مصر تسهر على الطرب الأصيل بصوت محمد عبده

قدم في مسرح الأوبرا أعمال الملحن طلال.. وأكد في المؤتمر الصحافي أن الألقاب لا تصنع الفنان

من حفل الفنان محمد عبده ({الشرق الأوسط})
من حفل الفنان محمد عبده ({الشرق الأوسط})
TT

مصر تسهر على الطرب الأصيل بصوت محمد عبده

من حفل الفنان محمد عبده ({الشرق الأوسط})
من حفل الفنان محمد عبده ({الشرق الأوسط})

يصدح صوت فنان العرب محمد عبده ليعيد الأمل للأغنية «الطربية»، وليؤكد أن الأغنية الطربية هي الهوية الوحيدة لفننا، مهما طالها من غيمة الكلمة الباهتة واللحن «الهش»، يظهر ذلك الشموخ في أرض الكنانة «أم الفن»، ومن خلال مسرحها العظيم الأوبرا، ليوقف ذلك الصخب العقيم بصوته الشجي وتلك الجمل اللحنية العذبة محتضنة قصائد شعراء ارتبطوا بحب الأرض والوطن وأحبوا أنفسهم أولا فارتبطت أسماؤهم بوجدان كل عربي صادق «أحمد شوقي وبدر بن عبد المحسن وفائق عبد الجليل».
ويبقى عراب ذلك الجمال الملحن السعودي طلال يرفض دوما زعزعة تاريخه بتلك العوامل الجديدة، هويته حاضرة منذ الثمانينات الميلادية ونسمعها الآن بروح جديدة وأصالة قديمة. حضرت ألحانه وحيدة في ليلة «محمد عبده» الثلاثاء الماضي، قدم الفنان السعودي أعمالا غنائية لأهم عمالقة الشعر العربي، بحضور جمهور ذواقة للفن حضروا بدعوات خاصة للسماع الطرب الأصيل. بدأ محمد عبده وصلته الغنائية مع الموسيقار المصري أمير عبد المجيد الذي قاد 90 عازفا، وجاءت وصلته الأولى «عالي السكوت»، وهي واحدة من الأعمال الجديدة للملحن طلال كتبها الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن، واستمر الفنان القدير بتقديم مجموعة كبيرة من أعماله، وتوقف في فاصل قرابة الساعة وأكمل مغيرا زيه السابق بالزي السعودي الرسمي، حيث صمم جميع ملابسه المصمم العالمي سراج سند.
وأكمل الوصلة الثانية محمد عبده مع الموسيقار المصري وليد فايد وقدم في الوصلة الكثير من روائعه الفنية ومنها «بعلن عليها الحب» و«الله معاك» للشاعر الشهيد فايق عبد الجليل، و«روحي فداه» لأمير الشعراء أحمد شوقي، وأيضا «ليالي نجد» و«مسيره يرد» «خريف» و«خريف» و«انا حبيبي» و«هلا بالطيب الغالي» وغيرها من الأعمال.
وعلى هامش حفل الأوبرا الذي أحياه محمد عبده، لم يكن مجرد إحياء حفل غنائي فقط، بل شهد توزيع دعوات رسمية من خارج مصر للكثير من الشخصيات الفنية السعودية وغيرها لحضور المناسبة، خاصة من الجانب الإعلامي العربي ومنهم الموسيقار الملحن طلال باغر والشاعر محمد حسين والروائي الكاتب عبده خال والفنان حسن اسكندراني والموسيقار أحمد فتحي والكاتب عبد الخالق الزهراني، ومن مصر حضر الفنان إيهاب توفيق والفنانة عفاف شعيب، ومن بين حضور الحفل أبناء محمد عبده «عبد الرحمن، وبدر، وخالد»، وتابع تفاصيل وتنظيم الحفل طاقم شركة روتانا للصوتيات والمرئيات برئاسة سالم الهندي. وكان محمد عبده قد أجرى تسع بروفات مكثفة لجميع الأغاني التي تغنى بها بالحفل، ومن المتوقع عرض وقائع الحفل بعد شهر رمضان في قنوات روتانا موسيقى، وأقام محمد عبده مؤتمرا صحافيا تحدث فيه في الكثير من الجوانب الفنية وامتدح من خلاله الفنانة القديرة نوال الكويتية، وأشاد بصوتها وتاريخها الفني، وقال إن فنها لا يستطيع أحد أن يجاريها فيه، مؤكدا أن الألقاب لا تصنع الفنان.



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».