الناشطون الإعلاميون.. «الحلقة الأضعف» في سوريا

بين إعدامات «داعش» واعتقال النظام.. وتعرضهم لضغوط من المعارضة

الناشطان الإعلاميان السوريان هادي العبد الله وخالد العيسى تعرضا للاستهداف أكثر من مرة بسبب تغطيتهما أماكن النزاع وسط وشمال سوريا، لحين وفاة العيسى (إلى اليسار) قبل أيام متأثرا بجراحه (مواقع تواصل اجتماعي)
الناشطان الإعلاميان السوريان هادي العبد الله وخالد العيسى تعرضا للاستهداف أكثر من مرة بسبب تغطيتهما أماكن النزاع وسط وشمال سوريا، لحين وفاة العيسى (إلى اليسار) قبل أيام متأثرا بجراحه (مواقع تواصل اجتماعي)
TT

الناشطون الإعلاميون.. «الحلقة الأضعف» في سوريا

الناشطان الإعلاميان السوريان هادي العبد الله وخالد العيسى تعرضا للاستهداف أكثر من مرة بسبب تغطيتهما أماكن النزاع وسط وشمال سوريا، لحين وفاة العيسى (إلى اليسار) قبل أيام متأثرا بجراحه (مواقع تواصل اجتماعي)
الناشطان الإعلاميان السوريان هادي العبد الله وخالد العيسى تعرضا للاستهداف أكثر من مرة بسبب تغطيتهما أماكن النزاع وسط وشمال سوريا، لحين وفاة العيسى (إلى اليسار) قبل أيام متأثرا بجراحه (مواقع تواصل اجتماعي)

