اليوم الثاني لولي ولي العهد في فرنسا .. مباحثات سياسية واقتصادية مع البرلمان و«اليونيسكو»

مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط»: تقارب بين باريس والرياض بشأن المسائل الإقليمية والنزاعات

الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله مبنى  البرلمان الفرنسي وكان في استقباله رئيس البرلمان كلود بارتولون (تصوير: عمار عبد ربه)
الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله مبنى البرلمان الفرنسي وكان في استقباله رئيس البرلمان كلود بارتولون (تصوير: عمار عبد ربه)
TT

اليوم الثاني لولي ولي العهد في فرنسا .. مباحثات سياسية واقتصادية مع البرلمان و«اليونيسكو»

الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله مبنى  البرلمان الفرنسي وكان في استقباله رئيس البرلمان كلود بارتولون (تصوير: عمار عبد ربه)
الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله مبنى البرلمان الفرنسي وكان في استقباله رئيس البرلمان كلود بارتولون (تصوير: عمار عبد ربه)

واصل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، في اليوم الثاني من زيارته الرسمية لفرنسا، اجتماعاته الرسمية ولقاءاته مع الشخصيات الفرنسية السياسية والفكرية والإعلامية. بيد أن النشاطين الرئيسيين اللذين قام بهما حصلا بعد ظهر أمس، وتمثلا في زيارته لمنظمة التربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» التي مقرها العاصمة الفرنسية، ثم زيارة البرلمان الفرنسي.
وكانت مديرة المنظمة الدولية إيرينا بوكوفا، في مقدمة مستقبلي الأمير محمد بن سلمان والوفد المرافق له، كما كان في استقباله الدكتور زياد الدريس، مندوب السعودية في المنظمة الدولية، إلى جانب عدد من سفراء البلدان العربية والأجنبية لدى اليونيسكو.
أشادت بوكوفا خلال الاجتماع الذي عقد لاحقا، بالعلاقات الوطيدة القائمة بين المنظمة الدولية والسعودية، التي قالت إنها «توثقت في السنوات الأخيرة»، وأبدت بوكوفا اهتماما ملحوظا بـ«رؤية السعودية 2030»، التي قالت إنها «اطلعت على خطوطها العامة»، وأضافت أنها ترى «إمكانية للتعاون» مع المملكة في العمل على بعض بنودها.
فيما ثمن الأمير محمد بن سلمان الاستعدادات الإيجابية التي عبرت عنها مديرة عام «اليونيسكو»، مشددا على أهمية المنظمة الدولية والمهمات الثقافية والتربوية التي تقوم بها بالنسبة إلى المنطقة وللعالم على السواء خصوصا على ضوء توترات الوضع الراهن. وأشار ولي ولي العهد إلى تمسك بلاده بأن يتم تسجيل مواقع إضافية سعودية على لائحة التراث الإنساني، خصوصا أن السعودية تزخر بالكثير من المواقع التي تعود لمختلف الحقب والعصور.
بينما كان المحور الثاني الذي تناوله الأمير محمد بن سلمان في لقائه مع مديرة عام «اليونيسكو» موضوع التطرف، خصوصا ذلك الذي يضرب بعضا من قطاع الشباب الذين يشكلون ما نسبته 70 في المائة من المواطنين السعوديين، وفي هذا السياق، أعرب الأمير محمد بن سلمان عن استعداد بلاده للتعاون الموسع مع المنظمة الدولية لمحاربة هذه الظاهرة الشاذة.
وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى عزم المملكة على مساعدة اليونيسكو في المحافظة على المواقع التراثية في اليمن عن طريق دعم الفرق المتخصصة التي يمكن أن تشكلها وتمكينها من الوصول إلى المواقع المهددة والاطلاع عليها وفحصها، وذلك استجابة للطلب الذي قدمته المديرة العامة للمنظمة الدولية.
وتعليقا على الزيارة، قال الدكتور زياد الدريس، مندوب السعودية، إن زيارة ولي ولي العهد لـ«اليونيسكو» طبيعية جدا؛ لأنها تعكس اهتمام المملكة منذ البداية بالتعاون معها وبأنشطتها، وأضاف أن الأمير محمد بن سلمان كان حريصا على إتمام الزيارة لإداركه أنها يمكن أن تسهم في تحقيق أهداف «رؤية 2030»، خصوصا أنه مهندسها والمطلع على تفاصيلها كافة، ورأى زياد الدريس أن إشارته إلى المواقع الأثرية السعودية وإلى أهمية تطوير التعليم لمنع الانجراف نحو التطرف تأكيد لأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه اليونيسكو.
