تايسون يمثل قصة حياته على المسرح

بمناسبة بلوغه الخمسين

مايك تايسون
مايك تايسون
TT

تايسون يمثل قصة حياته على المسرح

مايك تايسون
مايك تايسون

احتفل الملاكم الأميركي السابق مايك تايسون، الخميس، بعيد ميلاده الخمسين، وهو يتمتع بحالة معيشية أفضل ومنشغل بتقديم أحد العروض المسرحية، بعد مسيرة تأرجحت بين الانكسارات والانتصارات، وشهدت حصوله على بطولات وتجرعه هزائم وانغماسه في الديون.
ويبدو أن الملاكم السابق طوى صفحة حياته السابقة البغيضة، ووصل إلى عامه الخمسين متمتعا باستقرار مالي نسبيا.
وقال تايسون، في مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي» الإذاعية: «نعم عدت مليونيرا، ولكن لا أزال أسدد ديوني».
وبعد أن أتم الخمسين من العمر، يشارك الملاكم الأسطوري في بطولة أحد الأعمال المسرحية.
وبعد أن طاف في جولة عريضة على مسارح برودواي ومسارح أخرى، استقر المقام بتايسون في «إم جي إم غراند كازينو» بولاية لاس فيغاس، الذي يقدم من خلاله عرضه المسرحي الجديد الذي يلقى ترحيبا واستحسانا كبيرا من الجمهور.
ويقوم تايسون في الرواية الجديدة، التي كتبتها له زوجته الثالثة لاكيها سبسير، المستوحاة من السيرة الذاتية، التي تحمل اسم «مايك تايسون الحقيقة المطلقة»، بسرد قصة حياته في صورة مناجاة فردية (مونولوج)، كما لم يفعل قط من قبل.
وبصوت حاد ولغة مبتذلة، يتحدث تايسون عن طفولته في الحي اليهودي بمدينة نيويورك، وعن أمه مدمنة المشروبات الكحولية، وحبه لطائر الحمام، والفترة التي قضاها في السجن، وخطواته في عالم الملاكمة.
وأصبح تايسون أيقونة عالم الملاكمة في الثمانينات من القرن الماضي، عندما قام المدرب كوس دامتو بإخراج الشاب الصغير من الحي اليهودي، ليجعل منه آلة قتال.
وبعد أن فاز بـ25 مباراة بالضربة القاضية (من أصل 27 مباراة)، صعد تايسون إلى حلبة لاس فيغاس هيلتون، في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1986، لمواجهة بطل المجلس العالمي للملاكمة تريفور بيربيك.
ولم يكن لمنافس تايسون في تلك المباراة أي خيارات، حيث توج تايسون بعد 335 ثانية من بداية اللقاء باللقب العالمي، ليصبح أصغر ملاكم يحصل عليه في عمر العشرين و144 يوما.
وفي 1988، أكد الملاكم الأميركي على سطوته، وهزم بالضربة القاضية (في غضون 91 ثانية فقط) الملاكم مايكل سبينكس، ليحصل على لقب «مايك الحديدي».
وكانت وفاة مدربه داماتو بمثابة ضربة قوية لمسيرة تايسون الرياضية. فإلى جانب انتصاراته المبهرة، وصمته أيضًا بعض الهزائم. وتوالى سقوط الداعمين لتايسون، بدءا من زوجته الأولى روبين جيفينز وصولا إلى متعهده ووكيل أعماله دون كينغ.
وفي خضم تلك التقلبات، خسر الملاكم السابق أولى مبارياته أمام المغمور جيمس دوغلاس، في طوكيو عام 1990.
ومنذ ذلك الحين لم يتمكن تايسون من رفع رأسه مرة أخرى، حيث حكم عليه في 1992 بالسجن لمدة 6 أعوام بتهمة اغتصاب فتاة صغيرة.
وخرج تايسون بعد 3 سنوات قضاها في السجن، دخل خلالها في الدين الإسلامي، ليستعيد لقبه العالمي مرة أخرى.
وخسر تايسون أمام إيفاندر هوليفيلد لقبه العالمي عام 1996، ولكنه حاول استعادته في 1997 في مباراة ستظل محفورة في ذاكرة التاريخ بعد أن قام تايسون بـ«عض» أذن منافسه.
وتحدث تايسون عن تلك الواقعة، قائلا: «كان يجب عليهم مهاجمتي بالمسدس الكهربائي، كنت أرغب في قتل هوليفيلد».
يذكر أن تايسون خسر رخصة مزاولة الملاكمة بعد تلك المباراة.
ولم يفلح تايسون في استعادة عرشه مرة أخرى، وعاد إلى السجن مجددا عام 1999، ثم خسر في 2002 بالضربة القاضية أمام لينوكس لويس.
وبعد أن أعلن اعتزاله في 2005، في مباراته أمام كيفين ماكبرايد، لم يعد تايسون مرة أخرى لممارسة رياضته المفضلة التي قال عنها إنه فقد شغفه بها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».