نهار حافل باللقاءات رفيعة المستوى أمضاه الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي في اليوم الأول من زيارته الرسمية الثانية من نوعها إلى فرنسا.
وشملت اللقاءات الجانب السياسي، وتحديدا البؤر المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط، ومن جهة أخرى، قضايا التعاون الاقتصادي والعلاقات الثنائية ورغبة الطرفين في توفير مضامين إضافية لـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تجمعهما.
كانت باكورة اللقاءات اجتماعا دام ساعة كاملة مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه أعقبه مباشرة اجتماع مماثل في قصر ماتينيون مع رئيس الحكومة مانويل فالس.
وأشار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى أن الاجتماعات بحثت مع المسؤولين الفرنسيين «الدور الإيراني» وتدخلات طهران في المنطقة.
وبعد الظهر التقى ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في مقر وزارة الدفاع الفرنسية، التي انتقل منها الأمير محمد بن سلمان إلى وزارة الخارجية للقاء الوزير الفرنسي جان مارك أيرولت.
وناقش ولي ولي العهد السعودي مع وزير الدفاع الفرنسي مسائل التعاون الدفاعي العسكرية، بالإضافة إلى جهود البلدين في مكافحة الإرهاب.
في حين بحث مع وزير الخارجية الفرنسي الجوانب السياسية والدبلوماسية، وعرض الجانبان مواقفهما حيال القضايا، وما يمكن أن يقوم به البلدان من مبادرات.
وأفادت مصادر قصر الإليزيه التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بأن الاجتماع مع الرئيس هولاند دار حول محورين رئيسيين: الأول، خطة الإصلاح والتنويع الاقتصادي السعودية والثاني، المشاكل الإقليمية السياسية.
وفي المحور الأول، توسع الأمير محمد بن سلمان في شرح خطة النهوض الاقتصادي وأهدافها ومراحلها وكيفية وضعها موضع التنفيذ. وفي هذا الخصوص، قالت المصادر الرئاسية إن الرئيس هولاند «نوه» بالخطة السعودية وأبدى استعداد بلاده «لمواكبتها والمساهمة في نجاحها من خلال الدور الذي يمكن أن تقوم به الشركات والمؤسسات الفرنسية في السعودية».
وأضاف الرئيس هولاند أن الجانب الفرنسي «مستعد وراغب في (تعميق) الشراكة الاستراتيجية التي تربط الطرفين في كافة مجالات التعاون».
وأكد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي في السياق عينه، ما نقلته المصادر الفرنسية قائلا إن هولاند شدد على دعمه لتحقيق رؤية السعودية 2030.
أما في الشق السياسي، فقد أعلنت مصادر الإليزيه أن البحث تناول أزمات منطقة الشرق الأوسط والحروب المشتعلة في سوريا والعراق واليمن. غير أن هذه المصادر أفادت بأن الرئيس الفرنسي ركز على الملف اليمني، وعن الوضع تفصيلا وعما آلت إليه المفاوضات التي تجرى منذ أسابيع في الكويت والتي تضم الأطراف اليمنية بإشراف المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ.
وجدير بالذكر أن وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف زار باريس يوم الجمعة الماضي وقد أثيرت هذه القضايا معه. وكان من المتوقع أن يكون الطرف الفرنسي قد نقل إلى الجانب السعودي ما جرى في مباحثاته مع ظريف. وجاء في بيان صادر عن الخارجية الفرنسية أن محادثات الأمير محمد بن سلمان مع الوزير أيرولت تتناول «الأولويات المشتركة» التي ذكر منها السلام والأمن في الشرق الأوسط وتحديدا في سوريا والعراق واليمن والحرب على الإرهاب والمبادرة الفرنسية لمعاودة محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
من جهتها، أفادت مصادر رئاسة الحكومة التي اتصلت بها «الشرق الأوسط» بأن المناقشات التي أجراها الأمير محمد بن سلمان مع مانويل فالس دارت بشكل أساسي حول «رؤية 2030» وأن ولي ولي العهد السعودي قدم عرضا «مفصلا» للتحولات الاقتصادية. وأضافت هذه المصادر أن الأمير محمد بن سلمان عرض أيضا «رؤيته» للعلاقات الاستراتيجية السعودية - الفرنسية. وأبدت مصادر في رئاسة الحكومة الفرنسية إعجابها برغبة السعودية في «توسيع قاعدتها الصناعية» وبتمسكها في أن تكون هناك مساهمة استثمارية في العقود المبرمة مع الشركات الأجنبية تحقيقا لهذا الغرض. ويفترض أن يبدأ العمل بهذه القاعدة الجديدة في العام 2018.
