الروس إلى دفع الهيئة العليا للمفاوضات إلى عدم الحضور لإفساح المجال لمنصة موسكو، ومكونات أخرى موالية لبشّار الأسد، إلى المفاوضات، لافتا إلى أن الهيئة العليا لم تستلم حتى الآن أي دعوة رسمية من دي ميستورا لاستئناف المفاوضات التي استبعد انعقادها نهاية أغسطس المقبل. وشدد الزعبي على أنه ليس هناك ما يستدعي عقد جولة جديدة من المفاوضات، لعدم حدوث أي تقدم في الشروط التي أدت بشكل مباشر إلى تعطيل المفاوضات. واستشهد رئيس الوفد المفاوض بقرار مجلس الأمن 2254 الخاص بسوريا، والذي كان واضحا تماما عندما تحدث في إحدى فقراته عن فك الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها في المناطق المحاصرة. وأكد على أن المقصود بالفقرة، هو «إيصال مستمر وليس إيصالا متقطعا وضئيلا لمساعدات لا تكفي لأكثر من يوم أو يومين»، لافتا إلى أن حديث دي ميستورا عن أن الوضع الإنساني في سوريا، أفضل، لا يخرج عن كونه حديثا إعلاميا لا يمت للواقع بصلة.
ونفى الزعبي صحة الأخبار التي تتحدث عن إحكام حصار عسكري على المعارضة في حلب من قبل النظام، منوها بأن حلب تتعرض حاليا لحصار مدني فقط، بهدف تحجيم حركة المدنيين، مؤكدا أن المعارضة تتمتع بالقدرة الكافية على الحركة، وبأن الجهات الجنوبية والجنوب شرقية والجنوب غربية من حلب، غير محاصرة. وقال إن هناك مناطق للقوات العسكرية التابعة للنظام محاصرة من قبل الفصائل المعارضة، وأن النظام يحاصر الجهة الشمالية والشمالية الشرقية، من حلب لتأمين طريق رئيسي له.
وعن تفاؤل بلقاء كيري ولافروف واتفاقهما حول الملف السوري، وصف الزعبي ما يفعله الطرفان، بأنه «ما هو إلا تبادل تصريحات إعلامية وتحقيق مصالح متبادلة بعيدا عن مصالح الشعب السوري». وتساءل عن مصير الخطة التي تحدث عنها كيري «لم نر أثرا لها على أرض الواقع»، معتبرا أن كيري «يحاول مماطلة الوقت ليس إلا».
وشدد الزعبي على عقد اجتماع طارئ للهيئة العليا للمفاوضات في الرياض مطلع شهر أغسطس المقبل، لمناقشة المستجدات وتقييم الوضع الإنساني والوضع العسكري، ومناقشة أي دعوة من دي ميستورا بشأن استئناف المفاوضات.
وأضاف أن «الجانب الروسي يتعمد طرح قضية استئناف التفاوض والاستفادة من حلب كورقة ضغط على الشعب السوري، وهو يعلم أن هذه الأوراق لن يستفيد منها، لأن الهيئة العليا أعلنت موقفها الواضح من رحيل بشار الأسد وزمرته، ولن تغير موقفها من البنود والفقرات التي صدرت عن مرجعية جنيف1».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.