الحوثيون يستميتون للوصول إلى باب المندب.. ومراقبون: هدفهم نصر «استراتيجي»

المقاومة تضبط جاسوسًا يعمل على تزويد الميليشيات بالإحداثيات

قوات الشرعية تصر على كسر شوكة الميليشيات حتى في المواقع القريبة من باب المندب (أ.ف.ب)
قوات الشرعية تصر على كسر شوكة الميليشيات حتى في المواقع القريبة من باب المندب (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يستميتون للوصول إلى باب المندب.. ومراقبون: هدفهم نصر «استراتيجي»

قوات الشرعية تصر على كسر شوكة الميليشيات حتى في المواقع القريبة من باب المندب (أ.ف.ب)
قوات الشرعية تصر على كسر شوكة الميليشيات حتى في المواقع القريبة من باب المندب (أ.ف.ب)

أعلنت قوات الشرعية في منطقة السقيا القريبة من ممر الملاحة الدولية (باب المندب)، أمس (الاثنين)، إلقاء القبض على جاسوس يعمل في صفوف ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح، وكان في مهمة استطلاع للميليشيات بمناطق الصبيحة وباب المندب بمحافظة لحج.
هذا النبأ لا يعد مجرد عملية روتينية للقبض على جاسوس وحسب، بل يعد مؤشرا لإصرار قوات الشرعية على كسر شوكة الميليشيات التي لطالما حلمت بالوصول حتى إلى مواقع قريبة من الموقع الاستراتيجي.
وتحتدم المواجهات بين قوات الشرعية وميليشيا الحوثيين وصالح مندلعة بضراوة في منطقة وجبل كبهوب الاستراتيجي المطل على ممر «باب المندب»، واشتدت المواجهات في مناطق الجبهات الغربية الشمالية بالمضاربة وراس العارة وعلى امتداد الشريط الساحلي في الصبيحة.
وأكد مراقبون أن استماتة الميليشيات للوصول إلى باب المندب ترمي إلى تحقيق هدف استراتيجي، وهو الوصول إلى ذلك الممر الدولي.
أمام ذلك، لم يقتصر نجاح قوات الشرعية في الحيلولة دون وصول الحوثيين إلى باب المندب وحسب، بل طهرت مواقع قريبة وطرقًا مؤدية إليه، حتى تقطع الطريق أمام الانقلابيين عسكريا ولوجستيا. وقال أحمد عاطف الصبيحي، الناطق باسم المقاومة في باب المندب، إن قوات المقاومة الجنوبية تمكنت من ضبط جاسوس يعمل لصالح الميليشيات، وذلك في منطقة السقيا القريبة من باب المندب.
وأوضح عاطف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الجاسوس ينتمي إلى محافظة ذمار شمال البلاد، وتمت عملية ضبطه بعد أن كان يتظاهر بأنه نازح وفار من المواجهات في المناطق الحدودية بين محافظتي لحج وتعز، لافتا إلى أن الجاسوس كان يقوم بتزويد الميليشيات بإحداثيات المنطقة ومواقع المقاومة، على حد قوله.
ويقول الدكتور نجيب إبراهيم سلمان، أستاذ التاريخ السياسي المعاصر، إن أهمية باب المندب الاستراتيجية والاقتصادية والملاحية الدولية لم تعد تحت رحمة أي قوى محلية، بل أصبح التحكم بإدارتها مهمة دولية، لهذا فالحديث عن هذا الموقع الاستراتيجي هو حديث عن مفاهيم سيادة.
يشار إلى أن الرئيس عبد ربه منصور هادي قال في كلمة له في مأرب، أول من أمس: «إن العالم حذر من أهداف إيران المعلنة، التي ترمي إلى السيطرة على باب المندب ومضيق هرمز»، في إشارة إلى رغبة طهران في توسيع نفوذ الشر وزعزعة المنطقة.
وكانت ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح جددت، أمس وأول من أمس، قصفها العشوائي على القرى والمناطق المأهولة بالسكان المدنيين باستخدام صواريخ الكاتيوشا والمدفعية وقذائف الهاون في مديرية المضاربة وراس العارة على خط التماس المواجهات في الحدود الشمالية الغربية بلحج المحاذية لمديرية الوازعية التابعة لمحافظة تعز.
وأوضح العقيد أحمد الدودحي، القائد الميداني لجبهة المنصورة، في تصريحات إعلامية أن عددا من القذائف التي أطلقتها الميليشيات سقطت في مناطق سكنية بمنطقة الرويس وهقره، مما سببت الهلع والخوف في صفوف المواطنين العزل وأسرهم، متسائلا: «لماذا تتعمد الميليشيات قصف المناطق المزدحمة بالسكان بينما رجال المقاومة معروف مواقعها وأماكن وجودها؟» على حد تعبيره.
