أقام مجموعة من المتطوعين الشباب أمسيات رمضانية في العاصمة بغداد لإحياء التراث البغدادي الذي يتعرض لحالة من الاندثار، بفعل الأجواء السلبية التي تسود البلاد، والتي طغى عليها طابع الإرهاب والتطرف المذهبي. وشهدت حدائق مؤسسة برج بابل للتطوير الإعلامي، وسط العاصمة بغداد، إقامة تلك الأمسيات الرمضانية التي شهدت حضورا متميزا، استعدادًا لانطلاق مهرجان «بغداد.. دار السلام» المؤمل إقامته خلال عام 2016. وقالت عضو اللجنة التنسيقية لمهرجان بغداد، الناشطة المدنية رسل كامل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن اللجنة التحضيرية لإقامة مهرجان (بغداد.. دار السلام) قررت إقامة أمسيات رمضانية تجمع شرائح مختلفة من الشعب العراقي، خصوصا شريحة الشباب، من أجل إحياء التراث البغدادي الأصيل الذي بات يتعرض لهجمات شرسة من قبل المتشددين الهدف منها اندثار هذا الإرث الحضاري والثقافي العراقي، وهذه الأمسيات الرمضانية تمتد من الفطور إلى موعد السحور، بواقع خمس ساعات تتخللها مأدبة إفطار جماعي، ثم يتم بعد ذلك تقديم فواصل من النشاطات الفلكلورية يقوم بتقديمها نخبة من المختصين بهذا الشأن، وكذلك يتم عرض منتجات وصناعات يدوية حرفيّة عراقية محلية، وتقديم فواصل من الموسيقى التراثية والمعاصرة، منها المقام العراقي والجالغي البغدادي ومبادرات وأفكار وآراء وطروحات أخرى تعبر عن قدرة وإصرار الشباب العراقي على الاستمرار بالحياة، وتحدي التطرّف والإرهاب والتهديدات المختلفة وصعوبات الأوضاع العامة».
وأضافت كامل: «هناك عدد كبير من المهتمين والناشطين في مجال إحياء التراث العراقي يواظبون على حضور هذه الأمسيات، الأمر الذي خلق جوا من المزج بين الماضي العريق والحاضر، حيث ترى الحضور بمختلف الأعمار ومن كلا الجنسين يصرون على البقاء إلى ساعات متأخرة من الليل».
وتابعت منسقة مهرجان بغداد: «لقد تم تهيئة 250 متطوعا ومتطوعة، غالبيتهم من الشباب، من أجل الإعداد لإقامة مهرجان (بغداد.. دار السلام 2016)، حيث تجري انطلاقًا من هذه الأمسيات الرمضانية تحضيرات قادمة متتالية لضمان نجاح المهرجان الذي يأتي مكملاً للمهرجانات السابقة التي أقيمت في السنوات الماضية، وهذه السنة الثانية التي تقام فيها أمسياتنا في شهر رمضان على حدائق مؤسسة برج بابل، وسط أجواء أبهجت الجميع، ورفعت من معنويات وقدرات المتطوعين والمتطوعات، وصولاً لمهرجان متميز نتحدى فيه، بالثقافة والحضارة والإبداع، الصور الظلامية لمروجي الفتن والطائفية والإرهاب الأعمى».
من جانبهِ، قال الخبير في الشأن الثقافي العراقي الأستاذ رحيم الشمري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن إقامة مثل هذه الفعاليات الثقافية المميزة من شأنها أن تضفي واقعا صحيا على المشهد العراقي ككل، لأن البلدان في العالم تتباهى بثقافاتها وموروثها الفني والأدبي والثقافي، فتتبارى الشعوب فيما بينها بإقامة المهرجانات التي تعبر عن حرص دولها على الاحتفاظ بالتأريخ ومواكبة الحاضر من خلال خزينها وإرثها الثقافي، واليوم نبارك لهذه الجهود التي تعمل بحرص وتفانٍ من أجل المحافظة على الموروث العراقي الضارب بالجذور، وإظهار حضارة وادي الرافدين التي انبثقت قبل آلاف الأعوام إلى العالم».
وأضاف الشمري: «التحدي الأكبر هو أن ندعم هذه الفعاليات، ونشارك فيها بكل قوة، لأن هذه النشاطات من شأنها أن تقضي على صور الاستبداد والتطرف والإرهاب، ومحاربة القبيح بإظهار الصورة الأجمل للعراق وشعبه».
شباب عراقي يتحدى التطرف والإرهاب بإقامة أمسيات رمضانية
لإحياء التراث وإقامة مهرجان «بغداد.. دار السلام»
شباب عراقي يتحدى التطرف والإرهاب بإقامة أمسيات رمضانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة