شهد العالم تطورات كثيرة في مستويات رسومات الكومبيوترات الشخصية خلال السنوات الماضية، ولكن شركة «إنفيديا» أحدثت قفزة ثورية بإطلاق بطاقة الرسومات الجديدة «جي فورس جي تي إكس 1080» nVidia GeForce GTX 1080، نهاية شهر مايو (أيار) الماضي في الأسواق الأميركية والأوروبية، ونهاية يونيو (حزيران) في الأسواق العربية، التي من شأنها رفع مستويات رسومات البرامج والألعاب الإلكترونية بشكل كبير، مع فتح الباب أمام مستوى احترافي من تجارب الواقع الافتراضي Virtual Reality. وقد اختبرت «الشرق الأوسط» نسخة المؤسسين Founders Edition من البطاقة، وفيما يلي ملخص للتجربة.
بنيت هذه البطاقة باستخدام تقنية جديدة، اسمها «باسكال» Pascal، تضاهي مستويات رسومات بطاقتي رسومات «جي فورس 980» متصلتين ببعضهما بعضا، وأداء بطاقة «تايتان إكس» Titan X العالية جدا. وأكدت الشركة أن هذه البطاقة هي أكبر مشروع لتطوير مستويات الرسومات في تاريخ التقنية، ذلك أنها استهلكت ميزانية بمليارات الدولارات في البحث والتطوير تكفي لإطلاق مكوك فضائي إلى المريخ! وتسمح هذه البطاقة باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي بشكل سلس جدا للمزيد من الانغماس، ليس في مجال الألعاب الإلكترونية فحسب، بل في مجالات الطب والتعليم والهندسة والتدريب العسكري كذلك.
مزايا متقدمة
من المزايا المهمة الموجودة في هذه البطاقة القدرة على عرض الصورة عبر 16 شاشة، مع تعديل الصورة المعروضة على كل شاشة لتتناسق مع انحناء الشاشات من حول المستخدم، عوضا عن افتراض أن الشاشات على مستوى واحد، الأمر الذي كان يظهر في السابق على شكل تحور الصور التي يظهر جزء منها على شاشة والجزء الآخر على شاشة أخرى، خصوصا لدى تقريب الصور بشكل كبير (أمر بالغ الأهمية بالنسبة لمصممي الرسومات والأطباء). الميزة الثانية المهمة هي القدرة على معالجة رسومات الواقع الافتراضي مرة واحدة، وعرضها على الشاشتين داخل الخوذة بعد تعديل المنظور قليلا لكل عين، على خلاف البطاقات السابقة التي كانت تعالج صورة كل شاشة بشكل منفصل. وهذه الميزة ترفع من مستويات الأداء لتقنيات الواقع الافتراضي بشكل كبير جدا.
أما إن كنت غير مهتم بتقنيات الواقع الافتراضي، فإن البطاقة تقدم مستويات أداء عالية جدا، إذ إنها تركز قدراتها الرسومية أكثر على المنطقة الوسطى في الشاشة، ذلك أن المستخدمين ينظرون إليها بشكل أكثر من المناطق الأخرى، خصوصا في الألعاب الإلكترونية، وتخفض الدقة في المناطق الجانبية، الأمر الذي يرفع الأداء بشكل كبير من دون ملاحظة ذلك الأثر (اسم هذه التقنية Multi - Res Shading).
والتقنية الأخرى الجديدة اسمها «آنسيل» Ansel، وهي تقنية خاصة بحفظ الصور داخل البرامج والألعاب تسمح للمستخدم بإيقاف التطبيق أو اللعبة مؤقتا، وتحريك الكاميرا بحرية في البيئة، والتقاط الصورة من الزاوية والمنظور المناسب بدقة عالية جدا تصل إلى 4.5 غيغابيكسل (4500 ميغابيكسل، وبحجم ملف يصل إلى 1.5 غيغابايت للصورة الواحدة)، مع إزالة الفلاتر (المرشحات) المستخدمة داخل البيئة، والسماح للمستخدم بإضافة الفلاتر التي تناسبه، وحفظ الصور بامتدادي RAW وEXR للحصول على أفضل دقة ممكنة من دون خسارة أي تفاصيل جرّاء ضغط الصورة لدى تسجيلها على جهاز المستخدم. وتسمح هذه التقنية بالتقاط الصور وتسجيلها محيطيا (360 درجة)، وتغيير زاوية التصوير في أثناء معاودة المشاهدة (خصوصا عبر نظارات الواقع الافتراضي).