من جانب آخر، زار الأمير محمد بن سلمان، يوم أمس، مقر البرلمان الفرنسي؛ حيث استقبله رئيسه كلود برتولون ومكتب المجلس، يرافقه عادل الجبير، وزير الخارجية، وخالد العنقري، السفير السعودي لدى فرنسا، وعقد لقاء بين الجانب البرلماني الفرنسي بحضور السفير الفرنسي لدى السعودية برتراند بيزانسينو.
وعقد ولي ولي العهد اجتماعا آخر مع اللجنة الخارجية في مجلس النواب التي ترأسها وزيرة العدل السابقة النائبة أليزابيت غيغو، بحضور مجموعة من النواب بينهم: ميشال فوزيل، وبيار لولوش، وأوديل ساغ، وجان غلافاني. وقبل بدء الجلسة رسميا، أشادت غيغو بالسفير بيزانسينو الذي من المنتظر أن تنتهي مهمته في الرياض في الخريف القادم بعد تسع سنوات ونصف أمضاها في العاصمة السعودية.
بينما دار نقاش بين ولي العهد والحضور محوره مزدوج.. «خطة الإصلاح السعودية والعلاقات الفرنسية - السعودية» من جهة، والمسائل الإقليمية ورؤية الرياض لها من جهة أخرى.
كما التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، في باريس أمس، رئيس مجموعة الصداقة السعودية الفرنسية بالبرلمان الفرنسي أوليفيه داسو، وتناول اللقاء استعراض علاقات الصداقة القائمة، ومواصلة تقويتها، لما فيه مصلحة مشتركة بين البلدين والشعبين.
وكان من المقرر أن يلتقي الأمير محمد بن سلمان، بعد ظهر أمس، وفدا من هيئة أرباب العمل الفرنسية، لكن الاجتماع معه لم يحصل لازدحام جدول أعماله، وقد حضر إلى مقر هيئة أرباب العمل الوزراء المرافقون ورئيس هيئة الاستثمار السعودية، وقالت مصادر هيئة أرباب العمل لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع كان «مفيدا للغاية»، وقد اغتنم رؤساء ومديرو الشركات الفرنسية الذين حضروا المناسبة للاطلاع على خطط المملكة خصوصا الاستثمارية منها، وعلى أولوياته في القطاع الصناعي، وعلى التغيرات التي يمكن أن تحصل على ضوء الخطة الإصلاحية.
والتقت «الشرق الأوسط» مطولا مصادر رسمية فرنسية رافقت زيارة الأمير محمد بن سلمان عن قرب واطلعت على التفاصيل، وأفادت هذه المصادر أن المحادثات بينت من جانب «رغبة متبادلة بالسير في العلاقات الفرنسية - السعودية قدما وذلك على الأصعدة كافة»، كما أظهرت من جهة أخرى وجود «تقارب في الرؤية» بين باريس والرياض بشأن المسائل الإقليمية والنزاعات التي تهز العالم العربي.
وأضافت هذه المصادر أن القناعة التي تسود في باريس والرياض هي أن السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي «لا بد أن تتغير مع وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض مهما تكن هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية» سواء أكان ذلك بالنسبة إلى سياسة واشنطن إزاء إيران أو بالنسبة إلى الحرب في سوريا.
وردا على التساؤلات التي تطرح في بعض الأوساط الفرنسية عن طبيعة العلاقة المثلثة التي تريد باريس بناءها مع الرياض من جهة ومع طهران من جهة ثانية، قالت المصادر الفرنسية إن السعودية «بلد حليف وصديق». أما بالنسبة إلى إيران فثمة «اختلافات في السياسة والرؤى»، ولذا فإن «أعيننا تبقى مفتوحة» لمراقبة ما تقوم به طهران في المنطقة. وكشفت هذه المصادر أن باريس «لم تحصل على شيء» من إيران في الموضوعين السوري واللبناني سوى وعود و«سوف نرى».
وكانت باريس وغيرها من عواصم غربية تراهن على أن توقيع الاتفاق النووي مع إيران الصيف الماضي سيدفع طهران لاتباع سياسة معتدلة. والحال ألا أحد رأى «ظل» هذه السياسة حتى الآن، وفق ما تقوله المصادر الفرنسية.
من جانب آخر، قالت المصادر الفرنسية إن الأمير محمد بن سلمان «ترك انطباعا إيجابيا لدى كل المسؤولين» الذين التقاهم في العاصمة الفرنسية الذين أبدوا إعجابهم بـ«الانفتاح والبراغماتية والرغبة في التغيير التي تنبع من رؤيته لمستقبل السعودية وللطريق التي من المفترض أن تقود إليه»، ونقلت المصادر الفرنسية أن الجولة التي بدأها ولي ولي العهد في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا سيستكملها في بريطانيا وألمانيا وإسبانيا.



