الدراجات الهوائية تقتحم شوارع موسكو

عشرات الآلاف يشاركون بفعالية ليلية بعد نجاح مسير النهار

الكثيرون ركنوا سياراتهم واستقلوا الدراجات للتمتع بمعالم مركز مدينة موسكو التاريخي - البعض اختاروا تزيين دراجاتهم الهوائية بطرق مبتكرة - «مسير الدراجات» في موسكو يكاد يكون أقرب إلى المهرجان الفني - موسكو قامت بإنشاء محطات خاصة لاستئجار الدراجات تعتمد على الحصال الإلكتروني
الكثيرون ركنوا سياراتهم واستقلوا الدراجات للتمتع بمعالم مركز مدينة موسكو التاريخي - البعض اختاروا تزيين دراجاتهم الهوائية بطرق مبتكرة - «مسير الدراجات» في موسكو يكاد يكون أقرب إلى المهرجان الفني - موسكو قامت بإنشاء محطات خاصة لاستئجار الدراجات تعتمد على الحصال الإلكتروني
TT

الدراجات الهوائية تقتحم شوارع موسكو

الكثيرون ركنوا سياراتهم واستقلوا الدراجات للتمتع بمعالم مركز مدينة موسكو التاريخي - البعض اختاروا تزيين دراجاتهم الهوائية بطرق مبتكرة - «مسير الدراجات» في موسكو يكاد يكون أقرب إلى المهرجان الفني - موسكو قامت بإنشاء محطات خاصة لاستئجار الدراجات تعتمد على الحصال الإلكتروني
الكثيرون ركنوا سياراتهم واستقلوا الدراجات للتمتع بمعالم مركز مدينة موسكو التاريخي - البعض اختاروا تزيين دراجاتهم الهوائية بطرق مبتكرة - «مسير الدراجات» في موسكو يكاد يكون أقرب إلى المهرجان الفني - موسكو قامت بإنشاء محطات خاصة لاستئجار الدراجات تعتمد على الحصال الإلكتروني