وبحسب المصدر في رئاسة الحكومة فإن ثلاثة أرباع وقت الاجتماع مع فالس كرس للمسائل الاقتصادية فيما بحث الربع الأخير المسائل السياسية والإقليمية التي تم التركيز عليها في الاجتماع مع الرئيس هولاند.
وقالت مصادر اقتصادية لـ«الشرق الأوسط» إن الأمير محمد بن سلمان شكل فريقا صغيرا مهمته البحث عن فرص استثمارية للسعودية في الخارج وعن عقود مع الخارج من شأنها دفع حركة التصنيع في المملكة إلى الأمام من أجل تنويع الاقتصاد وخفض التبعية للعائدات النفطية من جانب وتوفير فرص عمل للشباب السعودي من جانب آخر.
وصدر بعد ظهر أمس عن وزارة الخارجية الفرنسية بيان جاء فيه أن اجتماع اللجنة المشتركة المكلفة الإشراف على التعاون الاقتصادي والتجاري بين الرياض وباريس «أجل إلى الخريف» وذلك من أجل أن تأخذ باريس «بعين الاعتبار خطة الإصلاحات السعودية (رؤية 2030)». وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن المطلوب هو أن «يتوافر لنا الوقت الكافي لننظر في كيفية دمج المشاريع التي ننوي القيام بها في السعودية في إطار الخطة الإصلاحية وبرنامج التحول الوطني».
واليوم ستعرض هذه المسائل مجددا وفي العمق في اللقاء الصباحي الذي سيعقد في وزارة الخارجية وسيضم الوزيرين جان مارك أيرولت وعادل الجبير. وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية التقتها «الشرق الأوسط» قبل يومين، فإن «الطرفين سيعرضان مواقفهما وسيقارنان بينها» كما سينظران فيما قد يستطيعان القيام به من مبادرات مشتركة بشأن الأزمات المشار إليها، علما بأن المواقف الفرنسية والسعودية أكثر من متقاربة بشأن سوريا والعراق ولبنان والحرب على الإرهاب، إلى جانب الحاجة إلى إعادة إطلاق مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأفادت أوساط الخارجية الفرنسية بأن باريس تريد أن «تتعمق مع الطرف السعودي في درس الفرص المتاحة أمام تفعيل مبادرة السلام» التي أطلقتها الشهر الماضي، عبر اجتماع موسع ضم عشرات وزراء الخارجية.
وتسعى باريس للدعوة إلى «قمة» للسلام في الخريف القادم بحضور السلطة الفلسطينية وإسرائيل بحيث تشكل دافعا لعودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات. لكن حتى الآن لا تبدو حظوظ النجاح كبيرة بسبب معارضة إسرائيل وانشغال الولايات المتحدة الأميركية بالانتخابات الرئاسية والتشريعية.
محمد بن سلمان بحث مع هولاند شؤون المنطقة وتدخلات إيران.. والإصلاحات الاقتصادية السعودية
مصادر رئاسية فرنسية: ولي ولي العهد طرح تصوره للشراكة مع فرنسا على ضوء «الرؤية 2030»
محمد بن سلمان بحث مع هولاند شؤون المنطقة وتدخلات إيران.. والإصلاحات الاقتصادية السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة