غضب في الأوساط العراقية من انعزال نواب البرلمان عن الشعب

العراقيون يواجهون أزمات معيشية تتطلب حلولاً جذرية من ممثليهم في البرلمان

لقطة عامة لأحد شوارع بغداد («الشرق الأوسط»)
لقطة عامة لأحد شوارع بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

غضب في الأوساط العراقية من انعزال نواب البرلمان عن الشعب

لقطة عامة لأحد شوارع بغداد («الشرق الأوسط»)
لقطة عامة لأحد شوارع بغداد («الشرق الأوسط»)

يعاني السياسيون العراقيون، سواء الوزراء وأعضاء مجلس النواب أو قادة الكتل والأحزاب، من عزلة حقيقة تفصلهم عن المواطنين والناخبين، وهذه العزلة اشتدت بعد هجوم المتظاهرين الشهر الماضي على مقري مجلس النواب ومجلس الوزراء في المنطقة الخضراء وسط بغداد وتداول أنباء عن عزم المتظاهرين، خاصة أنصار رجل الدين مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، بتكرار الهجوم على المنطقة الخضراء وتهديد الصدر بالمطالبة بتغيير الرئاسات الثلاث (الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب) لعدم إجراء إصلاحات حقيقية وجذرية.
وباستثناء عدد محدود للغاية من البرلمانيين، فإن العراقيين لا يلتقون بأي برلماني أو وزير أو رئيس كتلة أو حزب سياسي، سواء كان مدنيا أم إسلاميا؛ مما يثير سخط الشارع العراقي على السياسيين «المسجونين خلف أسوار المنطقة الخضراء؛ بسبب خوفهم من الشعب أو ترفعهم وتكبرهم على العراقيين»، حسبما أشارت الدكتورة سناء حسن مكي إلى أن أعضاء مجلس النواب يفترض أنهم منتخبون من قبل الشعب ويمثلون سكان مناطق ومدن معينة، ولهؤلاء المواطنين مصالح يجب أن يرعاها النائب المنتخب من قبلهم، لكن العراقيين من المستحيل أن يلتقوا بمن انتخبوه؛ لأنه بعد أن يؤدي اليمين الدستوري ويصبح عضوا في مجلس النواب سوف يسكن في المنطقة الخضراء أو في مناطق آمنة من بغداد ويحيط نفسه بفريق من الحمايات ويسور بيته بحواجز خرسانية.
ويقول المحامي عادل البكري، وهو ناشط مدني: «في كل دول العالم يستطيع أي مواطن أن يلتقي بالنائب الذي انتخبه، ليس شرطا أن يلتقي وزيرا أو مسؤولا حكوميا إلا إذا تطلب الأمر ذلك، لكن من حقه القانوني والدستوري أن يلتقي بالبرلماني المرشح عن منطقته أو أي برلماني آخر حسب اختصاص اللجنة التي يعمل فيها، إلا في العراق فإن ذلك يعد من المحرمات»، منبها إلى أن «العراقيين يتظاهرون منذ أكثر من سنة ولم يخرج إلينا مسؤول حكومي أو برلماني ليتحدث معنا، ليسألنا عن مطالبنا أو مقترحاتنا أو يناقشنا في أوضاعنا، بل كلهم تستروا خلف أسوار المنطقة الخضراء، وعندما اقتحم المتظاهرون بناية مجلس النواب فر من كان موجودا هناك»،
وأضاف البكري أن «الغالبية العظمى من النواب وقادة الكتل السياسية هم اليوم خارج العراق دون إيجاد حلول لمشكلة توفير الطاقة الكهربائية منذ 2013 مع أنهم أهدروا المليارات بحجة توفير الكهرباء». وقال: «إن كبار المسؤولين العراقيين وعوائلهم لهم عقارات في مناطق مترفة في بيروت وعمان ولندن ودبي وإسطنبول وجنيف، وفقيرهم يقيم في منازل فخمة في أربيل».
عضو في مجلس النواب، قال لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لم أترك بغداد في كل الظروف، لكنني لا أستطيع الخروج وحدي والتجوال بين الناس أو الجلوس في مقهى مع عائلتي؛ بسبب سوء الأوضاع الأمنية واستهدافنا من قبل الإرهابيين، لهذا نضع الحواجز ونتنقل بسيارات مصفحة»، مشيرا إلى أن «أوضاع البلد لا تسمح بمثل هذه المغامرات».
وأضاف النائب، الذي اعتذر عن ذكر اسمه، قائلا: «أتمنى أن أتمشى بشوارع بغداد، وأن اصطحب عائلتي في نزهة أو أتسوق معهم كما كنت أفعل سابقا، لكنني محروم من هذه السعادة»، وقال: «حدث وأن ذهبت مع أصدقاء إلى مطعم في منطقة الكرادة لتناول وجبة الإفطار وللأسف تهجم عليَّ مواطن لا أعرفه متهما إياي بالفساد وتخريب البلد».
وإذا كان لكل قاعدة استثناءات فإن من بين الاستثناءات فيما يتصل بعلاقة البرلماني بالمواطنين النائبتان ميسون الدملوجي، عن ائتلاف الوطنية، وسروة عبد الواحد، عن حركة التغيير الكردية، إذ غالبا ما يقمن بزيارات للمعارض التشكيلية أو حضور فعاليات شعبية أو الجلوس في بعض المقاهي والمطاعم بلا أي أفراد حماية تبعد الناس عنهم.
وتقول الدملوجي لـ«الشرق الأوسط»: «أنا بطبعي أحب الفنون التشكيلية لأنني معمارية، وعندي محاولات بالرسم، لهذا أحرص على زيارة الغاليرهات هنا ببغداد وغالبية الفنانين التشكيليين أصدقائي، كما أنني بحكم مسؤوليتي كرئيسة للجنة الثقافة والإعلام البرلمانية، فأنا أتابع أفكار الفنانين والكتاب ومقترحاتهم من خلال اجتماعات ولقاءات مستمرة»، مشيرة إلى أن «الحمايات هي من تبعد النائب عن جمهوره، وأنا عراقية وأخدم شعبي فلماذا أخاف من الناس».
وتؤكد النائبة سروة عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أنتمي أصلا للإعلام والصحافة، لهذا أعتبر جميع الإعلاميين والفنانين أصدقائي، وألتقي بهم باستمرار في مقهى ببغداد أو في عرض مسرحي، فالنائب يجب أن يكون في مكانه الصحيح وهو بين الناس وليس منعزلا عنهم».



الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)

زاد عدد اليمنيين الذين واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بمقدار 100 ألف شخص خلال الثلاثة الأشهر الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى نصف عدد السكان في هذه المناطق في ظل أزمة اقتصادية خانقة تواجهها الحكومة بسبب استمرار الحوثيين في منعها من استئناف تصدير النفط.

وحسب تحليل حديث للأمم المتحدة، فقد عانى ما يقرب من نصف السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (4.7 ملايين شخص) من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الفترة من يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وتم تصنيف هؤلاء على أنهم في المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى (أزمة أو أسوأ).

من المتوقع أن تستمر أزمة الغذاء حتى الأشهر الأولى من عام 2025 (الأمم المتحدة)

ووفق هذه البيانات، فإن ذلك يشمل 1.2 مليون شخص عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي - المرحلة 4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الطوارئ) - التي تتميز بفجوات غذائية كبيرة ومستويات عالية من سوء التغذية الحاد.

ويعكس هذا، وفق التحليل، مستوى مرتفعاً باستمرار من الأمن الغذائي مقارنة بتحديث التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي السابق من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 إلى فبراير (شباط) من العام الحالي، عندما تم تصنيف حوالي 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

أسباب التفاقم

ومع دعوة الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي، إلى مساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة استمرار منعها من تصدير النفط الخام بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير منذ عامين، أكد التحليل أن السبب في تسجيل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد يعود إلى الاقتصاد المتدهور، الذي يتميز بانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة أسعارها، إلى جانب استمرار الصراع والمساعدات الغذائية الإنسانية غير المنتظمة.

بالإضافة إلى ذلك، يذكر التحليل أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد في أغسطس (آب) الماضي أدت إلى فيضانات محلية دمرت المنازل وعطلت الأنشطة الزراعية وأسفرت عن خسارة الماشية والأراضي الزراعية ونزوح ما يقدر بنحو 400 ألف شخص، خصوصاً في أجزاء من محافظات مأرب والحديدة وتعز والضالع.

رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)

وخلال فترة التوقعات من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى فبراير (شباط) من العام المقبل، يبين التحليل أن الوضع سيتحسن بشكل طفيف مع توقع وجود 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

ومن بين هؤلاء، من المتوقع أن يواجه 1.1 مليون شخص مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 4)، وتوقع أن يواجه 3.5 مليون شخص مستويات أزمة من انعدام الأمن الغذائي، المصنفة على أنها المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الأزمة).

استمرار الأزمة

في حين توقع التحليل الأممي أن ينخفض عدد المديريات المصنفة في المرحلة 4 من انعدام الأمن الغذائي بنسبة 50 في المائة، من 24 إلى 12 مديرية، فإن عدد السكان في هذه المرحلة سيظل دون تغيير، وذكر أنه وبشكل عام، من المرجح أن تشهد جميع المديريات الـ118 التي تم تحليلها مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة أو أعلى) خلال الفترة الحالية وفترة التوقعات.

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين تحليل الأمن الغذائي والتغذية واتخاذ القرارات، وباستخدامه، تعمل الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة معاً لتحديد شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وحالات سوء التغذية الحاد في بلد ما، وفقاً للمعايير العلمية المعترف بها دولياً.

12 مليون يمني عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

وقد تم تطوير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في الأصل في عام 2004 لاستخدامه في الصومال من قبل وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

ومنذ ذلك الحين، تقود شراكة عالمية تضم 15 منظمة تطوير وتنفيذ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي على المستوى العالمي والإقليمي والقطري.

وبعد أكثر من 10 سنوات من تطبيقه، أثبت التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أنه أحد أفضل الممارسات في مجال الأمن الغذائي العالمي، ونموذج للتعاون في أكثر من 30 دولة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.