كأس أوروبا 2016.. «معركة للأحذية» بين عمالقة التجهيزات الرياضية

«نايكي» و«أديداس» و«بوما» تتنافس على رعاية النجوم

كأس أوروبا 2016.. «معركة للأحذية» بين عمالقة التجهيزات الرياضية
TT

كأس أوروبا 2016.. «معركة للأحذية» بين عمالقة التجهيزات الرياضية

كأس أوروبا 2016.. «معركة للأحذية» بين عمالقة التجهيزات الرياضية

تشكل كأس أوروبا 2016 التي تحتضنها فرنسا اعتبارًا من يوم الجمعة، فصلاً جديدًا من الصراع بين عمالقة التجهيزات الرياضية التي تتنافس في ما بينها بالقدر الذي تتنافس فيه المنتخبات على أرضية الملعب، وذلك من خلال السعي إلى تقديم أفضل منتجاتها للاعبين الذين يمثلونها في المستطيل الأخضر.
ومن المؤكد أن الأموال الهائلة التي تصرفها هذه الشركات من أجل رعاية لاعبين مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو (نايكي)، والألماني مسعود أوزيل (أديداس)، والفرنسي أنطوان غريزمان (بوما)، تهدف بالطبع إلى استقطاب الجمهور وتشجيعه على شراء منتجاتها التي تروج لها وتسوقها من خلال هؤلاء النجوم.
وبين حذاء «ميرسورييل» الخاص بنايكي، و«إيس» التابع لأديداس، أو إيفوسبيد الخاص ببوما، سيكون أمام محبي كرة القدم مرة أخرى مروحة واسعة من الخيارات في ما يخص الحذاء الرياضي، لكن كيف بالإمكان إقناع الشاري المستقبلي؟. بالنسبة لريشار توسييه، المدير العام لشركة بوما في فرنسا، الخيار يرتكز على «حافزين».
وواصل: «الأول هو حافز وظيفي: هل هذا منتج يناسب أسلوب لعبي بشكل أفضل؟، والثاني هو هل اللاعب الذي أحبه كثيرا يرتدي هذه الماركة؟ ولهذا السبب لدينا أنطوان غريزمان وأوليفييه جيرو»، أي ثنائي خط الهجوم في المنتخب الفرنسي المضيف.
ورغم غياب الألماني ماركو رويس، والإيطالي ماركو فيراتي عن النهائيات القارية بسبب الإصابة، ستكون بوما ممثلة بشكل جيد من خلال غريزمان الذي تألق هذا الموسم مع فريقه أتلتيكو مدريد الإسباني ووصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، كما يعول عليه ليكون مفتاح نجاح فرنسا في البطولة القارية.
وكما حال الأندية التي تسعى دائمًا لخطف خدمات أفضل اللاعبين، تبحث شركات التجهيزات الرياضية عن أفضل اللاعبين لارتداء أحذيتها، هذه التجارة التي تبلغ قيمتها 5ر2 مليار يورو، وتشكل 44 في المائة من مجمل مبيعات التجهيزات الرياضية بحسب مؤسسة «بي آر ماركيتينغ».
ويقول رينو فاسكالد، المحلل الرياضي في مؤسسة «إن بي دي غروب» الاستشارية لوكالة الصحافة الفرنسية: «خلال مباراة في كرة القدم ترون النجم 500 مرة مع منتج لأديداس، نايكي أو بوما. وهذا أفضل من شراء 30 ثانية من إعلان تلفزيوني على تي إف 1 (225 ألف يورو تقريبًا)»، مشيرا إلى أن شركات التجهيزات الرياضية تفضل أن تكون موجودة على شاشات التلفزة لدقائق المباراة التسعين، من خلال شراء عقد رعاية لاعبين مثل الفرنسي بول بوغبا الذي يدافع عن ألوان يوفنتوس الإيطالي. وكان بوغبا آخر المنضمين «الكبار» إلى شركة أديداس بعدما وقع معها في مارس (آذار) الماضي عقد رعاية، لينضم بذلك إلى نجم برشلونة الإسباني والمنتخب الأرجنتيني ليونيل ميسي، أو نجم ريال مدريد الإسباني والمنتخب الويلزي غاريث بيل.
وقد دفعت أديداس مبلغ 40 مليون يورو مقابل التعاقد مع بوغبا لعشرة أعوام بحسب صحيفة «غازيتا ديلو سبورت» الإيطالية.
ومن الأهداف الأساسية التي تدفع شركات التجهيزات الرياضية إلى التعاقد مع لاعب معين هي قدرته «على جذب هواة كرة القدم، إلى جانب استقطاب نوع آخر من الجمهور المرتبط باللعبة بشكل أقل»، وذلك بحسب ما قال لوكالة الصحافة الفرنسية جان - فيليب دانغلاد صاحب كتاب «التسويق والمشاهير».
وهذا الأمر يتحقق من خلال إشراك هؤلاء النجوم بإعلانات تبث على شاشات التلفزة ومواقع إلكترونية مثل «تويتر» وفيسبوك، كما حال شركة نايكي التي اختارت الحديث عن مشوار لاعب منتخب فرنسا بلاز ماتويدي من أيام شبابه، وصولا إلى مشاركته مع منتخب بلاده، وذلك بهدف «سرد قصة تتجاوز كرة القدم» بحسب ما يشير دانغلاد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».