عيد الفطر.. بصيص أمل يرسم ابتسامة على وجوه المسلمين حول العالم

تهان وكعك وفرحة.. ووعود لإحلال السلام

مسلمون يستقبلون عيد الفطر في باحة مسجد ريجنت بارك في لندن (تصوير: جيمس حنا)
مسلمون يستقبلون عيد الفطر في باحة مسجد ريجنت بارك في لندن (تصوير: جيمس حنا)
TT

عيد الفطر.. بصيص أمل يرسم ابتسامة على وجوه المسلمين حول العالم

مسلمون يستقبلون عيد الفطر في باحة مسجد ريجنت بارك في لندن (تصوير: جيمس حنا)
مسلمون يستقبلون عيد الفطر في باحة مسجد ريجنت بارك في لندن (تصوير: جيمس حنا)

احتفل ملايين المسلمين في مختلف أنحاء العالم، أمس، بعيد الفطر مع انتهاء شهر رمضان الفضيل بدعوات إلى إحلال السلام بعد سلسلة اعتداءات دموية في دول مسلمة. ويحتفل المسلمون بعيد الفطر بين يوم وأربعة أيام، بحسب الدولة، بحيث يتبادلون زيارات التهنئة ويوزعون ما يعرف بكعك العيد بعد أدائهم صلاة العيد فجرا.
وأدى نحو 150 ألف شخص صلاة العيد في المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، بحسب الأوقاف الإسلامية.
وفي لبنان، احتفى أكثر من مليون لاجئ سوري للعام السادس على التوالي بعيد الفطر بعيدا عن بلادهم. وبدت مشاعر الحنين إلى الوطن واضحة في مخيم غير رسمي للاجئين بالقرب من وادي البقاع في لبنان، حيث يلوذ كثير من السوريين الذي عبروا عن آمالهم في العودة إلى وطنهم. وفي سوريا، بمدينة حلب (شمال)، توجه السكان وبينهم أطفال منذ ساعات الصباح الأولى إلى المقابر كما هي العادة لزيارة موتاهم.
وفي الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة، نزل الأطفال إلى الشوارع ليحتفلوا بالعيد. وأظهرت صور التقطت من هناك الأطفال وهم يستمتعون بوقتهم على الأراجيح والأحصنة.
وفي اليمن، بلد عربي آخر يشهد نزاعا دمويا، يمضي المواطنون العيد في معاناة، خصوصا في مدينة تعز المحاصرة من قبل المتمردين الحوثيين منذ أشهر في جنوب غربي البلاد. أما في أفغانستان، احتفل المواطنون بالعيد كما هي العادة بأكل الفستق والعنف والحلو بالزعفران. ودعا الرئيس الأفغاني أشرف غني حركة طالبان في رسالة عيد الفطر إلى استئناف محادثات السلام المتوقفة منذ سنة «أو تحمل العواقب». ووسط أمنيات بغد أفضل لمصر والمنطقة، اجتمعت حشود في محيط مسجد مصطفى محمود بالعاصمة المصرية القاهرة، في ساعة مبكرة من صباح أمس الأربعاء، لأداء صلاة عيد الفطر.
واكتظت الساحة المحيطة بالمسجد بعائلات وكثير من الباعة الجائلين الذين يبيعون بالونات وقبعات ملونة ومُزينة احتفالا بالعيد. وظهر احتفالات المسلمين بالعيد في دول غير إسلامية. ففي لندن تجمع المئات، صباح أمس، لأداء صلاة العيد في مسجد ريجنت بارك وسط العاصمة البريطانية، كما تبادلوا التهاني في باحة المسجد.
وبرزت مظاهر الاحتفالات وصلاة العيد في عدة ولايات أميركية. ووصلت ابتسامة العيد وفرحته إلى شتى بقاع الأرض بمختلف القارات ككينيا والصين وميانمار ونيجيريا واليونان والهند وساحل العاج وروسيا وإيطاليا وغيرها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».