3 مليارات دولار لحل «أزمة العملة» في اليمن

تحذيرات من وصول معدل التضخم إلى 50 في المائة

البنك المركزي اليمني (رويترز)
البنك المركزي اليمني (رويترز)
TT

3 مليارات دولار لحل «أزمة العملة» في اليمن

البنك المركزي اليمني (رويترز)
البنك المركزي اليمني (رويترز)

ارتفعت الضغوط التضخمية في اليمن بصورة ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، لتصل إلى نحو 35 في المائة، بحسب مصادر يمنية توقعت ارتفاعها إلى 50 في المائة حال استمرار الأزمة الاقتصادية الحالية، المتمثلة في انهيار قيمة العملة المحلية الريال.
ويعاني اليمنيون من ارتفاعات متتالية في أسعار السلع والخدمات، وسط فوضى اقتصادية تسببت فيها جماعة الحوثي منذ سيطرتها على البنك المركزي اليمني، وأصدر البنك المركزي اليمني، تعليمات أخيرًا بخفض سعر العملة المحلية إلى 250 ريالاً مقابل الدولار الواحد، من سعر سابق بلغ 215 ريالات.
وبلغ الاحتياطي النقدي في اليمن، بحسب تصريحات حكومية، أقل من ملياري دولار نزولاً من 5 مليارات دولار، قبل بدء الأزمة الحالية، ومن المتوقع أن يغطي الاحتياطي الحالي، قيمة الواردات من البلاد لفترة أقل من ثلاثة أشهر فقط. وأوضح مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «العملة اليمنية تواجه مأزقًا حقيقيًا عقب استنزاف الاحتياطي النقدي، وفي ظل توقف جميع مصادر العملة الأجنبية في اليمن. هذا التدهور بالتأكيد ينعكس على أسعار السلع والخدمات، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية للمواطنين اليمنيين وزيادة معدلات الفقر».
وطالب نصر بـ«ضخ عملة أجنبية إلى السوق لتغطية زيادة الطلب، أو فتح اعتمادات لدى البنوك في الخارج لتغطية اعتمادات الاستيراد للسلع الأساسية والمشتقات النفطية»، مشيرًا إلى أهمية دور دول الخليج الداعمة لليمن للحفاظ على الشرعية.
وقدر المبلغ المطلوب لحل أزمة العملة الحالية بنحو «3 مليارات دولار على الأقل». لكنه أشار إلى أن الأزمة الحالية تكمن في أن البنك المركزي اليمني يقع تحت سيطرة جماعة الحوثي. وأضاف نصر: «أي دعم حالي سيبدو كأنه دعم لجماعة الحوثي المسيطرة على البنك المركزي والعاصمة صنعاء، وهو ما لا تقبله دول التحالف العربي بقيادة السعودية»، مؤكدًا أن اتهامات قوية تشير إلى أن الحوثيين يستنزفون نحو 25 مليار ريال شهريًا لتمويل الحرب، ولذلك فإن تقديم دعم نقدي للعملة من قبل دول الخليج والمؤسسات الدولية والدول الكبرى يتطلب حلاً سياسيًا.
ودعا مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي أخيرًا، إلى إنقاذ العملة اليمنية، عقب الانهيار الحاد في سعر الريال مقابل العملات الأجنبية خلال الأيام الماضية، مما أدى إلى حدوث نسبة عالية من التضخم لتنعكس في شكل تداعيات سلبية على أسعار السلع والخدمات الأساسية.
واقترح المركز في مذكرة بحثية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، «تقديم دعم نقدي مباشر وعاجل للبنك المركزي اليمني من قبل دول الخليج والدول العشر الكبرى، بحيث توضع في البنك المركزي اليمني كودائع، أو عبر فتح خطوط ائتمانية لصالح البنك المركزي أمام البنوك المراسلة الخارجية»، مشيرًا إلى أن هذا يتطلب حلاً سياسيًا يستعيد الدولة ومؤسساتها، ويضمن استقلالية البنك المركزي، وبرعاية إقليمية ودولية.
وأوضح أنه في حال لم يتم التوصل إلى مثل هذا الحل فإن «البديل يتمثل في إنشاء وحدة مصرفية تعني بالتجارة الخارجية ودعم استقرار العملة وتعمل خارج النظام الآلي الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي في صنعاء، ويصدر بها قرار جمهوري استثنائي بحيث لا يتعارض نشاطها مع النظام الكلي للبنك المركزي، وإنما يكون أشبه بمصرف مصغر»، داعيًا إلى سرعة ترحيل العملات النقدية الأجنبية الخاصة بالبنوك المحلية إلى الدول المجاورة لتغطية الاعتمادات الخارجية للبنوك، و«هذا سيخفف من الضغوط على طلب العملات الصعبة في السوق المحلية».
وأشار المركز إلى أن الاقتصاد اليمني دخل مرحلة الانهيار، موضحًا أن «المعالجات الترقيعية لم تعد مجدية بعد استنزاف الاحتياطي النقدي للبنك المركزي من العملات الأجنبية، حتى وصل إلى مليار و100 مليون دولار، بحسب إفادة وزير الخارجية، بما فيها الوديعة السعودية ومقدارها مليار دولار.. مقارنة بمبلغ 4.7 مليار دولار قبل سيطرة جماعة الحوثي على السلطة في سبتمبر (أيلول) 2014، وكذلك اشتداد حالة المضاربة بالعملات الصعبة وشحها في السوق مع تصاعد مخيف للدين المحلي والخارجي وتوقف جميع مصادر العملة الأجنبية باستثناء عائدات المغتربين».
وحمل المركز، جماعة الحوثي والحكومة الشرعية، مسؤولية انهيار الريال بدرجات متفاوتة، موضحًا أن ما حدث كان نتيجة حتمية للممارسات في الجانبين السياسي والاقتصادي منذ سيطرة جماعة الحوثي بقوة السلاح على العاصمة اليمنية صنعاء، وتمددها إلى بقية المحافظات، ودخول البلاد في حرب وحصار وتوقف جميع مصادر العملة الصعبة.
وأشار المركز إلى أن «جماعة الحوثي تتحمل مسؤولية هذا الانهيار بالدرجة الأولى كونها سلطة الأمر الواقع، حيث عملت على استنزاف الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، إضافة إلى ممارساتها التي أدت إلى توقف جميع المساعدات الخارجية وفتح المجال لاستيراد المشتقات النفطية دون توفير غطاء من النقد الأجنبي، وخلق سوق سوداء ونظام اقتصادي غير رسمي، وممارسات أدت إلى هروب مليارات الدولارات من اليمن إلى الخارج». كما تتحمل الحكومة الشرعية جزءًا من المسؤولية كونها معنية بإدارة البنك المركزي اليمني، وتم الاتفاق مع سلطة «الأمر الواقع» في صنعاء برعاية الدول الكبرى بأن تظل إدارة البنك المركزي في صنعاء، وبالتالي فإن مسؤوليتها مراقبة أداء البنك المركزي ووضع الاحتياطي وعلاقته بالخارج، لا سيما أن معظم نشاطه مرتبط بالخارج.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.