ممارسات «ناتو» تستفز الإعلام في موسكو

تحذيرات من التصعيد والانتقال إلى مواجهة حقيقية بين روسيا والغرب

وكالة «ريا نوفوستي»: الناتو يركز على التصدي لتهديد غير موجود - «إنترفاكس» تنقل عن غورباتشوف قوله  إن سلوك الناتو يوحي وكأنهم يعدون لحرب  ضد روسيا («الشرق الأوسط»)
وكالة «ريا نوفوستي»: الناتو يركز على التصدي لتهديد غير موجود - «إنترفاكس» تنقل عن غورباتشوف قوله إن سلوك الناتو يوحي وكأنهم يعدون لحرب ضد روسيا («الشرق الأوسط»)
TT

ممارسات «ناتو» تستفز الإعلام في موسكو

وكالة «ريا نوفوستي»: الناتو يركز على التصدي لتهديد غير موجود - «إنترفاكس» تنقل عن غورباتشوف قوله  إن سلوك الناتو يوحي وكأنهم يعدون لحرب  ضد روسيا («الشرق الأوسط»)
وكالة «ريا نوفوستي»: الناتو يركز على التصدي لتهديد غير موجود - «إنترفاكس» تنقل عن غورباتشوف قوله إن سلوك الناتو يوحي وكأنهم يعدون لحرب ضد روسيا («الشرق الأوسط»)