تجدر الإشارة إلى أن البطاقة تدعم هذه التقنية، ولكن تفعيلها هو خيار متاح للشركة المبرمجة. وتدعم الألعاب التالية هذه التقنية إلى الآن: The Division وThe Witness وLaw Breakers وThe Witcher Wild Hunt وParagon وNo Man’s Sky وUnreal Tournament.
وعلى الرغم من أن البطاقة متخصصة بالرسومات، فإنها تقدم تقنيات متقدمة جدا في مجال الصوتيات، إذ إنها تستطيع حساب آلية ارتداد الصوتيات من على المباني والبيئة من حول المستخدم، مثل الخشب والمياه والمعادن والحجارة والأسطح الخشنة والملساء والصدى وأصوات البيئة مثل الطيور والمياه والهواء، وتعديل الصوتيات لتتفاعل مع بعضها بعضا، الأمر الذي يزيد من مستوى الواقعية بشكل كبير. وقد أطلقت الشركة على هذه التقنية اسم VRWorks Audio، مع إطلاق تقنية أخرى اسمها VRWorks Touch من شأنها تسهيل عملية حساب تأثر البيئة بالأدوات الافتراضية التي يحملها اللاعب داخل عالم الواقع الافتراضي، مثل تحريك يديه في الهواء بشكل دائري لصنع تيار هواء، وأثر ذلك على الأوراق والمياه والغبار وغيرها.
ولدى تجربة البطاقة على كثير من الألعاب الإلكترونية، تم اختيار أعلى مستويات رسومات ممكنة لكل لعبة، لتعمل بشكل سريع وسلس بدقة 1080 وبسرعة 60 صورة في الثانية، في الألعاب التي تدعم هذه السرعات.
والألعاب التي تم تجربتها هي Star Wars: Battlefront وCrysis 3، وتعذر تجربة الرسومات بالدقة الفائقة 4K لعدم دعم الشاشة لهذه الدقة، ولكن كثيرا من اللاعبين أكدوا وصول السرعة إلى 71 صورة في الثانية بدقة 4K بأعلى مستويات للرسومات في لعبة Star Wars: Battlefront.
مواصفات تقنية
وتعمل البطاقة بـ8 غيغابايت من الذاكرة بتقنية GDDR5X الجديدة التي تقدم سرعة تعامل ونقل للبيانات تصل إلى نحو 10 غيغابت في الثانية الواحدة، والتي يمكن استخدامها إلى جانب تقنيات الضغط في الرسومات للحصول على أداء أسرع بنحو 1.7 مرة، مقارنة بالجيل السابق (GTX 980)، مع استخدام 2560 نواة للمعالجة المتوازية في آن واحد و20 معالجا متعدد الأغراض، و160 وحدة متخصصة بأغطية المجسمات الهندسية الظاهرة Texture (مثل الأقمشة والجلد والمعدن). وتدعم هذه البطاقة تقنية الرسومات DirectX 12 التي ترفع من مستويات الرسومات بشكل كبير مع خفض زمن المعالجة في الوقت نفسه.
وبالنسبة لإصدار البطاقة، فيقدم «إصدار المؤسسين» مواد تصنيعية عالية الجودة (مثل قطعة ألمنيوم واحدة، والتبريد باستخدام التبخير السريع، ومروحة عالية الأداء) من شأنها تبديد الحرارة المنبعثة من المعالج بشكل سريع جدا، ولكن الشركة تسمح لكثير من الشركات الأخرى باستخدام التقنيات الأساسية للبطاقة، وإضافة المزيد إليها (مثل المراوح والذاكرة والمنافذ) وإطلاقها في الأسواق بأسماء أخرى.
