تفجيرات القاع تعيد تموضع «حزب الله» في الجرود

معلومات عن خطّة لنشر الجيش اللبناني على الحدود السورية لوقف تسلل الانتحاريين

تفجيرات القاع تعيد تموضع «حزب الله» في الجرود
TT

تفجيرات القاع تعيد تموضع «حزب الله» في الجرود

تفجيرات القاع تعيد تموضع «حزب الله» في الجرود

لا تزال تداعيات العملية الإرهابية التي ضربت بلدة القاع البقاعية، بأقصى شمال شرقي لبنان، الأسبوع الماضي، تتفاعل أمنيًا وسياسيا، في ظل تداخل عوامل كثيرة. من هذه العوامل حسب المعلومات أن الحادثة أعطت المبرر لما يسمّى «حزب الله» للعودة عسكريًا إلى محيط البلدة المسيحية وجرودها، وكان الحزب قد غادرها بعد الانتخابات البلدية التي أوصلت مجلسًا بلديًا مناهضًا له ولسياسته، وذلك بذريعة حماية أمن البلدة ومناطقه، وهو ما أشار إليه أمين عام الحزب حسن نصر الله في خطابه أول من أمس، وتأكيده أن حزبه «جاهز لحماية القاع وأهلها، والوقوف أمام الدولة وخلفها».
وحقًا، لم تمض ساعات قليلة على خطاب نصر الله الذي ألقاه لمناسبة «يوم القدس»، وتعهد فيه حماية المنطقة (البقاع) من الإرهابيين، حتى أعلن «الإعلام الحربي» التابع له، أن مقاتلي ما يسمى «حزب الله» استهدفوا بقذائف المدفعية الثقيلة مقرات لـ«داعش» في جرود بلدة القاع وجرود بلدة رأس بعلبك - وادي زويتيني القريبة وحققوا إصابات مباشرة في صفوفه. وادعت قناة «المنار» الناطقة باسم الحزب أن العملية «أسفرت عن مقتل مسؤول العمليات العسكرية لدى (داعش) في جرود القاع، إثر استهدافه بصاروخ موجّه»، وأشارت إلى أن المسؤول المذكور «قتل أثناء قصف مقاتلي الحزب مركزًا قياديا للتنظيم في منطقة وادي زويتيني في جرود القاع - رأس بعلبك».
في هذا الوقت، كشف موقع «لبنان 24» الإخباري، أن الحزب «أعاد جزءًا أساسيا من قواته إلى جرود بلدة القاع البقاعية، كان سحبها في الفترة الماضية بعد الانتخابات البلدية بسبب شعوره بأنه لم يعد مرغوب فيه». وأكد الموقع في تقريره، أن الحزب «أعاد محمولات الـ23 إلى جرود القاع ورأس بعلبك، وثبّت مجددًا جزءًا من قواته تحضيرًا لمعركة لم يعد يستطيع الهروب منها كثيرًا، وذلك لقطع الاتصال الجغرافي بين جرود عرسال وجرود القاع ورأس بعلبك، أي تقسيم مناطق سيطرة عناصر داعش إلى بؤر محاصرة».
وتابع الموقع الإخباري: «إن الحزب يسعى من خلال وجوده في الجرود إلى تشكيل خط دفاع أول يقسم الجرود بالعمق من لبنان باتجاه سوريا إلى قسمين، باعتبار أن معركة الجرود في تلك المنطقة تحتاج إلى ظروف سياسية، ما يمكنه من رصد كل التحركات من وإلى جرود القاع».
أما الإعلان غير المباشر لهذه العودة، فمهّد له نصر الله عندما قال: «إن (حزب الله) جاهز للدفاع عن القاع وحماية أهلها، وجاهز ليقف خلف الدولة وأمامها في حال قررت إغلاق المعابر المتبقية للمسلحين نحو لبنان». وأشار في معرض حديثه عن القاع إلى أن «بلدية القاع ليست في الخط السياسي المتحالف مع الحزب، وهي لا تؤيّد تدخل (حزب الله) في سوريا، لكن مع ذلك سنحمي البلدة إذا تطلب الأمر».
وعلى الرغم من إشارة نصر الله الواضحة إلى رغبته في الإمساك عسكريًا بجرود القاع، قلل مصدر محلي في البقاع من أبعاد المعلومات التي تحدثت عن إعادة ما يسمى «حزب الله» انتشاره في جرود القاع، وكشف لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك خطّة انتشار عسكري، يعدّها الجيش اللبناني لتعزيز وجوده على الحدود الشرقية مع سوريا من ضمن استراتيجية واسعة، وخصوصًا، على حدود بلدة القاع مع سوريا». وأكد المصدر أن «الجيش والأجهزة الأمنية يضعون اللمسات الأخيرة على الخطة التي تهدف إلى حماية لبنان من تسلل المسلحين والانتحاريين من سوريا إلى الداخل اللبناني». ولفت إلى أن «قصف (حزب الله) لمواقع تنظيم داعش في السلسلة الشرقية، لم يكن من جهة جرود القاع، إنما من جرود عرسال وخربة يونين ومراكزه داخل الأراضي السورية».
أما رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر، فأوضح أنه «لا معلومات رسمية عن عودة عسكرية للحزب إلى جرود القاع». وتابع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قوله «على فرض أن هذا الكلام صحيح، فإن (حزب الله) لا يسأل أحدًا عندما يقرر أن ينتشر أو ينسحب»، مؤكدًا أن «أمن القاع أو أي منطقة أخرى في لبنان هي مسؤولية الدولة والجيش اللبناني، وليس أي حزب أو طرف مسلّح». ورفض مطر ما يحكى عن أمن ذاتي في القاع على أثر ظهور بعض المسلحين المدنيين من أبناء البلدة، على أثر الاعتداءات التي تمثلت بتفجير تسعة انتحاريين أنفسهم، وأدت إلى مقتل خمسة مدنيين من أبناء البلدة وإصابة أكثر من عشرين آخرين. وأشار إلى أن أبناء القاع «لم يوقفوا أي شخص ولم يعتدوا على أحد رغم سقوط شهداء وجرحى منهم»، لكنه استطرد قائلاً: «عندما يضطر ابن البلدة ليحمل بندقية ويطلق النار على إرهابي، فهذا ليس أمنًا ذاتيًا، صحيح أن بعض الشباب حملوا سلاحًا خفيفًا ليدافعوا عن بلدتهم، لكن كلنا تحت سقف الدولة ولن نكون بديلاً عنها كما تفعل جهات أخرى».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».