بينما يشكل دور موسكو في الشأن السوري موضوعًا رئيسيًا تتناوله وسائل الإعلام العربية والعالمية في مرورها على الشأن الروسي، فإن وسائل الإعلام الروسية، وإن كانت تفرد مساحات واسعة للملف السوري وعملية روسيا العسكرية هناك، فإنها تولي في الآونة الأخيرة اهتمامًا أكبر بالعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، إن كانت العلاقات المباشرة بينهما أو غير المباشرة عبر علاقة موسكو بحلف الناتو. ويعود هذا الاهتمام إلى التوتر غير المسبوق بين روسيا والغرب بشكل عام، على خلفية تحركات للناتو مدعومة أميركيًا، تقول روسيا إنها تشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها، وتلوح بأنها سترد بالشكل المناسب على ما ترى فيه سياسة عدائية من جانب الناتو.
ومع انطلاق قمة الناتو في وارسو مطلع الشهر الحالي زاد اهتمام الإعلام الروسي بالتحركات العسكرية للحلف ونيته نشر قوات إضافية في جمهوريات البلطيق مع ما يشكله هذا من تهديد لروسيا. صحيفة «كوميرسانت» حرصت على تذكير القراء بالخلفية التاريخية للتوتر بين الجانبين. وأشارت إلى أنه «بعد سقوط الاتحاد السوفياتي تحولت 12 دولة كانت ضمن حلف وارسو إلى أعضاء في حلف الناتو»، لافتة إلى أن «الحلف قد توسع منذ عام 1991 بنسبة 33.2 في المائة»، بينما «ينفق الحلف على المجال الدفاعي أكثر بـ13 مرة مما تنفقه روسيا في هذا المجال»، وتضيف الصحيفة موضحة أن «الميزانية العسكرية لحلف الناتو عام 2015 بلغت 870.7 مليار دولار أميركي؛ 253.2 مليار دولار منها نفقات الدول الأوروبية، و617.5 مليار نفقات عسكرية أميركية وكندية. ويزيد عدد أفراد قوات الناتو بأربع مرات عن عدد الأفراد في الجيش الروسي». أما روسيا فإن إنفاقها العسكري لا يزيد عن 66.4 مليار دولار، ورغم هذا حسب «كوميرسانت» فإن «الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبيرغ قد أعلن عن زيادة ميزانية الناتو بقدر 1.5 في المائة. وتتابع صحيفة «كوميرسانت»، فتقول إن «الولايات المتحدة وبغض النظر عن الأحداث العالمية، ما زالت منذ بداية الألفين تنظر إلى القوة العسكرية الروسية على أنها مصدر تهديد، هذا بينما لا تعارض الغالبية من مواطني الدول أعضاء الناتو الدخول في حرب مع روسيا بحال اعتدت على الجوار. في الوقت الذي تكونت فيه لدى المواطنين الروس نظرة مستقرة سلبية نحو الناتو والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا»، حسب صحيفة «كوميرسانت» الروسية. من جانبها لفتت صحيفة «آر بي كا» الروسية إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد تعهد للدول الأوروبية الأعضاء في الحلف بتقديم المساعدة لهم «في الأوقات الجيدة والسيئة»، وأضافت إنه تعهد خلال آخر مشاركة له بصفته رئيسا في قمة الحلف بضمان أمن أوروبا.
ولم تكتف «آر بي كا» بتناول تصريحات أوباما، بل أشارت إلى ما قاله أمين عام الحلف ينس ستولتنبيرغ بشأن نشر قواعد الدرع الصاروخية في أوروبا، لتنتقل بعد ذلك وتعرض وجهة نظر الرئيس السوفياتي الأول والأخير ميخائيل غورباتشوف (قبل غورباتشوف لم يكن هناك منصب رئاسة بل منصب أمين عام اللجنة المركزية للحزب وهو زعيم البلاد) بخصوص ممارسات الناتو، في اهتمام واضح من جانب الصحيفة بتصريحات غورباتشوف الذي ارتكب خطأ تاريخيا حين لم يطالب الغرب بتوثيق خطي لتعهدات شفهية قدموها له في التسعينات بأن لا يمنحوا أي من دول حلف وارسو عضوية الناتو، وهو نفسه الذي كان من قادة نهج التقارب مع الغرب والانفتاح في العلاقات بعد عقود طويلة من الحرب الباردة بين الجانبين.
في تعليقه على تلك التطورات وخطط الناتو في جمهوريات البلطيق ودول أوروبا الشرقية يقول غورباتشوف لوكالة «إنترفاكس» إن اللهجة الخطابية لحلف شمال الأطلسي تدل على أنهم يحاولون جر روسيا وكل العالم إلى مواجهة حقيقية، معربًا عن قناعته بأنهم «يتحدثون عن الدفاع فقط، لكنهم يقومون عمليا بالتحضير لعمليات هجومية»، داعيًا كل شعوب العالم للرد بحزم «ووقف تحول الحرب الباردة إلى مواجهة حقيقية». ولم تكن «إنترفاكس» الوحيدة التي رصدت ردود الفعل الروسية على تحركات الناتو، وفي هذا السياق عرضت وكالة «ريا نوفوستي» وجهات نظر عدد كبير من الخبراء والمحللين والمسؤولين الروس، بينهم قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة مجلس الدوما للعلاقات الدولية، الذي قال في حديثه للوكالة إن «كل القرارات التي اتخذها الناتو خلال قمته الأخيرة في وارسو تنطلق من منطق المواجهة السائد إبان حقبة الحرب الباردة»، ليؤكد بعد ذلك أن روسيا رغم هذا كله ستبقى بأمان لأنها دولة قوية.
كما ركزت وسائل الإعلام الروسية على الرد الرسمي الروسي على قرارات قمة الناتو في وارسو، ونقلت «ريا نوفوستي» بيان الخارجية الروسية الذي قالت فيه إن «حلف شمال الأطلسي يركز جهوده على تهديد وهمي غير موجود» في إشارة إلى أن روسيا لا تشكل تهديدًا للناتو. ومن جانبها، رأت صحيفة «نيزافيسمايا غازيتا» أن قرارات الناتو الأخيرة إنما تعني أن «روسيا ما زالت هدفًا لحلف شمال الأطلسي»، الأمر الذي سيستدعي ردًا روسيًا مناسبًا، وهو ما توقفت عنده صحيفة «إزفستيا» التي نقلت عن ألكسندر غروشكو، مندوب روسيا الدائم لدى الناتو قوله إن روسيا سترد على خطوات الناتو، معربًا عن يقينه بأن ما سيجري نتيجة ممارسات الحلف يعني «تحولات ملموسة في المجال السياسي - العسكري»، ملوحًا بأن روسيا ستقوم بنشر «مكونات عسكرية» بقرب أي دولة ينوي الناتو نشر قوات إضافية فيها، ويقصد بذلك جمهوريات البلطيق التي قرر الحلف نشر كتائب إضافية جديدة على أراضيها.



مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.