مجلس الأنبار يطالب وزارتي الدفاع والداخلية بحماية مساجد الفلوجة من «مندسين»

انتقادات لتجاهل العبادي المطالبات بالتحقيق في انتهاكات ميليشيات الحشد الشعبي

عراقيات هاربات من معارك الفلوجة الأخيرة يصلن إلى قاعدة عسكرية في الرمادي (رويترز)
عراقيات هاربات من معارك الفلوجة الأخيرة يصلن إلى قاعدة عسكرية في الرمادي (رويترز)
TT

مجلس الأنبار يطالب وزارتي الدفاع والداخلية بحماية مساجد الفلوجة من «مندسين»

عراقيات هاربات من معارك الفلوجة الأخيرة يصلن إلى قاعدة عسكرية في الرمادي (رويترز)
عراقيات هاربات من معارك الفلوجة الأخيرة يصلن إلى قاعدة عسكرية في الرمادي (رويترز)

طالب مجلس محافظة الأنبار وزارتي الدفاع والداخلية بإصدار الأوامر الفورية لاعتقال عناصر وصفهم المجلس بـ«المندسين» قاموا بتفجير عدد من المساجد في مدينة الفلوجة، داعيًا ديوان الوقف السني «إلى متابعة باقي مساجد المدينة والحفاظ عليها».
وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من مساجد مدينة الفلوجة تعرضت إلى التفجير من قبل عناصر مندسة «تهدف إلى حرق وتدمير المدينة بالكامل».
وأضاف كرحوت: «إن مساجد الفردوس، والفرقان، وأبو عبيدة، ونبي الله يونس، والمدلل والتقوى، وجامع المعاضيدي تعرضت إلى تفجير من قبل تلك العناصر المندسة التي تجوب مناطق المدينة دون أي رادع».
وطالب كرحوت، وزارتي الدفاع والداخلية بـ«إلقاء القبض على أولئك العناصر والكشف عن هويتهم وتقديمهم للمحاكم لينالوا جزاءهم العادل».
ودعا المجلس رئيس ديوان الوقف السني إلى «متابعة مساجد الفلوجة والحفاظ عليها كونها تتعرض لعمليات تفجير من قبل تلك العناصر المندسة».
في غضون ذلك تصاعدت المطالبات من قبل مسؤولين حكوميين من أجل معرفة نتائج التحقيقات في الانتهاكات التي تعرض لها عدد كبير من النازحين من مدن الأنبار، ولحماية المدنيين الذين يتعرضون للمخاطر داخل مخيمات النزوح بعدما عجزت السلطات الأمنية عن توفير الحماية لهم، خصوصًا ما لقيه آلاف النازحين الذين تمكنوا من الإفلات من قبضة تنظيم داعش في مدينة الفلوجة والمناطق المجاورة لها.
ويأتي ذلك غداة إصدار منظمة «هيومن رايتس ووتش» تقريرا أول من أمس اتهمت فيه حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعدم تنفيذ وعودها بالتحقيق في الانتهاكات ضد المدنيين الأبرياء في مدينة الفلوجة من قبل عناصر تابعة لميليشيات الحشد الشعبي. وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة «هيومن رايتس»، جو ستورك «إن الإخفاق في مساءلة المتورطين عن الانتهاكات الجسيمة يُنذر بأخطار في معركة الموصل المرتقبة، لا سيما أن شهادات لشهود عيان أكدت قيام عناصر من ميليشيا الحشد الشعبي تبرق المنازل والمحال التجارية وسط الفلوجة، مرددين هتافات طائفية».
من جانبهم، حمّل عدد من النواب والمسؤولين في محافظة الأنبار رئيس الوزراء مسؤولية ما يحصل لأبناء محافظة الأنبار بعدما انتهكت كرامتهم وتعرضوا إلى القتل والتعذيب. وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار النائب السلماني في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «أهالي مدن محافظة الأنبار تعرضوا في أكثر من مناسبة لانتهاكات وجرائم مورست ضدهم من قبل عناصر تابعة للميليشيات التي تعمل في ظل الحكومة، وهذا يدل على وجود منهجية في استهداف أبناء تلك المناطق وليس تصرفات فردية كما يبررها البعض ويذكرونها في وسائل الأعلام». وأضاف السلماني: «إن هؤلاء العناصر التابعين للميليشيات قاموا بكثير من الجرائم بحق أبناء محافظة من بينها اختطاف أكثر من 1600 مدني عند معبر الرزازة، ولم يحرك رئيس الوزراء أي ساكن تجاه القضية خصوصًا بعد أن قدمنا له أسماء المختطفين وسلامة موقفهم وأبلغناه بأماكن احتجازهم والميليشيا التي قامت باختطافهم، ولولا متابعتنا لكان هؤلاء المختطفون قد تمت تصفيتهم على أيدي الخاطفين، ثم توالت سلسلة الانتهاكات والجرائم بحق أبناء الأنبار، التي كان آخرها ما تعرض له أبناء مدينة الفلوجة والكرمة والصقلاوية بعد خروجهم من مدنهم التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي ومن ثم توجههم إلى القوات الأمنية التي وعدتهم مسبقًا بإيصالهم إلى المناطق الآمنة، ولكن حدث لكثير من النازحين العكس، حيث تعرضوا لأبشع الجرائم والتعذيب على أيدي عناصر تابعة للحشد الشعبي فتمت تصفية أكثر من 65 شخصًا من أبناء الفلوجة من قبل عناصر الميليشيات وتم خطف أكثر من 650 شخصًا لم يعرف مصيرهم لحد الآن».