بات الناشطون الإعلاميون الحلقة الأضعف في مختلف المناطق السورية، ولا سيما في تلك الخاضعة للنظام بشكل أو بآخر أو لتنظيم «داعش»، فعقوبة هؤلاء لدى الطرفين قد تختلف من ناحية الأسلوب إنما تبقى النتيجة واحدة، وهي الموت.
وفي حين يعمد «داعش» إلى إعدامهم بطرق مختلفة يقوم النظام باعتقالهم، وما يتبع ذلك من عمليات تعذيب يصبح عندها المعتقل يتمنى الموت، بحسب ما يقول أبو محمد الرقاوي، الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت»، لافتًا في الوقت عينه إلى أن هؤلاء الناشطين لا يسلمون أيضا من ضغوط من بعض فصائل المعارضة التي تحاول بدورها فرض شروطها على عملهم.
وفي حين أن هناك مئات الناشطين الإعلاميين يتوزعون بين معتقل ومفقود من مختلف المناطق السورية، هناك عدد كبير من هؤلاء يتم قتلهم أو إعدامهم بشكل علني، كما حصل، أمس، بإعلان «داعش» عبر شريط فيديو عن إعدامه خمسة إعلاميين كل منهم بأسلوب معين، وذلك بعد نحو أسبوع على محاولة اغتيال الناشطين الإعلاميين هادي العبد الله، وخالد العيسى الذي فارق الحياة قبل يومين، ووجهت المعارضة أصابع الاتهام في استهدافهم في حلب إلى خلايا نائمة تابعة للنظام أو «جبهة النصرة».
وأشار أمس، المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى وروده نسخة من شريط مصور يظهر إعدام «داعش» لـ 5 ناشطين إعلاميين من أبناء مدينة دير الزور، بعد اعتقالهم منذ نحو 9 أشهر من منازلهم في المدينة هم: سامر محمد العبود، ومحمود شعبان الحاج خضر، ومحمد عبد القادر العيسى، ومصطفى حاج حاسا، والناشط في المرصد السوري لحقوق الإنسان سامي جودت الرباح (أبو إسلام)، ولفت المرصد إلى أن التنظيم أعدم الناشطين الخمسة، على دفعات متتالية، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وحتى شهر يونيو (حزيران) الحالي، ونفذت عمليات الإعدام بأساليب مختلفة، وبتهمة العمل ضد التنظيم وإعطاء معلومات مقابل مبالغ مالية. وقام التنظيم وفق المرصد، بإعدام الأول نحرًا بالسكين، فيما أعدم الناشط أبو إسلام عن طريق ربطه إلى حاسوبه المحمول، ومن ثم ربط الحاسوب بمتفجرات وتفجيرها داخل منزله، بينما أعدم الناشط الثالث عن طريق ربطه على باب حديدي وخنقه بواسطة سلسلة حديدية، في حين أعدم الرابع عن طريق ذبحه بآلة حادة، وأعدم الأخير عن طريق ربط كاميرته بعنقه وتفجيرها به بعد ربطه إلى شرفة منزل.
ويشير أبو محمد إلى أن الناشطين الإعلاميين باتوا هدفا أساسيًا لـ«داعش» والنظام السوري، نظرًا إلى دورهم في فضح كل ما يقوم به الطرفان من تجاوزات، مضيفا: «رغم عدم حرفيتهم، إنما ما يقومون به لنقل صورة ما يحصل في الداخل عبر مختلف الوسائل يشكل خطرا على هذه الجهات التي تترصدهم وتقوم باعتقالهم أو إعدامهم». وفي حين يلفت إلى عدم وجود أرقام محددة للمعتقلين أو الذين قتلوا لنشاطهم الإعلامي، مع تأكيده أنهم بالمئات من مختلف المناطق السورية، يشير إلى «أنه في الأشهر الثلاثة الأخيرة سجّل توقيف أكثر من خمسين ناشطا على يد (داعش) بعضهم أعدم في الشوارع أمام أعين الناس، لكن نحاول عدم الإعلان عن أسمائهم خوفًا على حياة البقية». ويوضّح أنه عندما يعلن التنظيم عن الإعدام عبر نشر فيديو أو صور يعني ذلك أن عملية الاعتقال تمت في المناطق التي يسيطر عليها، على غرار ما يحصل في الرقة ودير الزور، لكنه في المقابل، يعمد إلى استهداف من هم خارج مناطقه عبر عمليات الاغتيال، كما حصل مع عدد من ناشطي «الرقة تذبح بصمت» في منطقة غازي عنتاب في تركيا. ورغم هذا الوضع الذي يدركه الناشطون لا يزال عدد كبير منهم يخاطر بحياته ويعمل من داخل مناطق «داعش» والنظام، بحسب أبو محمد، لافتًا إلى أن التنظيم كان قد فرض على كل من يريد العمل في مجال النشاط الإعلامي في الرقة، حيث كانت الحرب معلنة بين الطرفين، مبايعة «داعش»، وبالتالي العمل لصالحه وتجميل صورته، بينما سمحت لمن هم في دير الزور أن يعملوا كـ«مستقلين» إنما طبعا تحت المراقبة الدائمة، ما أدى في الكثير من الأحيان أيضا إلى إعدامهم.
ورغم أن «المركز السوري للحريات الصحافية»، يقدر عدد الصحافيين المعتقلين لدى النظام وجهات مجهولة بـ27 شخصًا، بالإضافة لثمانية صحافيين أجانب، و16 سوريًا مجهولي المصير، موثقا أيضا مقتل 339 إعلاميًا منذ مارس (آذار) 2011، يلفت أبو محمد إلى أن ما يتم توثيقه تحت خانة «الصحافيين المعتقلين» أو الذين قتلوا لا يشمل الناشطين الإعلاميين المحليين الذين هم أساسا مواطنين إعلاميين وغير محترفين، بل يرتكز على صحافيين محترفين كانوا يعملون لصالح وسائل إعلام عربية أو عالمية.
وكانت «رابطة الصحافيين السوريين»، قد طالبت بفتح تحقيق بمقتل الناشط الإعلامي خالد العيسى بعد استهدفه بانفجار مع زميله هادي العبد الله في مكان إقامتهما بحي الشعار بحلب، والمسيطر عليه من قبل جبهة النصرة.
وقال مدير «المركز السوري للحريات الصحافية» في «الرابطة» حسين جلبي، بتصريح لوكالة «سمارت»: «الجبهة كما بقية الفصائل المسلحة الأخرى لم تتوقف عن مضايقة الإعلاميين في مناطق نفوذها، ووثقنا عددا كبيرا من الانتهاكات التي اقترفتها النصرة».
وأشار «جلبي» إلى أن «الصحافيين يتعرضون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام إلى أخطار مزدوجة، أحدها استهداف النظام الممنهج لتلك المناطق بجميع أنواع الأسلحة، والأخرى بسبب استهدافهم من قبل الفصائل المسلحة التي تسيطر على تلك المناطق، باعتبارها سلطات أمر واقع». مضيفا: «قمع هؤلاء يبدأ من مناطق سيطرة هذه القوى ولا ينتهي عند البوابات الحدودية، بل يمتد إلى ما ورائها، حيث تتحول الدول المجاورة إلى ساحة لتصفية الحسابات مع الإعلاميين واستهدافهم».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.