تونس: نقابتا «العمال» و«رجال الأعمال» تتحفظان عن المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية

المعارضة اعتبرتها محاولة لتعويم الفشل وتوزيعه بين مختلف الأطراف

تونس: نقابتا «العمال» و«رجال الأعمال» تتحفظان عن المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية
TT

تونس: نقابتا «العمال» و«رجال الأعمال» تتحفظان عن المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية

تونس: نقابتا «العمال» و«رجال الأعمال» تتحفظان عن المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية

طغت الحسابات السياسية على مواقف الأطراف المدعوة للمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية التي دعا لها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.
وفيما اتخذت بعض الأحزاب السياسية مواقف واضحة من عملية التغيير السياسي، فإن نقابتي العمال ورجال الأعمال وهما الطرفان القويان في المعادلة السياسية والاجتماعية لم يكشفا بعد عن موقفهما، وخيّرا التريث عن الإعلان عن مواقف قد تحسب ضدهم خلال الفترة المقبلة في حال فشل تشكيل تلك الحكومة.
ومنذ إعلان الباجي عن هذه المبادرة، اتجهت الأنظار إلى مواقف الأطراف الاجتماعية التي ساهمت في إنجاح الحوار السياسي الذي أخرج تونس من أزمتها السياسية سنة 2013، وقادها إلى الحصول على جائزة نوبل للسلام لسنة 2016.
وعبرت أطراف نقابية عن رفضها المشاركة في الحكومة بصفة مباشرة والبقاء خارج لعبة السلطة. وصرح حسين العباسي رئيس نقابة العمال، بهذا الصدد، بأن الاتحاد لا يرغب في الحكم، ولا يطمع في السلطة بأي شكل من الأشكال، ولكنه معني بالشأن الوطني.
ولم يبتعد موقف الاتحاد الصناعة والتجارة (نقابة رجال الأعمال) عن موقف نقابة الأعمال، إذ صرحت وداد بوشماوي، رئيسة النقابة، بأن مشاركة الاتحاد في حكومة وحدة وطنية من عدمها سيحددها المكتب التنفيدي في اجتماع سيعقده قريبا. وأكدت بوشماوي في تصريح إعلامي أن نقابة رجال الأعمال تدعم كل مبادرة تدفع في اتجاه الوحدة الوطنية، وأن ورود اسم الاتحاد ضمن الأطراف التي ستشكل الحكومة يدل على الثقة في المنظمة النقابية.
كما ذكّرت بوشماوي بدعوة الأطراف الحكومية والاجتماعية إلى توحيد برنامج اقتصادي واجتماعي نظرًا لحالة التشنج التي تعيشها الجهات الداخلية، وأكدت أن قرار المشاركة في الحكومة سيتخذ بشكل جماعي من قبل هياكل الاتحاد. وبشأن هذا التذبذب في المواقف والخوف من التورط السياسي والاجتماعي، قال المحلل السياسي جمال العرفاوي أن الرئيس التونسي يريد من خلال مبادرته أن يجر نقابة العمال (الاتحاد العام التونسي للشغل) إلى حلبة المعركة الاجتماعية، «فهو يدرك أن الهياكل النقابية باتت تتحكم في الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وهي تثقل كاهل الدولة من خلال مطالبها الاجتماعية، وخصوصًا ما تعلق منها بالزيادة في الأجور. كما يدرك كذلك أن تحييد دور الاتحاد في الاحتجاجات الاجتماعية سيجني من خلاله الكثير على المستوى الاجتماعي، وفي مقدمة ذلك إقرار هدنة اجتماعية وعودة التونسيين إلى الإنتاج».
وكان الرئيس التونسي قد تقدّم الخميس الماضي بمقترح لتشكيل حكومة وحدة وطنية تحظى بتأييد أغلبية الأطياف السياسية والاجتماعية، وتضم الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (نقابة رجال الأعمال)، إلى جانب الائتلاف الرباعي الحاكم ممثلا في حزب النداء، وحركة النهضة، وحزبي آفاق تونس، والوطني الحر، وبعض الوجوه السياسية المستقلة وممثلين عن أحزاب المعارضة.
ولم تسلم هذه المبادرة من الانتقاد اللاذع، إذ اعتبرتها أحزاب المعارضة في تونس إقرارا واضحا بفشل الرباعي الحاكم في إدارة السلطة، ونظرت إليها كمحاولة لتعويم الفشل وتوزيعه بين مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية في البلاد، بما يشكل رسالة سلبية، سواء للداخل أو للخارج.
وفي هذا الشأن، قال رياض الشعيبي، القيادي السابق في حركة النهضة ورئيس حزب البناء الوطني، إن فكرة حكومة الوحدة الوطنية غير قابلة للتطبيق أو النجاح. وعلل ذلك بتناقض الأطراف المدعوة للمشاركة في تركيبتها بما يجعل النقاش حول برنامج العمل أمرًا عبثيًا لن يؤدي لنتيجة مجدية، على حدّ تعبيره.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.