وتقدم البطاقة منفذ HDMI 2.0 لعرض الصورة بالدقة الفائقة 4K، بتردد 60 هرتز، و3 منافذ DisplayPort 1.3 لعرض الصور فائقة الدقة 4K بتردد 120 هرتز، أو بالدقة الأعلى 8K بتردد 60 هرتز، مع تقديم منفذ Dual Link DVI. وتجدر الإشارة إلى أن هذه البطاقة تدعم الترابط مع بطاقة أخرى واحدة من الجيل نفسه لتوزيع العمل بينهما آليا، مع القدرة على ربط بطاقة ثالثة من جيل آخر في حال الاحتياج لذلك، الأمر بالغ الأهمية لمحترفي التصاميم الهندسية وللاعبين الذين يبحثون عن دقة فائقة عبر شاشات متعددة، وهي تقنية اسمها Scalable Link Interface SLI. وأكدت الشركة قدرة البطاقة على رفع سرعة معالجة الرسومات Overclocking بشكل كبير، ولكن يجب تبريدها بطرق أكثر تقدما، مثل التبريد باستخدام أنابيب السوائل الخاصة. وتستخدم البطاقة طاقة أقل مقارنة بالأجيال السابقة بسبب استخدام تقنية 16 نانومتر التصنيعية التي تخفض من احتياجات الطاقة والحرارة المنبعثة في أثناء العمل (نحو 82 درجة مئوية في أثناء تشغيل الألعاب بالدقة الفائقة 4K)، إذ إنها تحتاج إلى 252 واط للعمل.
وتجدر الإشارة إلى أن عملية تثبيت برمجيات تعريف البطاقة Drivers على نظام التشغيل «ويندوز 10» لم تكن سلسة على الإطلاق، حيث تم تحميل برمجيات التعريف الحديثة من موقع الشركة لتطابق نظام التشغيل المستخدم («ويندوز 10» بتقنية 64 - بت)، ولكن برنامج التعريف كان يفشل دوما ويعرض رسالة تقول إن التعاريف غير مطابقة لنظام التشغيل. وبعد البحث والعناء ليومين، تبين أن التعاريف تحتاج لتحديث «ويندوز 10» إلى الإصدار 1511 (تحديث نوفمبر 2015) لتستطيع العمل بشكل صحيح. وتم تثبيت التعاريف بنجاح بعد تحديث «ويندوز 10» إلى الإصدار المذكور، ولكن كان بإمكان توضيح هذا الأمر في رسالة تعذر التثبيت عوضا عن إضاعة الوقت في البحث عن السبب في الإنترنت.
ويبلغ سعر «إصدار المؤسسين» 699 دولارا أميركيا، بينما يبلغ سعر الإصدار الرئيسي 599 دولارا، وهي متوافرة في الأسواق العربية حاليا. وتجدر الإشارة إلى أن شركة AMD المنافسة ستطلق بطاقات رسومات بتقنية جديدة خاصة بها، اسمها Polaris، يتوقع أن تضاهي مستويات هذه البطاقة، ولكنها غير متوافرة في الأسواق إلى الآن.
كما تجدر الإشارة إلى أن هذه البطاقة مخصصة للكومبيوترات المكتبية، ولكن الشركة ستطلق إصدارا مدمجا داخل الكومبيوترات المحمولة قريبا. وإن كنت تستخدم كومبيوترا محمولا وترغب باستخدام هذه البطاقة من دون شراء كومبيوتر محمول جديد، فإن هذا الأمر ممكن تقنيا، ولكنه يتطلب تركيب البطاقة على لوحة معالجة خارجية وربطها بمصدر طاقة خاص بها ووصلها بالكومبيوتر المحمول عبر سلك Intel Thunderbolt عالي السرعة (من خلال بطاقة ExpressCard) لمعالجة الصورة، وربط بطاقة الرسومات بشاشة خارجية لعرض الصورة عليها عوضا عن شاشة الكومبيوتر المحمول. ويطلق على هذه النظام الخارجي اسم external Graphics Processing Unit eGPU.