وحمل العقيد الدودحي ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح مسؤولية سلامة السكان المدنيين الذين لا دخل لهم فيما يدور بين رجال المقاومة والميليشيات، وإنما أغلبهم أسر شردت من منازلهم من قرى الوازعية التابعة لمحافظة تعز، مطالبا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية المحلية والعربية والعالمية بعمل حد للانتهاكات التي تقوم بها الميليشيات بين حين وآخر من قتل وتدمير لمنازل المواطنين، وكذلك تشريدهم إلى المخيمات والمدارس، وأنهم أصبحوا لا حول لهم ولا قوة، ويعيشون أوضاعا صعبة بعد طردهم من مناطقهم وجعلها مخازن للأسلحة والمعدات العسكرية التابعة لميليشيا تحالف الحوثيين وصالح.
وعن تطورات الأوضاع ميدانيا في جبهات كرش التابعة لمحافظة لحج، مع محافظة تعز أوضح القيادي بالمقاومة مختار السويدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن المنطقة تشهد هدوءا حذرا ونسبيا وسط قصف عشوائي للميليشيات على القرى والمناطق السكنية بصواريخ الكاتيوشا والمدفعية وقذائف الهاون بعد أن فشلت الميليشيات في تحقيق أي تقدم لها ناحية أراضي مناطق محافظة لحج.
وقال السويدي إن قوات الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية تفرض كامل سيطرتها على مناطق كرش ولحج الحدودية مع محافظة تعز، وأن قصفا متبادلا بشكل متقطع مع الميليشيات يتركز في مناطق الحويمي والجريذة وحمالة شمال مديرية كرش الحدودية، مؤكدا بأنه لمن المستحيل أن تعود ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح إلى لحج بعد اليوم، على حد قوله.
فيما شهدت مديريات بيحان بمحافظة شبوة شرق البلاد، أمس وأول من أمس، اشتباكات ومواجهات متقطعة بين قوات المقاومة الجنوبية والجيش الوطني من جهة وميليشيا الحوثيين وصالح من جهة أخرى، في ظل استمرار الميليشيات بارتكاب جرائمها بحق المدنيين وتعمدها بشن قصف عشوائي عنيف على مناطق المدنيين، وذلك بعد أن فشلت في إحراز أي تقدم لها ناحية منابع النفط بوادي بلحارث.
الشيخ مساعد عمير الحارثي، قائد المقاومة الجنوبية بمديريات بيحان الثلاث «العين، العليا، عسيلان»، أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» تصدي المقاومة الجنوبية لمحاولة التفاف للميليشيات، مشيرا إلى أن المواجهات مع الميليشيات مستمرة، وأن مخططاتها في الوصول إلى منابع النفط في بيحان ووادي بلحارث ستفشل أمام صمود واستبسال أبطال المقاومة الجنوبية والجيش الوطني، داعيا قوات التحالف العربي إلى دعم جبهات المقاومة في بيحان بالسلاح النوعي، على حد قوله.
وفي جبهات «كرش، المريس، باب المندب»، كسر الجيش بصموده محاولة الحوثيين، التقدم، وتمكن من دفع الميليشيات للتراجع إلى المناطق الخلفية والتي تبعد عن هذه الجبهات بعشرات الكيلومترات.
وأرجع اللواء ناصر الطاهري نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية التقدم العسكري للجيش الوطني إلى عدة عوامل في مقدمتها، عودة طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية، بضرب مواقع استراتيجية للميليشيات والحرس الجمهوري الموالي للرئيس المخلوع علي صالح، الحليف الاستراتيجي للحوثيين، إضافة إلى رصد تحركات الميليشيات في عدد من الجبهات.
ولفت اللواء الطاهري أنه خلال الأيام الماضية فرت عشرات المجاميع والكتائب العسكرية من المواجهات المباشرة، وهذا يؤكد على ضعف العقيدة الحربية لدى هذه الميليشيات التي ليس لها هدف من خوض الحرب رغم التعزيزات العسكرية، موضحا أن هناك أكثر من 350 شخصا من أتباع الميليشيات سقطوا قتلى في مواجهات الأيام الماضية.
وتمكن الجيش الوطني بدعم من المقاومة الشعبية، من أسر عشرات من القيادات الميدانية الرفيعة وبرتب متعددة، لميليشيات الحوثيين أو الحرس الجمهوري، لافتا أنه وخلال الأيام الماضية سقط المئات من الأسرى جار التحقيق من هوية بعضهم، ومعرفة مراجعه العسكرية، ومن ثم إحالتهم إلى الجهات المختصة لإكمال الإجراءات في مثل هذه الحالات.
وأضاف اللواء الطاهري، أنه في بعض الجبهات، تشرع المقاومة الشعبية بعد أن سقط في قبضتها العشرات من الأسرى، وتثبتت أن المقبوض عليهم ليسوا من القيادات ميدانية، تدخل في تفاوض مع الحوثيين عبر وسطاء لإطلاق سراح أتباعها تحت مظلة الجيش الوطني، وتنجح هذه المفاوضات في بعض الأحيان في استرجاع عدد من أفراد المقاومة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.