حاتم العراقي «ملك المواويل» يتألق في ليلة الطرب الشرقي بمهرجان موازين

الفرنسي متر جيمز: الموسيقى رسالة للسلام في هذه الظروف الصعبة

الفنان حاتم العراقي في «موازين».. وفي الاطار ميتر جيمس
الفنان حاتم العراقي في «موازين».. وفي الاطار ميتر جيمس
TT

حاتم العراقي «ملك المواويل» يتألق في ليلة الطرب الشرقي بمهرجان موازين

الفنان حاتم العراقي في «موازين».. وفي الاطار ميتر جيمس
الفنان حاتم العراقي في «موازين».. وفي الاطار ميتر جيمس

بصوت شجي يحمل طابع الحنين والوجع، قدم المطرب حاتم العراقي باقة من أجمل أغانيه في ليلة خاصة بالطرب الشرقي بمهرجان موازين في الرباط، تجاوب معه جمهوره الذي يحفظ الإبداعات التي صنعت مساره الحافل، ومنها أغنيات: «متى ترجع ليالينا»، «يا طير يا مسافر»، «ذكرتك»، «شعلومة»، ليؤكد الفنان حاتم العراقي أحقيته بلقب «ملك المواويل».
يذكر أن العراقي من مواليد بغداد، بدأ مساره نهاية سنوات الثمانينات، وظهر على الشاشة لأول مرة سنة 1991 من خلال أغنية «تمنيت». تشكل أغانيه مرآة للتراث التاريخي والثقافي العراقي، حيث يشتغل مع أكبر الملحنين والشعراء بالعراق، كفتح الله أحمد، والشاعر الشهير كريم العراقي الذي يعتبر الأب الروحي لكل الفنانين العراقيين، وكذا الملحن صلاح البحر.
بدوره تألق الفنان العراقي الشاب وليد الشامي الذي أحيى الشطر الأول من الحفل في أداء مجموعة من القطع التي عكست جمال صوته فضلا عن موهبته التلحينية، باعتباره من أبرز الملحنين في منطقة الخليج العربي. والشامي سليل أسرة فنية لمع فيها أيضا نجم أخويه رائد وسعدون الشامي. كانت له بداية قوية بتعاونه كملحن مع ماجد المهندس بأغنية «يبوية مشكلة»، قبل أن ينطلق كملحن معترف بموهبته في أغنية «المهاجر» التي أداها حاتم العراقي. وواصل وليد قصة نجاحه موسيقيا بعمله مع أبرز النجوم العرب على غرار راشد الماجد، عبد المجيد عبد الله، فايز السعيد، أصيل أبو بكر ونوال الكويتية ثم حسين الجسمي. وكان الفنانان العراقيان قد أعربا عن إعجابهما بكون المغاربة منفتحين على مختلف الثقافات واللهجات العربية، ويمكنهم بسهولة أن يتذوقوا أسلوبهما الموسيقي، مشيدين بروعة الأغنية والأصوات المغربية، والفرح بالحياة لدى الشعب المغربي وشغفه بالموسيقى الجميلة». وأعرب الشامي عن إعجابه بالموسيقى والإيقاعات الموسيقية المغربية، مشيرا إلى أنه راهن في أغنية «أحبك ليش»، التي عرفت نجاحا كبيرا في العالم العربي، على مزج غير مسبوق بين الكلمات بلهجة عراقية والإيقاعات المغربية. وأشار، من جهة أخرى، إلى أنه في السياق الحالي الذي يتميز باحتداد الحروب والنزاعات، يعد الفنانون «حمائم سلام» إذ «يساهمون من خلال موسيقاهم في رسم الابتسامة، والتخفيف من آلام من يوجدون في مناطق النزاع».
وقال حاتم العراقي إنه يشتغل حاليا مع الشامي على أوبريت مُهدى للعراق، بمشاركة الكثير من الفنانين العرب، موضحا أن الموال يشكل نوعا من تاريخ قصير يعكس ما عاشه أشخاص وينقل أحاسيسهم ومعاناتهم.
من جهة أخرى، وفي مجال الموسيقى الغربية، قدم مغني الراب الفرنسي الشهير، ميتر جيمز، حفلا متميزا، كما وعد بذلك خلال مؤتمره الصحافي الذي قال فيه إنه «سيعطي كل ما لديه» حتى يشعر الجمهور الحاضر بأن حفل الليلة «أفضل حفل لي».
ولد جيمز واسمه الحقيقي «غاندي دجونا» بكينشاسا (الكونغو الديمقراطية)، قبل أن يرحل إلى فرنسا وعمره لا يتجاوز السنتين، ويصبح سنة 2009 قائدا لفرقة «سيكسيون داسو» التي حاز معها على ستة أقراص بلاتين وقرص من الماس، ليستهل في عام 2013، مسيرته الفردية بإطلاق ألبوم بعنوان «سوبليمينال» الذي يتضمن أغنية «بيلا»، التي تجاوزت عتبة 200 مليون مشاهدة على موقع «يوتوب». وقال جيمز، الذي يعشق المغرب ويعرفه منذ سنوات خاصة مدينة مراكش، حيث يفضل قضاء عطلته، إنه «شرف عظيم أن أغني في مهرجان موازين»، «واحد من أكبر المهرجانات التي تستقطب نجوما ومشاهير كبارا من العالم بأسره».
وعبر أيضا عن إيمانه بقوة الموسيقى وقدرتها على التأثير، بعيدا عن الدائرة السياسية، وباعتبارها رسالة أساسية للسلام في هذه الظروف الصعبة». وأكد المغني الفرنسي، الذي يعتز بأصوله الكونغولية، أنه منفتح على التعاون مع فنانين أفارقة، وهو انفتاح يعكس أيضًا التزامه بالعمل لصالح تنمية القارة الأفريقية، الذي يتجسد من خلال مؤسسته التي تعمل على توفير الماء الصالح للشرب بالمناطق النائية.
وقال المغني والموزع الفرنسي، الذي لا يستبعد إمكانية العودة مع رفاقه القدامى بفرقة «سيكسيون داسو»، إن «تجربة الغناء الفردي، مغامرة جميلة ومختلفة، مع تحديات جديدة، وأن تكون وحيدا على الخشبة يتطلب مسؤولية أكبر».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».