دي ميستورا ينتظر نتائج المحادثات الأميركية الروسية ويأمل في أن تحقّق تقدّمًا بسوريا

مقتل 12 مدنيًا بغارات طيران النظام في حلب

دي ميستورا ينتظر نتائج المحادثات الأميركية الروسية ويأمل في أن تحقّق تقدّمًا بسوريا
TT

دي ميستورا ينتظر نتائج المحادثات الأميركية الروسية ويأمل في أن تحقّق تقدّمًا بسوريا

دي ميستورا ينتظر نتائج المحادثات الأميركية الروسية ويأمل في أن تحقّق تقدّمًا بسوريا

قال ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا اليوم (الخميس)، إنّه يأمل في أن يسفر اجتماع أميركي روسي عن تحقيق تقدم في عملية السلام السورية، يتضمن وقف القصف العشوائي والتوصل إلى صيغة للانتقال السياسي.
وأبلغ دي ميستورا الصحافيين في جنيف بينما يستعد وزير الخارجية الأميركي جون كيري للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرجي لافروف في موسكو: «لنرى ما سيحدث في موسكو خلال الساعات القليلة المقبلة. دعونا نأمل في أن يكون هناك نوع من التفاهم العام أو التقدم».
وينتظر دي ميستورا ظروفًا محددة تسمح له بالدعوة لجولة جديدة من محادثات السلام في جنيف، تخرج منها خارطة طريق لانتقال سياسي في سوريا في أغسطس (آب). كما ذكر دي ميستورا أنّ الولايات المتحدة وروسيا أجريتا كثيرًا من المحادثات الدبلوماسية غير الرسمية. مضيفًا: «أعتقد أنّ الأيام القليلة المقبلة حاسمة لنتأكد من معرفتنا لموقفيهما.. حين تتفق الاثنتان (أميركا وروسيا) على أمر... يفيد هذا كثيرا». واستطرد قائلاً إنّ الاتفاق على وقف القصف العشوائي والتوصل إلى صيغة للانتقال السياسي سيوفر الظروف الملائمة لإجراء جولة جديدة من المحادثات والأساس المحتمل لاتفاق سلام.
وامتنع دي ميستورا عن التعليق على تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، بأن الولايات المتحدة ستقترح على روسيا تعزيز التعاون المشترك وتبادل المعلومات المخابراتية لتحديد واستهداف عمليات تنظيمي داعش والقاعدة في سوريا.
وقال يان إيغلاند الذي يرأس الاجتماع الأسبوعي لمجموعة العمل الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، إنّ القتال يحول دون دخول المناطق المحاصرة وإنّ الحكومة ما زالت تصادر الإمدادات الطبية من قوافل الإغاثة. وأضاف أن شرق مدينة حلب الخاضع لسيطرة المعارضة حيث لا يتسنى لما لا يقل عن 200 ألف شخص الحصول على مساعدات، تتوفر فيه الظروف التي تسمح باعتباره المنطقة 19 المحاصرة في سوريا وأكبر هذه المناطق. ومضى قائلا إنّ في بعض المناطق المحاصرة مثل مضايا يتفاقم سوء التغذية وإنّ «الموت جوعًا هو القادم».
على الساحة الميدانية، قتل 12 مدنيا على الأقل، اليوم، في غارات شنتها طائرات لم يتضح إذا ما كانت سورية أم روسية على الأحياء الشرقية في مدينة حلب (شمال سوريا)، وفق ما أفاده المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «قتل 12 مدنيا على الأقل جراء قصف جوي نفذته طائرات لم يعرف إذا ما كانت سورية أم روسية على حيي طريق الباب والصالحين»، في ظل سيطرة الفصائل المعارضة في شرق حلب. وقد سقط تسعة من القتلى في طريق الباب، والثلاثة الآخرون في حي الصالحين، حسب المرصد.
وأظهر شريط فيديو حصلت عليه الوكالة، في حي الصالحين، مبنى مدمرًا جراء القصف، وأمامه سيارة محترقة وشاحنة لجمع النفايات تدمرت مقدمتها، فيما يعمل عمال إنقاذ على رفع الأنقاض والبحث عن ضحايا.
وقال جمعة حسن، أحد سكان الحي، لوكالة الصحافة الفرنسية، وهو يقف أمام المبنى الذي استهدفته الغارات: «دمار كامل، واستهداف للمدنيين.. سائق تاكسي وعامل بلدية، هؤلاء هم الإرهابيون بنظرهم!».
وباتت الأحياء الشرقية منذ أسبوع محاصرة عمليا، بعدما تمكنت قوات النظام السوري من السيطرة ناريا على طريق الكاستيلو، آخر منفذ إلى الأحياء الشرقية، وتخوض معارك ضارية ضد الفصائل على بعد نحو خمسمائة كيلومتر منها.
وتتعرض هذه الأحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل في حلب لغارات جوية كثيفة في الأيام الأخيرة، على الرغم من إعلان قوات النظام السوري، في 6 يوليو (تموز) الحالي، تهدئة في كل أنحاء سوريا، مددتها مرتين وتنتهي منتصف الليل.
وانهارت في وقت سابق هدن عدة تم التوصل إليها في مدينة حلب منذ 27 فبراير (شباط)، استنادا إلى اتفاق روسي أميركي بشأن وقف الأعمال القتالية الذي بدأ تطبيقه في مناطق عدة، في 27 فبراير.
كما قال المرصد إن مقاتلي التنظيم المتطرف أسقطوا طائرة سورية بالقرب من مدينة دير الزور (شرق البلاد)، اليوم، مضيفًا أنّ التنظيم استهدف طائرة، وأسقطها على تلال واقعة على بعد نحو خمسة كيلومترات، جنوب غربي مطار دير الزور العسكري.
ويسيطر التنظيم المتطرف على معظم أنحاء دير الزور (شرق سوريا)، على الرغم من أن قوات موالية للنظام السوري تسيطر على المطار، وجزء من مدينة دير الزور الواقعة على نهر الفرات.
ولم يتضح على الفور كيفية إسقاط «داعش» للطائرة التي قال المرصد إنّها ثاني طائرة يجري إسقاطها في منطقة يسيطر عليها التنظيم منذ أبريل (نيسان) الماضي. وتابع المرصد أن التنظيم أسقط أيضًا طائرتي هليكوبتر خلال الأشهر الأخيرة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.