منتخبات {يورو 2016} بعيداً عن الملاعب

غولف وسنوكر وتواصل اجتماعي لإبعاد الملل

لاعب بلجيكا ديفوك اوريجى في طريقه للتدريب بعد التسوق (أ.ف.ب)
لاعب بلجيكا ديفوك اوريجى في طريقه للتدريب بعد التسوق (أ.ف.ب)
TT

منتخبات {يورو 2016} بعيداً عن الملاعب

لاعب بلجيكا ديفوك اوريجى في طريقه للتدريب بعد التسوق (أ.ف.ب)
لاعب بلجيكا ديفوك اوريجى في طريقه للتدريب بعد التسوق (أ.ف.ب)

تزيد فترة «يورو 2016» بأسبوع على النسخ السابقة من البطولة نظرًا لزيادة عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى 24، ورغم أن البطولة شهدت مرحلة إضافية فقد كانت فترات راحة المدربين واللاعبين أطول. وعلى أي منتخب يتطلع إلى التتويج بلقب كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم (يورو 2016) المقامة بفرنسا أن يجيد ليس فقط على أرض الملعب ولكنه قد يحتاج أيضًا إلى التمتع بمهارات البطل فيما يتعلق بتمضية الوقت بين المباريات.
ونتيجة لذلك، بات المدربون مثلما يخشون الإصابات خلال التدريبات، يخشون على لاعبيهم المجتمعين طوال شهر أو أكثر من «حمى المقصورة»، وهي حالة ترتبط بالملل.
وفي الماضي كان اللاعبون يلجأون لألعاب الورق وتنس الطاولة والرحلات البحرية لقضاء الأوقات الخالية من المباريات والتدريبات خلال البطولات، ولكن الآن بات اللاعبون يفضلون وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو وممارسة ألعاب الجولف والسنوكر.
وقال لاعب خط الوسط الإسباني برونو سوريانو: «الحياة هنا عبارة عن تدريب وأكل وراحة». ومع ذلك، استمتع لاعبو المنتخب الإسباني بزيارات من عائلاتهم في مقر إقامة الفريق بجزيرة دو ريه، لكسر الرتابة.
وتفصل ستة أيام بين مباراة منتخب ويلز التي فاز فيها على نظيره الآيرلندي الشمالي في دور الستة عشر ومباراته المقررة أمام بلجيكا يوم الجمعة المقبل في دور الثمانية، وقد استأنف الفريق التدريبات بعد أن حصل اللاعبون على راحة يوم الأحد قضوها في باريس مع عائلاتهم قبل العودة إلى مقر إقامة الفريق في منطقة دينار.
وقال كريس كولمان المدير الفني لمنتخب ويلز: «نحتاج إلى أن يبتعد بعضنا عن بعض لمدة 24 ساعة». ومع ذلك قال غاريث بيل نجم منتخب ويلز في تصريحات لصحيفة «ليكيب» الفرنسية: «نستمتع كثيرا بوقتنا في دينار، ونحاول الحفاظ على الأجواء الإيجابية»، ولا شك في أن الإقامة في مدينة كبيرة تعد أكثر جاذبية للاعبين من الإقامة في مكان معزول رغم أن الفرق تتمتع بالإقامة في مستويات الخمس نجوم. ويعد مقر إقامة المنتخب الألماني المطل على بحيرة جنيف، خلابا لكن بعض اللاعبين أشاروا أيضًا إلى أن إقامة المنتخب في العاصمة الألمانية برلين خلال كأس العالم 2006 بألمانيا منح اللاعبين حينذاك فرصة التسوق وتناول الطعام.
وتتنوع أيضًا الأنشطة الثقافية المتاحة خلال يورو 2016. حيث قام منتخب رومانيا بزيارة إلى قلعة شانتيلي، قبل خروج الفريق من دور المجموعات. ويبدو أن جعل الجميع سعداء طوال فترة البطولة هو فن في حد ذاته، ويشكل اختيار موقع الإقامة عنصرا أساسيا في ذلك.
ومن بين العناصر التي أسهمت في تتويج المنتخب الألماني بلقب كأس العالم 2014، الروح العالية التي تشكلت للفريق في مقر إقامته بولاية باهيا البرازيلية، وهي منشأة على أعلى مستوى مختلفة نهائيًا عن المقار الرياضية التي أقامت فيها الفرق الألمانية السابقة.
وكان أوليفر بييرهوف مدير المنتخب الألماني قد صرح لصحيفة «دي فيلت» الألمانية قائلا: «ما تعلمناه في معسكر باهيا هو أن المسافات القصيرة والمساكن المدمجة تشكل معايير مهمة..نريد أن يلتقي الناس للتواصل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».