روسيا تحدد أسبوعين قبل أن تباشر ضربات أحادية الجانب ضد «النصرة»

تسريب إعلامي يظهر تململها إزاء «مماطلة» واشنطن

روسيا تحدد أسبوعين قبل أن تباشر ضربات أحادية الجانب ضد «النصرة»
TT

روسيا تحدد أسبوعين قبل أن تباشر ضربات أحادية الجانب ضد «النصرة»

روسيا تحدد أسبوعين قبل أن تباشر ضربات أحادية الجانب ضد «النصرة»

لم تعد موسكو تخفي استياءها من المماطلة الأميركية بخصوص القرار حول العمل المشترك في سوريا بين القوات الجوية الروسية وقوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب.
وكانت موسكو قد عبرت رسميا عن هذا الاستياء على لسان وزير الخارجية الروسي أكثر من مرة، آخرها، منذ أيام حين حدد لافروف مهلة جديدة للولايات المتحدة حتى نهاية الأسبوع الحالي؛ كي ترد على الاقتراح الروسي بشأن الضربات الجوية المشتركة ضد مواقع «جبهة النصرة» والمجموعات المسلحة التي لم تنضم إلى اتفاق وقف إطلاق النار. ويوم أمس، انضمت إلى تلك التحذيرات والمهل الجديدة تسريبات عبر وسائل الإعلام الروسية، حيث ذكرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية بناء على ما قالت: إنها معلومات متوافرة لديها بأن «موسكو مستعدة لانتظار الجواب النهائي من واشنطن قرابة أسبوع ونصف الأسبوع إلى أسبوعين، وبعد نهاية هذه المهلة ستبدأ المقاتلات الروسية في تنفيذ ما أعلن عنه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو»، أي توجيه الضربات من جانب واحد ضد «جبهة النصرة» ومنتهكي وقف إطلاق النار، إن لم توافق الولايات المتحدة على التعاون مع روسيا في هذه الضربات.
وتشير الصحيفة إلى أن روسيا والولايات المتحدة تحاولان منذ بداية العملية العسكرية في سوريا صياغة آلية عمل مشتركة ضد العدو المشترك، ممثلا بجماعات مثل «جبهة النصرة» و«داعش». وتنقل «كوميرسانت» عن مصدر عسكري - دبلوماسي رفيع المستوى قوله: «لقد كانت لدينا الفرص للتوصل إلى اتفاق حول كل القضايا، وأن نضع النقاط على الحروف، ونبدأ عملا متكاملا مثمرا، إلا أن الزملاء الأميركيين، وبمبررات ما غير مفهومة، ماطلوا وما زالوا يماطلون في اتخاذ القرار حتى تلك اللحظة التي لن يعود فيها لذلك القرار أي دور». ويوضح المصدر، أن فكرة وقف إطلاق النار كانت تقوم على أن تتم التهدئة، واتفق الرئيسان بوتين وأوباما على وضع قوائم مجموعات المعارضة التي لن يتم توجيه ضربات له من أي جانب، وتحديد المجموعات التي يمكن أن تصبح أهدافا لضربات مشتركة في مناطق انتشار الإرهابيين، ليؤكد بعد هذه المقدمة أن «الجميع رحب بالفكرة حينها، إلا أن عقبات ظهرت خلال تنفيذها، هناك، حيث لم يكن متوقعا ظهور أي عقبات».
وترى الصحيفة، أن التأخير في التوصل إلى اتفاق على العمل المشترك مع الولايات المتحدة يسبب القلق لموسكو، ولا سيما أن نجاح قوات الأسد رهن بالدعم الجوي الروسي، ودون ذلك بالكاد ستكون قوات النظام قادرة على الاحتفاظ بالمناطق التي سيطرت عليها مؤخرا، والأكيد لن تكون قادرة على شن أي عمليات هجومية. وبالنظر إلى كثافة الهجمات التي تشنها «جبهة النصرة» والمجموعات الأخرى، فمن الواضح أن القوات السورية ستكون في حاجة إلى الدعم في وقت قريب، حسب الصحيفة التي تضيف: إنه «بهذه الحال وإذا قدمت موسكو الدعم الجوي للقوات السورية، فإن واشنطن ستتهمها بإفشال اتفاق وقف إطلاق النار، وضرب المعارضة السورية، وإذا لم تقدم موسكو الدعم الجوي فعندها من غير الواضح كم ستتمكن القوات الحكومية من الصمود».
وبينما تنتظر موسكو الرد من واشنطن، تقدم الأخيرة الدعم لقوات سوريا الديمقراطية في الرقة وقطع طرق إمداد «داعش»، وتواصل تجاهلها لما أبدته روسيا من استعداد بمشاركة قواتها الجوية في معركة الرقة، وهو الأمر الذي رأى فيه مصدر من قيادة الأركان الروسية «رغبة أميركية في استعادة سمعتها وهيبتها، بعد أن ساعدت القوات الجوية الروسية في تحرير مدينة تدمر».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم