تأهب إسرائيلي كبير في البحر الأحمر تحسبًا لعمليات «داعشية» على إيلات

سفن حربية إسرائيلية وأخرى مصرية وثالثة أردنية تجوب الخليج

تأهب إسرائيلي كبير في البحر الأحمر تحسبًا لعمليات «داعشية» على إيلات
TT

تأهب إسرائيلي كبير في البحر الأحمر تحسبًا لعمليات «داعشية» على إيلات

تأهب إسرائيلي كبير في البحر الأحمر تحسبًا لعمليات «داعشية» على إيلات

تقوم قوات سلاح البحرية في الجيش الإسرائيلي باستعدادات كبيرة في البحر الأحمر؛ تحسبا لعمليات هجومية قد تقدم عليها قوات «داعش» وأمثالها المنتشرة في سيناء وغيرها، وتستهدف مدينة إيلات الساحلية. ويجري تنسيق هذه الاستعدادات، سوية مع قوات اليابسة والجو، اللتين تراقبان الحدود البرية الطويلة ما بين إسرائيل وسيناء (240 كيلومترا)، وتم إغلاق الشارع المحاذي للحدود أمام حركة سير المدنيين.
وقال مسؤول كبير في البحرية، لمندوب «الشرق الأوسط» الذي التقاه في إيلات: إن «هناك ألوف المقاتلين (بعد السؤال وافق على تقدير عيني أكثر للعدد بنحو 3 – 4 آلاف مقاتل)، من (داعش)، يمكنهم العمل من سيناء وغيرها في سبيل اختراق الحدود مع إسرائيل. وإزاء إخفاقات وهزائم (داعش) في العراق وسوريا، يبتغون توجيه ضربة ضخمة أو أكثر، تعيد لهم البريق الذي فقدوه. ومن بين أهدافهم المتوقعة، ضرب مدينة إيلات أو أي هدف إسرائيلي آخر، إضافة إلى عملياتهم ضد الجيش والشرطة المصريين». وتابع: «إن الجيش وقوات الأمن الأخرى المصرية، هي أيضا تكثف نشاطاتها لصد الإرهابيين».
المعروف أن إيلات تعد من أهم البلدات السياحية في إسرائيل؛ إذ يزورها للاستجمام نحو 3 ملايين سائح في السنة. وهي تتقاسم مع مدينة العقبة الأردنية، رأس البحر الأحمر، الذي ينعطف نحو خليج العقبة. وبالنسبة لإسرائيل، فإن أطول حدود لها تلتقي في هذه المنطقة: نحو 500 كيلومتر مع الأردن، و240 كيلومترا مع مصر. وقد سبق أن تمت محاولات لقصف مدفعي أو صاروخي من الأراضي الأردنية والمصرية باتجاه إيلات، أو ضد سيارات عسكرية ومدنية إسرائيلية على الطريق. وبنت إسرائيل جدارا من السياج المزود بالرقابة الإلكترونية، والمجسات على الحدود مع مصر. وباشرت في بناء جدار مماثل على الحدود الجنوبية مع الأردن. ولكن التهديدات الحالية تبدو مقلقة أكثر، حيث إن الحديث يجري عن إنذارات ساخنة من أطراف عدة تشير إلى احتمال ضم إسرائيل إلى جبهة أهداف «داعش»، بعد أن كانت قد ركزت كل عملياتها الدامية حتى الآن ضد العرب والمسلمين. وقد وضعت إسرائيل قوات جيشها وحرس حدودها وشرطتها وحتى حراس الأمن في الفنادق في حالة تأهب دائمة.
وأضاف: «ليس (داعش) وحده من يهدد، فما زال هناك نشاط في سيناء لقوات من حماس. وهي تنسق وتتعاون مع (داعش). ولا أستبعد اشتراكهما في عمليات ضد إسرائيل». وأوضح لنا بالخرائط كم هي قريبة المسافة، بين نقطة الانطلاق لهذه القوى وبين إيلات، قائلا: «نحن متيقظون لكل احتمال، ولكن الخطر قائم، ويكفي بضع دقائق حتى ينتقلوا إلى هنا». وعن مدى جدية هذا التهديد، وإن كان تنفيذ العمليات سهلا، أجاب: «لا بالطبع، المسألة لن تكون سهلة عليهم. فنحن جاهزون لصد أي هجوم. وفي أسوأ الحالات، يمكن أن يصلوا، فنعرف كيف نمتص الضربة الأولى ونرد بشكل قاس وماحق. فالإرهاب لن ينتصر». وقدم مثلا من إلقاء القبض على سفينة كارين A، التي نقلت الأسلحة إلى منظمة التحرير الفلسطينية قبل 15 سنة، وسفينة «كالوسي» قبل سنتين. كما ذكر عمليات فلسطينية ومصرية قديمة تمت في خليج العقبة بهدف تدمير سفن إسرائيلية.
وبالإضافة إلى وسائل الرصد الاستخباراتي والنشاطات السرية، يُشاهد بشكل واضح في خليج العقبة، حراك السفن الحربية الإسرائيلية، وتشاهد مقابلها السفن الحربية المصرية والأردنية أيضا. وهي تقيم الدوريات باستمرار وفي أوقات متقاربة. وتنزل الغواصة للفحص في أعماق البحر. ومع أن الضابط الإسرائيلي نفى أن يكون هناك أي تنسيق بين قواته والقوات العربية، المصرية أو الأردنية، فقد أكد أن «داعش وأمثاله، أجبرت الجميع على وحدة المصالح والأهداف في الحرب ضد الإرهاب».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.