وأشار السلماني إلى أن «الحكومة عجزت تمامًا عن الكشف عن أي انتهاك أو جريمة مورست بحق أبناء محافظة الأنبار والمحافظات الأخرى، وقد شكلت المئات من اللجان الاستقصائية حول تلك الجرائم لكن لم يشر أي تقرير من تلك اللجان المشكلة من قبل الحكومة إلى أن الجرائم تقوم بها الميليشيات أو غيرها، ومن تلك اللجان اللجنة التي تم تشكيلها أخيرًا لكشف الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الطائفية بحق أبناء مدينة الفلوجة، حيث لا نأمل إطلاقًا أن ترفع تلك اللجنة تقريرها إلى الحكومة، لذلك نحن مضطرون لنقل تلك الانتهاكات والجرائم إلى المنظمات والمحاكم الدولية».
بدورها، قالت عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار النائبة لقاء وردي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «أهالي محافظة الأنبار ما زالوا يدفعون ثمن عراقيتهم، وما زالوا يستهدفون من قبل الميليشيات الطائفية والإرهابية حتى وهم في مخيمات النزوح». وأضافت أن «استهداف النازحين الأبرياء العُزل في مُخيم السلام الكائن في منطقة الدورة جنوبي بغداد، لا يقل بشاعة عمّا حدث من استهداف للمدنيين الآمنين الذين كانوا يرومون التبضع استعدادًا للعيد في منطقة الكرادة، فالجاني واحد والمجني عليه واحد، وما تعرض له مخيم السلام للنازحين إلى استهداف سكانه بالقصف بقذائف هاون، خير دليل على ذلك، وهذا مؤشر جديد وخطير على ضعف الأداء الحكومي والأمني في حماية المواطنين وبالأخص منهم النازحين في المخيمات، ما أدى لـ(استشهاد) سبعة نازحين وإصابة 11 آخرين}. وطالبت «المجتمع الدولي والأمم المتحدة بحماية النازحين الذين يتعرضون لأبشع أنواع البطش والظلم والقهر والذين تم اختفاء المئات منهم عند نزوحهم من مناطقهم فضلاً عن تصفية العشرات في مشهد يتكرر بين الحين والآخر، في وقت تعجز فيه الحكومة عن توفير الحماية لهم».
وأشارت النائبة إلى أن «محافظة الأنبار ساعية لنقل ملف الانتهاكات التي مورست بحق أبنائها، وكذلك ملف ما تعرضت له مدن الأنبار من دمار وخراب نتيجة وقوعها تحت سيطرة تنظيم داعش وكذلك ما خلفته الأعمال العسكرية في تحرير مدن المحافظة، إلى دول العالم والمنظمات الإنسانية من أجل المساعدة في إعمار مدن الأنبار التي دمرها تنظيم داعش الإرهابي، والعمليات العسكرية التي تم خلالها طرد المسلحين من المناطق والمدن التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي مما خلّف دمارًا هائلاً في البنى التحتية لمدن المحافظة وصلت نسبتها إلى أكثر من 80 في المائة، حيث تم تدمير كثير من الجسور ومحطات تصفية مياه الشرب والشبكات الكهربائية وتدمير الآلاف من منازل المواطنين والأبنية الحكومية والجامعات والمدارس والدوائر الخدمية الأخرى، مما كلف مبالغ هائلة وصل تقديرها حسب لجان مختصة إلى أكثر من 20 مليار دولار، وهذا الأمر تعجز عن تقديمه الحكومة المركزية، في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد وهبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية».
وأكدت النائبة أن «الأنبار ستعكف على جمع معلومات وصور دقيقة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية عن حجم الدمار الذي لحق بمحافظة الأنبار المنكوبة من أجل تقديمه إلى دول العالم والمنظمات الدولية، من أجل تقديم مساعدات فورية للمحافظة خصوصًا أنها بدأت في استقطاب الآلاف من العائلات التي نزحت من مناطقها، حيث سيحتاج الأهالي للخدمات الفورية مثل المدارس والمؤسسات الصحية والخدمية التي دمرت معظمها أثناء غزو (داعش) للمدينة وجراء العمليات العسكرية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.