السعودية تؤكد إدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)
TT

السعودية تؤكد إدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)

شدّدت السعودية على رفضها وإدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي الإنساني، وذلك خلال جلسة لمجلس الوزراء عقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض الثلاثاء.

وأوضح وزير الإعلام سلمان الدوسري، أن المجلس تابع تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمساعي الدولية المبذولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، كما اطّلع المجلس على مجمل أعمال الدولة خلال الأيام الماضية، لا سيما المتصلة بمجالات التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، والتنسيق في شأن الجهود المشتركة الرامية إلى مواجهة التحديات ومعالجتها، والإسهام في تحقيق التطلعات نحو مستقبل أفضل للمنطقة والعالم أجمع.

تابع المجلس تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمساعي لوقف إطلاق النار بقطاع غزة (واس)

وأشاد المجلس في هذا السياق، بنتائج المحادثات التي جرت بين كبار المسؤولين في المملكة والوفد رفيع المستوى من الإدارة الجديدة في سوريا، مجدداً الموقف السعودي الداعم لأمن هذا البلد واستقراره، والتأكيد على مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب السوري الشقيق.

وفي الشأن المحلي استعرض مجلس الوزراء التقدم المحرز في تنفيذ عدد من البرامج والمبادرات والمشاريع التنموية الهادفة إلى الاستمرار في الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والزائرين، وتنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل، بالإضافة إلى استثمار الإمكانات والطاقات والثروات المتوافرة.

واطّلع المجلس، على الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، من بينها موضوعات اشترك مجلس الشورى في دراستها، كما اطّلع على ما انتهى إليه كل من مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، واللجنة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء في شأنها.

وقرّر المجلس خلال الجلسة تفويض وزير الرياضة - أو من ينيبه - بالتباحث مع الجانب الأوروغواياني في شأن مشروع مذكرة تفاهم بين وزارة الرياضة السعودية والأمانة الوطنية للرياضة في جمهورية الأوروغواي الشرقية للتعاون في مجال الرياضة، والتوقيع على ذلك.

أشاد المجلس بنتائج المحادثات التي جرت بين كبار المسؤولين في السعودية والوفد رفيع المستوى من الإدارة الجديدة بسوريا (واس)

كما وافق المجلس على مذكرة تفاهم في مجال الشؤون الإسلامية بين وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية والرئاسة الإسلامية العليا في جمهورية مقدونيا الشمالية، وعلى مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارة العدل بالمملكة ووزارة القانون بجمهورية سنغافورة، وعلى اتفاقية بين السعودية ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا (سيداري) في شأن توفير الدعم المالي للمركز بالمساهمة في صندوق الوديعة (الوقفي) الاستثماري للمركز، وعلى مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة السعودية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المملكة المغربية للتعاون في المجالات الصحية.

ووافق المجلس أيضاً على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الحكومة الرقمية بين هيئة الحكومة الرقمية في السعودية ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في دولة قطر، وعلى اتفاقية الخدمات الجوية بين السعودية ومملكة إسواتيني، على مذكرة تفاهم بين هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية وجامعة «نايف العربية للعلوم الأمنية» للتعاون في التدريب بمجال مكافحة الفساد، وعلى مذكرة تفاهم بين الديوان العام للمحاسبة في المملكة ومكتب المراقب والمراجع العام في جمهورية الهند للتعاون في مجال العمل المحاسبي والرقابي والمهني، وعلى مذكرة تفاهم بين الإدارة العامة للتحريات المالية برئاسة أمن الدولة في السعودية ووحدة الاستخبارات المالية في هيئة الإشراف على مديري البنوك والتأمين وصناديق التقاعد الخاصة في جمهورية البيرو بشأن التعاون في تبادل التحريات المتعلقة بغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والجرائم ذات الصلة.

وقرّر المجلس تعديل نظام المرور بإلغاء المادة (الحادية والسبعين)، وإضافة فقرة في جدول المخالفات بالنص الآتي: «قيادة المركبة في الطرق برخصة سير منتهية»، والموافقة على نظام المواد البترولية والبتروكيماوية، وعلى أن تتولى جامعة «الملك عبد الله للعلوم والتقنية» مهمات استكمال بناء وتأسيس المركز السعودي للقاحات والعلاجات البروتينية، وإدارته وتشغيله والإشراف عليه.

كما اطّلع مجلس الوزراء، على عدد من الموضوعات العامة المدرجة على جدول أعماله، من بينها تقارير سنوية لوزارتي (الرياضة، والحج والعمرة)، والهيئة العامة لعقارات الدولة، والهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم، والهيئة السعودية للسياحة، والمركز الوطني لإدارة الدَّيْن، ومجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية، وجامعة «طيبة»، والمكتب الاستراتيجي لتطوير منطقة جازان، وقد اتخذ المجلس ما يلزم حيال تلك الموضوعات.