الاحتفالات بعيد ميلاد الملكة إليزابيث تنتهي بأمطار وحفل في الشارع

شاركت المواطنين في مأدبة طعام دعمًا للجمعيات الخيرية

ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية والأمير فيليب دوق أدنبره يحييان الضيوف أثناء غداء خيري خارج قصر باكنغهام في لندن (أ.ف.ب)
ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية والأمير فيليب دوق أدنبره يحييان الضيوف أثناء غداء خيري خارج قصر باكنغهام في لندن (أ.ف.ب)
TT

الاحتفالات بعيد ميلاد الملكة إليزابيث تنتهي بأمطار وحفل في الشارع

ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية والأمير فيليب دوق أدنبره يحييان الضيوف أثناء غداء خيري خارج قصر باكنغهام في لندن (أ.ف.ب)
ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية والأمير فيليب دوق أدنبره يحييان الضيوف أثناء غداء خيري خارج قصر باكنغهام في لندن (أ.ف.ب)

وسط أمطار وجو عاصف لم تمنع آلاف من مواصلة الاحتفال، انتهى مهرجان الاحتفالات بعيد ميلاد الملكة إليزابيث الثانية التسعين الذي استمر بضعة أيام أمس الأحد بحفل ضخم في الشارع بوسط لندن.
وانضمت الملكة إلى 10 آلاف من المواطنين في شارع ذا مول بالقرب من قصر باكنغهام، للمشاركة في مأدبة طعام دعت الملكة مئات الجمعيات الخيرية التي تدعمها إليها. وكانت الملكة ترتدي معطفا وقبعة ورديين لامعين، واصطحبها زوجها الأمير فيليب 95 عاما، ووصلا إلى شارع ذا مول في سيارة مكشوفة بعد أن صارت السماء صافية.
ومن المقرر أن يحضر مأدبة الطعام حفيدا الملكة الأمير ويليام والأمير هاري بصفتهما رئيسا المأدبة، في حين أن حفيدها الثالث بيتر فيليبس هو المنظم الرئيسي لهذا الحدث. وقد تم شراء معظم التذاكر لصالح 600 جمعية خيرية وجماعات أخرى تدعمها الملكة، ولكن تم بيع 2000 تذكرة مقابل 150 جنيها إسترلينيا (نحو 214 دولارا) عبر مزاد.
ووزعت متاجر «ماركس آند سبنسر» سلة لكل ضيف بها عبوة تزن 250 مللي من شراب «بيم» الكحولي الفاتح للشهية وسلمون مدخن وشرائح دجاج ملفوفة وسلطة بطاطس وشطائر وجبن وعصير تفاح وفطيرة لحم خنزير صغيرة وكعك على شكل فراشة وحلوى من توت العليق. وكانت كعكة صممت من قالب لقبعات ارتدتها الملكة من بين المنتجات الفرعية التي أنتجتها «ماركس آند سبنسر» للاحتفال بعيد ميلاد الملكة.
ويذكر أن الملكة إليزابيث احتفلت بعيد ميلادها الفعلي في 21 أبريل (نيسان) الماضي. وشارك أكثر من ألف جندي في عرض عسكري احتفالي في لندن. واستقلت الملكة سيارة مكشوفة من قصر باكنغهام لحضور مراسم العرض العسكري التقليدي «تروبيج ذا كالار».
وكانت إنجريد سيوارد، رئيسة تحرير مجلة «ماجيستي»، قد قالت لـ«رويترز»: «تتمتع الملكة بطاقة مذهلة، وأعتقد أن حقيقة أنها لا تزال تعمل هي ما تجعلها تواصل العمل». وتابعت قائلة: «لا تريد الملكة أن تتخلى عن دورها. هذا ما تريد عمله، وهذا ما ستواصل عمله ما دامت لا تزال تشعر بأنها قادرة على ذلك».
ولدت الملكة إليزابيث يوم 21 أبريل (نيسان) عام 1926 بوسط لندن، ولا تزال تستضيف الزيارات الرسمية، وتشرف على مراسم الافتتاح السنوية للبرلمان، وتعقد اجتماعات أسبوعية مع رئيس الوزراء.
ورغم أنها قلصت جدول أعمالها المزدحم من الزيارات الخارجية فإن المقربين منها يقولون إن عدم القدرة فقط قد يمنعها عن أداء واجبها.
وقال حفيدها الأمير ويليام، في كلمة في الهند هذا الأسبوع: «فيما تقترب من التسعين فإنها لا تزال تتمتع بطاقة مذهلة وقوة ترشد أسرتها. ربما تكون جدتي لكنها لا تزال هي الآمرة الناهية».
وكانت استطلاعات قد نشرت للاحتفال بعيد ميلاد الملكة إليزابيث قد أظهرت أن الأسرة الملكية البريطانية تتمتع بشعبية كبرى، لكن الأمير تشارلز، وريث العرش البريطاني، أقل شعبية من ابنه الأمير ويليام.
وخلص استطلاع «أبسوس موري» الذي شمل ألف بريطاني، وتم إجراؤه لصالح جامعة كينجز لندن إلى أن «الأسرة الملكية ما زالت تتمتع بشعبية، وزادت المعارضة لتقاعد الملكة بصورة كبيرة منذ بداية القرن». وجاء في الاستطلاع أن الدعم للإبقاء على الملكية بلغ 76 في المائة، في حين أعرب 17 في المائة فقط عن تفضيلهم للجمهورية.
وقال 75 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع، إنهم يعتقدون أنه على الأسرة الملكية القيام بدور مهم في مستقبل بريطانيا، مقارنة بنسبة 70 في المائة التي تم تسجيلها في استطلاعات أجريت نحو عام 2000.
وخلص استطلاع أجرته شركة «بي إم جي» البحثية لصالح صحيفة «إيفنينج ستاندرد»، وشمل 1500 شخص، إلى أن الثقة في الملكة ارتفعت إلى 74 في المائة مقارنة بـ69 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وخلال هذا الاستطلاع، قال 49 في المائة إنهم يعتقدون أن الأمير ويليام، 33 عاما، يجب أن يخلف الملكة، في حين أعرب 25 في المائة عن تأييدهم للأمير تشارلز 67 عاما.
وقال 66 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع، إنهم لديهم «نظرة إيجابية» تجاه الملكة مقارنة بـ68 في المائة لصالح الأمير ويليام، و43 في المائة للأمير تشارلز، و23 في المائة للأمير أندرو، ثاني أبناء الملكة. وقالت شركة «بي إم جي»: «يبدو أن كبار السن يفضلون الأمير تشارلز».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».