تستعد شوارع العاصمة الروسية موسكو لاحتضان مسير الدراجات الليلي، وذلك بعد أن سجلت رقمًا قياسيًا على مستوى روسيا في مسير دراجات نهاري جرى أخيرًا، وشارك فيه ما يزيد على 30 ألف مواطن من مختلف الفئات العمرية، حتى إن بعض المشاركات كانت عبارة عن عائلات بأكملها.
ومع أن غالبية المدن الروسية الكبرى شهدت أيضًا مسيرًا للدراجات، فإن مسير الدراجات الهوائية في موسكو هذا العام يُعد الأكبر في تاريخ روسيا، وفق ما أكدت مديرية النقل في العاصمة الروسية. وفي إطار توسيع الفعالية والتنويع، قرر منظمو فعالية مسير الدراجات إطلاق مسير آخر، لكن ليلاً، وهو ما يسمح به الجو اللطيف في ليالي موسكو الصيفية.
وإلى جانب أنها فعالية تهدف إلى الترفيه عن الناس في موسم العطل الصيفية، وإبعادهم ولو لساعات عن صخب المواصلات العامة والازدحام في المترو والحافلات، وكذلك عن الازدحام الكبير الذي تتميز به شوارع موسكو في أيام العمل، فإن فعالية مسير الدراجات تهدف أيضًا إلى تشجيع استخدام الدراجات وسيلة نقل بديلة عن السيارات الخاصة ووسائل النقل العامة، لما في ذلك من فوائد أولاً لصحة الإنسان، ذلك أن قيادة الدراجة هي نوع من أنواع الرياضة التي تساهم في التربية البدنية، وثانيًا للحفاظ على البيئة والتخفيف من الانبعاثات الغازية في العاصمة، فضلاً على تخفيف الازدحام المروري والضجيج في الطرقات، وفي نهاية المطاف فإن استخدام الدراجة أقل تكلفة من هدر البنزين أو استخدام وسائل النقل العامة.
في سياق هذه الرؤية للمنافع التي يمكن الحصول عليها من تشجيع الاعتماد بصورة أكبر على الدراجات كوسيلة نقل، يجري تنظيم فعالية «مسير الدراجات الليلي»، وكذلك فعالية شهدتها المدن الروسية الشهر الماضي تحت عنوان «إلى العمل على الدراجة»، التي شارك فيها أكثر من 20 ألف مواطن روسي، هجروا في ذلك اليوم وسائل النقل المعتادة وقرروا الجمع بين الترفيه والفائدة الشخصية والعامة، والذهاب إلى عملهم على متن الدراجات. وللتنقل على الدراجات في موسكو جانب ترفيهي مهم، حيث يتمكن المرء وهو متجه إلى عمله من تأمل معالم المدينة عن كثب والاحتكاك مع بيئتها الاجتماعية والتاريخية بصورة أفضل، هذا فضلاً بالطبع على أنه يمارس الرياضة فيستفيد، ويخفف من الانبعاثات الغازية فيفيد ويستفيد أيضًا ويقدم إفادة للبيئة التي يعيش فيها.
وإذا كان مشهد قائد سياسي يذهب إلى عمله على الدراجة أمرًا شبه طبيعي في غالبية الدول الأوروبية، فإن هذه الظاهرة ما زالت في بدايتها وهي شبه نادرة، بل غير موجودة بالمطلق في روسيا، باستثناء حالة وحيدة ظهرت أخيرًا خلال فعالية «إلى العمل بواسطة الدراجة». حيث قرر الزعيم السياسي الروسي ذائع الصيت فلاديمير جيرينوفسكي، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي أن يجتاز آخر 300 متر تفصله عن عمله في مجلس الدوما (البرلمان الروسي) على دراجة، كما فعل الأمر ذاته بعض أعضاء البرلمان الروسي عن حزب جيرينوفسكي، الذين وصلوا معه على دراجات إلى المدخل الرئيسي للدوما يركض بجانبهم أشخاص يُعتقد بأنهم المرافقة الشخصية «للزعيم» جيرينوفسكي. وهناك كانت كاميرات القنوات التلفزيونية وحشد من الإعلاميين والمواطنين بانتظارهم، وقد ترك هذا المشهد بسمة ربما لم تفارق طوال اليوم وجوه من حالفهم الحظ وكانوا شهود عيان على إنجاز جيرينوفسكي التاريخي في مجال التنقل على الدراجات.
ولتحقيق قدر أكبر من الفائدة بدفع المواطنين لاعتماد الدراجات وسيلة نقل موازية أو بديلة، عمدت السلطات في المدن الروسية، وبصورة أكبر في العاصمة موسكو وفي مدينة بطرسبورغ، إلى إنشاء محطات خاصة لاستئجار الدراجات، تعتمد على الحصال الإلكتروني، وتكون الدراجة مزودة بجهاز متابعة، يرسل إنذارًا حال خرج المستخدم بعيدًا عن حدود المنطقة المسموح ضمنها الاستفادة من خدمات تلك المحطة. وهذه الخطوة تساعد عشاق التنزه في العاصمة الروسية، من أبنائها وزوارها في قضاء أوقات ممتعة، فيركنون سياراتهم ويأخذون الدراجات للتمتع بمعالم مركز مدينة موسكو التاريخي، دون الحاجة إلى السير على الأقدام مسافات طويلة، ذلك أن مركز موسكو والمنطقة التي تنتشر عليها معالم تاريخية وأخرى حضارية لا بد من زيارتها، تمتد على مساحات واسعة حول الكرملين، وقد لا يكفي يوم واحد لزيارتها كلها سيرًا على الأقدام، بينما يكون الاعتماد على السيارات للتنقل معقدًا بعض الشيء، بسبب الحاجة دومًا بالبحث عن مكان مناسب لركن السيارة بقرب كل مكان يرغب الشخص بزيارته.
وفي الآونة الأخيرة اعتمدت سلطات موسكو خطة جديدة لتنظيم الطرقات، حيث يتم تخصيص مكان خاص فيها لعبور الدراجات فقط، وذلك بغية خلق مزيد من عوامل التشجيع للاعتماد على الدراجة، وسيلة النقل التي لا تسبب أي تلوث للبيئة، ويشكل استخدامها فرصة ثمينة للعاملين في المكاتب وخلف شاشات الكومبيوتر كي يمارسوا بعض الرياضة. ويبدو أن جهود سلطات العاصمة الروسية قد بدأت تثمر، حيث أظهرت الأجهزة الإلكترونية الخاصة في محطات الدراجات أن سكان العاصمة وزوارها استخدموا الدراجات هذا العام في التنقل 600 ألف مرة، وهذا رقم يزيد بثلاث مرات على العام الماضي، وفق ما أكدت مديرية النقل في مدينة موسكو، التي أشارت إلى أن غالبية المساحات قرب الأماكن العامة والمراكز التجارية، وحتى المؤسسات الحكومية تم تزويدها بأماكن خاصة آمنة لركن الدراجات، في إطار خطوات تشجيع اعتمادها وسيلة نقل في المدينة.
ضمن تلك الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف عدة فيها فائدة لكل شخص وللجميع معًا في آن واحد، وللمدينة ككل، عبر توسيع استخدام الدراجات واعتمادها للتنقل داخل العاصمة الروسية، يجري تنظيم «مسير الدراجات» في شوارع موسكو، ويسمح المنظمون لكل شخص بلغ الرابعة عشرة من العمر أن يشارك في المسير الليلي أو النهاري على دراجة مستقلة وحده، بينما يجب أن يكون من هم أصغر سنًا على دراجات مع أحد الوالدين، ولم يحدد المنظمون الحد الأقصى من عمر من يسمح لهم بالصعود على الدراجة والاندماج مع عشرات الآلاف من مختلف الفئات العمرية في «مسير الدراجات» في موسكو، الذي يكاد يكون أقرب إلى المهرجان الفني، حيث يسعى كل سائق دراجة إلى إضفاء طابع جميل على دراجته، أو على الزي الذي يرتديه خلال مشاركته. وليس مهمًا ما الذي ستبدعه وكيف، وليس مهمًا حتى لو كنت في العقد بعد الخامس من عمرك، أو كنت من كبار المسؤولين في الدولة، أو كبير الموظفين في شركتك، المهم أن تستمتع بالمشاركة في «مسير الدراجات» لتدرك جمالية التنقل عليها لا سيما في مدينة مثل العاصمة الروسية موسكو، غنية بكل عناصر الجمال، من طبيعة خلابة ومعالم أثرية مميزة ومبانٍ عصرية فريدة، ستلامسها كلها عن كثب وأنت على دراجتك بعيدًا عن سرعة ومعادن وغازات وازدحام وسائل النقل الأخرى.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».