أنشودة الصلصال في معرض فني بالقاهرة

سمر صلاح.. نوعت أوتاره في «عالم الحكايات»

من لوحات المعرض
من لوحات المعرض
TT

أنشودة الصلصال في معرض فني بالقاهرة

من لوحات المعرض
من لوحات المعرض

«الفن حدوتة» ينتابك هذه الإحساس بقوة وأنت تتجول في معرض الفنانة الشابة سمر صلاح «عالم الحكايات»، الذي استضافه حديثًا «غاليري المركز المصري للتعاون الثقافي الدولي بالقاهرة».. رسومات بخامة الصلصال، يتعانق في ظلالها حيوانات وبشر وطيور وأطفال وزهور ونباتات، تشع بمرح وحنان في أحضان الطبيعة، وتدعوك لأن تلمس نبضها، وتصغي لحكايات شجية، يختلط فيها الواقع بعالم الخرافة والسحر والحلم والأسطورة. ولا تندهش، وأنت تضحك بتلقائية، وتكاد تقفز فوق الأشجار كقرد صغير، تتخيل أنه يقول لك: أهلا يا صاحبي، أو تحلق مثل عصفورة تناديك: هيا نبني العش، أو تغمز كسمكة لم يخدعها صخب الأمواج.. أنت هنا طفل كبير، وستخطفك لوحات المعرض إلى عالم الطفولة، طفولة الفن والعناصر والأشياء.
صقلت سمر صلاح موهبتها بالدراسة الأكاديمية، ومنحها حبها للفن وعيًا ثاقبًا بفلسفته، وعلاقته بالواقع الحي، ومقدرته على تنمية الخيال وروح الابتكار، خاصة لدى الأطفال، لذلك اختارت الانحياز إلى خامة الصلصال، وهي خامة رخوة مراوغة، أصبح التشكيل بها نادرًا في مصر والعلم العربي، حيث تعتمد على رهافة الملمس والرؤية كطاقة أساسية في تكوين الأشكال والرسومات، كما تحتاج إلى حساسية خاصة في التعامل مع الكتلة واللون والفراغ، فالرسم بالصلصال يكتسب دائمًا صفات النحت الجداري (الروليف).
وهو ما أدركته الفنانة من خلال الممارسة الحية والمتنوعة، حيث شاركت في كثير من المعارض وورش الرسم بالخامة نفسها، كما صدر لها كثير من كتب الأطفال، التي حولت عوالم قصصها وحكاياتها إلى صور ورسومات بالصلصال، فأصبحنا أمام متعة أدبية مركبة، حكايات شيقة كتبها أدباء متخصصون في أدب الطفل، ونص فني جذاب موازٍ لها.
يكشف المعرض عن وعي عميق بعوالم الطفل سيكولوجيًا واجتماعيًا وثقافيًا، وتحرص الفنانة على إبراز عنصر التشويق في اللوحات، وذلك بإقامة علاقة سردية مع المنظور، والحرص على شفافية الرموز والدلالات التي تصنعها عناصر ومقومات اللوحة، من خط ولون وتكوين، كما تحرص على توافر عنصر الحوار بين عين الطفل واللوحة أولا، حتى يحس بأنه أصبح جزءًا من نسيجها، ويعاود قراءتها بإيقاع من خياله وحواسه الغضة بمعنى آخر، تصبح اللوحة صديقته، التي يمكن أن يبادلها أسراره وأسئلته وهواجسه الدفينة، عما يحب ويكره ويأمل، سواء في واقعه الشخصي، وواقعه العلم الذي يعيش فيه.
يبرز هذا الهم في لوحات المعرض على نحو لافت: فعلى مستوى المضمون، تستقي الفنانة مفردات عالمة من واقع البيئة المصرية وتراثها الشعبي والحضاري الخصب، إضافة إلى الأساطير والمأثورات العربية والشرقية التي تتواءم مع هوية الطفل ووجدانه الخاص. وعلى مستوى الشكل تهتم الفنانة بإشاعة روح من البهجة والمرح في رسوماتها، فتستخدم الألوان المبهجة البراقة الساطعة حتى في مساحات التظليل، وذلك لإثارة حالة من الذبذبة النغمية، تشد عين المشاهد إلى أجواء اللوحة من الداخل، وفي الوقت نفسه، تكسب العلاقة مع اللوحات جوًا من الحميمية والطفولة.
وفي تنويعة على وتر لحن الحكايات الأساسي للمعرض تطعم الفنانة أفق العرض بعدد من لوحات البورتريه، أغلبها منفذ بأقلام الرصاص والفحم، وهي رسومات لأطفال ونساء ورجال، يبدون في حالات تعبيرية إنسانية خاصة، تشع منها أحيانًا روح من الأمومة والأبوة والأمان، تحت فضاء العائلة، وأحيانًا أخرى تبدو مسكونة بالقلق والخوف، والشعور بفقدان شيء ما، تحت وطأته تصبح الحياة رتيبة وثقيلة، خالية من ملامح البهجة والمرح.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».